الثلاثاء 13/11/1445 هـ الموافق 21/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قراءة : قوارب الموت ،،، و القضية الفلسطينية.....الدكتور ياسر الشرافي

 منذ أيام أصبح الفلسطينيون  على فاجعة غرق إحدى قوارب الموت بالقرب من السواحل التونسية ، على متنه مهاجرين  فلسطينين، مما أدى إلى مصرعهم و كثير من كانوا معهم ، حيث تلك الفاجعة ، تطل علينا بشكل متقطع من حين لآخر ، بالتأكيد لن تكون الأخيرة إلى أن تصبح تلك الفاجعة، فواجع مستمرة و نعيشها واقعاً كل يوم اذا لم نضع الأمور في نصابها الصحيح ، و هو لماذا خيروا هؤلاء الشباب بين الموت و الموت ، و ليست بين الموت و المستقبل ، و هذا الخيار الأسلم ، حيث هولاء الشباب ضاقت عليهم بؤس الحياة ليست بسبب تحرير فلسطين ، بل ضاقت عليهم فلسطين بسبب من اختطف قطاع غزة رهينة من أجل حكم فاشل، كباقي المقاربات السابقة في الخرطوم ، و القاهرة،  و تونس ، و ليبيا ، و اليمن ، ليستنتجوا بعد فوات الآوان أنهم أضاعوا فلسطين بكل ميراثها ، حيث من أبجديات السياسة و الخلق الحسن ، أن عندما تقدم برنامج انتخابي حتى تقنع به المواطنين ، يجب أن تصدق القول بما وعدت به الناس ، و بعد انتخابك يصبح ما وعدت به من تغيير و إصلاح لزاماً  عقداً بينك و بين من انتخبك ، حيث  شعار هؤلاء كان التغيير و الإصلاح ، لكن لم يطبق أي شي من هذا سوا الدمار و الخراب ، فحدث بلا حرج   ،كم من حرب وقعت في قطاع غزة ؟؟ و من أجل من ؟؟ من أجل تحرير فلسطين ؟؟ أين هي شواهد  التحرير ، هل  توسع قطاع غزة سنتيمتر واحد ؟، بل في ظل هؤلاء انكمش القطاع جغرافياً ، و حدث بلا حرج عن أعداد المرضى نسبة و تناسب مع عدد السكان ؟؟ إسأل ثم إسأل ، كم مدرسة حكومية شيدت في عهدهم ؟؟ كم من أعوام و مياه الصرف الصحي تصب في البحر و الذي هو المتنفس الوحيد لعامة الناس ؟؟، حيث أصبح شاطىء هذا البحر ليست شأن عام للتنزه ، بل لمن يدفع لا غير ؟ إسأل ثم إسأل كم ضريبة فرضت على شعب أعزل فقير  تحت مسميات تعجز الشياطين  على البوح فيها ، لنتذكر عندما فرضوا ضرائب باهضة على السجائر تحت غطاء المحافظة على صحة  المواطنيين ، و عندما أقلع كثير من المدخنين عن تلك العادة ، و أصبح العائد الضريبي من تلك السلعة شحيح ، قاموا نفس هؤلاء الربانيين بخفض ضريبة السجائر إلى ما كانت عليه تقريباً بالسابق ؟ من أجل ماذا كل هذا ؟ ، كل أوضاع غزة تُقاس بمقياس ضريبة السجائر ، حيث هؤلاء جُل أمرهم ليست التحرير بالمعنى الحقيقي ، بل المال و كيفية نهبه من المواطن ، و من المتبرعين للقضية الفلسطينية ، و من ثم نقل هذا المال إلى خارج فلسطين من أجل ماذا ؟؟ هل هذا من أجل تحرير فلسطين؟ ، بالواقع هؤلاء جماعة لجباية الخاوات ، تتحصل على المال دون أن تصرف ما تجبيه،  و ما يتبرع به الخيريين إلى قلاع انتاجية لتشغيل العاطلين عن العمل ، كم من مصنع شيد لعمل العاطلين فيه ؟؟ ، كم من أكاديمي غير عاطل عن العمل ؟؟، حيث أصبحت الجامعات رادف غزير لسوق العطالة الدائمة عكس عجلة التاريخ الطبيعية ، لماذا كل هذا ؟؟ هل هذا بسبب الاحتلال ؟؟  رغم وجود الاحتلال منذ عام ال ٤٨ و ما قبل و ما بعد ، لم تكن الحياة بهذا البؤس في غزة مقارنة بالماضي القريب ، لأن هؤلاء جزء من تيارات الدين السياسي من كل الديانات، يستعملون ما هو مقدس لتدنيسه من أجل الوصول لحكم فاشل بامتياز ، حيث هؤلاء ليست لهم فكرة او  أسس القدرة لادارة روضة أطفال حتى يديرو شؤون اثنين مليون انسان أو أكثر  ، من لم يعجبه طريقة فشلهم في الحكم فهو مرتد أو كافر في فتوة نفاق جاهزة منذ زمن ، من يريد أن يعلو صوته بسب هذا الظلم من وجه نظره فهو خائن يجب قتله و التنكيل به ، و بعد كل هذا يُعقل أن نتسال لماذا يموتون أبناءنا في وسط البحار بين أسماك القرش والسردين!!! ، لم يعد هناك بصيص أمل لهؤلاء الشباب في مستقبل الممكن من الحياة و لو بقسط من الكرامة ، حيث أُغلقت كل الممرات من أجل حياة شبه كريمة ، لولا غباء العدو الصهيوني على عرقلة  سفر  الفلسطينين عبر البحر ، لوجدنا كل سكان غزة  خارج القطاع ، و أولهم هؤلاء الذين يحكموا القطاع ، وبل سبقهم صاحب  شعار الزيت  الزعتر ، ليستقر مع حاشيته بين الدوحة و اسطنبول.  زبدة القول أن موت هؤلاء الشباب الأبرار يتحمل مسؤليته المطلقة من أجبر سكان القطاع أن يكونو طوابير من المتسولين و اليائسين من الحياة ،و الرحيل عن ما تبقى من فلسطين ، عكس الكيان الصهيوني الذي يستقبل عشرات الالاف من المهاجرين اليهود عددياً ، حيث الانتماء لفكرة الكيان الصهيوني تقوى و تتطور كل يوم ، بالمقابل أصبح منسوب الانتماء للقضية الفلسطينية في فلسطين عامة و قطاع غزة خاصة في تدهور متسارع خطير ، فمن أبجديات مقاومة أي شعب للغزاة هو أعطيني خبزاً و كرامة أعطيك مقاومة ، حيث هؤلاء لا يعطوا خبز فقط ، بل يسرقون خبزك و خبز الآخرين ، حتى يسجل التاريخ بين سطوره ، كيف سطر هؤلاء كما الآخرين مسار شعبهم من مأساة لاخري ، من جباية الخوات تحت مسميات ضريبية إلى حالات قتل النفس بالنفس ، فقدر أهل غزة ليست الخيار بين الموت أو الموت ، و ليست أيضا الخيار بين الموت و المستقبل ، بل بين خيار المستقبل و المستقبل ، فالشعوب التي لا تصنع المستقبل ليست لها الحق  ، أن يكون لها أوطان ، و نحن  قدرنا ان نعيش بكرامة و نقاوم بكرامة ،حتى يكون لنا وطن كريم و عظيم ، حيث السير في طريق المستقبل هو التحرر من العبودية الفلسطينية الفلسطينية و الاحتلال الصهيوني في آن واحد ، فالتحرر أولاً من عبودية الفلسطيني للفلسطيني هي الخطوة التي تسبق التحرر من الاحتلال  بمئات الأميال ، اذ لم نتعض بما نحن عليه في توفير الممكن للناس من حياة كريمة ، سوف نستيقظ يوماً وكل سكان قطاع غزة يركبون قوارب الموت من شاطئ غزة مباشرة ، ليست من شواطئ الاسكندرية أو تونس أو الشواطئ التركية أو اليونانية ، تجربة مئات الالاف من أخوتنا السوريين الذين ركبوا البحار شاهد ملك على كيفية دمار المجتمع من داخله و على أيدي من ؟ ، حيث هذا يدخل في سياق حروب الجيل الرابعة ، التي تسقط الشعوب من داخلها .

2022-10-26