الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الإخوان" يعرّون أنفسهم

لم يؤمن الإخوان المسلمون يوماً بالديمقراطية، بل اعتبروها مرحلة “سرية” وجواز سفر مرور إلى أهدافهم في السيطرة على الحكم تحت شعار: (ديمقراطيون في المعارضة، ديكتاتوريون في الحكم)، ولكن هذه اللعبة الساذجة لم تنطلِ على الشعب المصري، إذ سقط القناع مبكراً فوجدوا الأصوات الراعدة والقبضات الحديدية ترتفع في وجوههم: كلا .

فلسطين- القدس - نقطة واول السطر:

ثورة 23 يوليو 1952 هي انقلاب جيش من فوق جاءته الشرعية الثورية من تحت . ثورة 25 يناير 2011 هي ثورة شعب من تحت سرقها انقلاب رجعي من فوق تحالف فيه رجال الدين مع العسكر . ذهب عبد الناصر وجاء محمد مرسي . . يعيد التاريخ نفسه مرتين: في المرة الأولى على شكل مأساة، وفي المرة الثانية على شكل مهزلة .

قبل عشر سنوات كان للعرب ثلاث قلاع مقاومة ضد “إسرائيل” (مصر وسوريا والعراق)، تم تدمير العراق وخرج من المعادلة ينزف دماً وتقسيماً . . الآن يجري تدمير سوريا لتلحق بالعراق، بقيت قلعة مصر المناضلة رافعة رأسها في وجه حصارين شديدين: حصار من الخارج وحصار من الداخل .

الحصار الخارجي متمثل بأمريكا و”إسرائيل”، والحصار الداخلي متمثل بالإخوان المسلمين ورايتهم البيضاء المستسلمة، حسب تصريح واضح لخيرت الشاطر ممثل الإخوان المسلمين لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بالحرف: “نحن جئنا إلى الحكم بدعم أمريكي مقابل تعهدنا الالتزام بأمن “إسرائيل”” . لا خوف على قلعة مصر من خارجها، الخطر الآن يكمن في الداخل .

لقد كان من أولى أولويات “الربيع العربي” انتزاع أمننا القومي والغذائي من يد أعدائنا، فأمننا القومي (القنبلة النووية) بيد عدوتنا “إسرائيل”، وأمننا الغذائي (القمح) بيد عدوتنا أمريكا، وما فعله الإخوان المسلمون في مصر أنهم ثبتّوا هذين الأمنين بيد أعدائنا بوعي كامل مقابل كرسي رجراج يجلسون عليه بعد حلم طال ثمانين عاماً .

ماذا يتبقى للإخوان المسلمين إذا كسبوا أمريكا و”إسرائيل” وخسروا أنفسهم؟ ماذا يتبقى لهم إذا كسبوا بنيامين نتنياهو وخسروا حسن البنا؟

لم يؤمن الإخوان المسلمون يوماً بالديمقراطية، بل اعتبروها مرحلة “سرية” وجواز سفر مرور إلى أهدافهم في السيطرة على الحكم تحت شعار: (ديمقراطيون في المعارضة، ديكتاتوريون في الحكم)، ولكن هذه اللعبة الساذجة لم تنطلِ على الشعب المصري، إذ سقط القناع مبكراً فوجدوا الأصوات الراعدة والقبضات الحديدية ترتفع في وجوههم: كلا .

قال الرئيس الأمريكي جيفرسون: (إن الدساتير تصوغها أفضل العقول، ولكنْ تنفّذها أسوأ الغرائز) . الإخوان المسلمون أدخلوا تعديلاً أساسياً على تلك المقولة، إذ أصبحت: (الدساتير تصوغها أسوأ العقول وتنفذها أسوأ الغرائز) .

طالعتنا صحف هذا الأسبوع بدراسة غربية تكشف تعاون الإخوان والسلفيين مع المخابرات الغربية جاء فيها:

(أظهرت دراسة غربية نشرت مؤخراً أن جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين كانوا مجرد أدوات في أيدي أجهزة المخابرات الغربية . وأوضحت عشرات الوثائق السرية أن المخابرات البريطانية والألمانية كانت تحرك التيارات الإسلامية مثل قطع الشطرنج لخدمة مصالحها)، وفق ما نشره موقع “الوطن” الإلكتروني . . وكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في إحدى حلقات حواره مع فضائية “سي .بي .سي”، أن (الإخوان يتصلون بواشنطن بانتظام منذ منتصف 2007 ولهم صلات بالمخابرات البريطانية تعود إلى الأربعينات) .

هناك عشرات من الوثائق السرية تشير إلى أن حركات الإسلام السياسي من إخوان وسلفيين وغيرهم في بلدان العالم، كانوا لأكثر من 60 عاماً لعبة في أيدي المخابرات الأمريكية والبريطانية .

في كتابه “لعبة الشيطان” الصادر العام 2006 يقول مؤلفه روبرت درايفوس “هناك فصل غير مكتوب في تاريخ الحرب الباردة يتناول خطة أمريكا المجهولة لدعم وتمويل الإسلاميين المتشددين، هذه الخطة المجهولة التي نفذت على مدار 6 عقود، مسؤولة جزئياً عن ظهور الإسلام بوصفه ظاهرة إرهابية في جميع أنحاء العالم . . بل إن إمبراطورية أمريكا في الشرق مصممة وتقوم على دعائم عدة إحداها الإسلام السياسي” .


الخليج- محمد خالد

2013-02-10