الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هارتس: الغزيون فرضوا بموتهم نمط حياتهم

القدس المحتلة-الوسط اليوم :الادعاء السائد حول اسلوب الجيش الاسرائيلي للحرب في غزة هو أن الجيش تبنى النمط المقبول في الجيوش الغربية التي تحارب في مناطق مدنية: الحساسية الجماهيرية لسقوط جنود تشجع نقل الصراع من الجنود إلى مواطني العدو.

 هذا الامر يجد تعبيره في الاستخدام الواسع للنيران التي تهدد المواطنين. واذا لزم الامر عملا أكثر حذرا ودقة، والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين مثل الامتناع عن اطلاق النار عن بعد نحو شخص لم يتم التأكد من أنه مقاتل ـ لكان الجنود سيكونون معرضين للخطر أكثر.


المقارنة بين عملية «الرصاص المصبوب» وبين «الجرف الصامد»، حيث حدثت فيهما معارك برية واسعة في منطقة غزة، وهذا يؤكد الادعاء. ومن اجل تقليص الخلاف، سأستند فقط على معطيات الجيش الاسرائيلي حول عدد القتلى الفلسطينيين غير المشاركين في الحرب، أي المدنيين، رغم أن هذا الرقم أقل كثيرا من معطيات الامم المتحدة و«بتسيلم». وفيما يتعلق بقتلى الجيش، سأتطرق فقط إلى من قتلوا بشكل مباشر في العملية البرية.


في عملية «الرصاص المصبوب» تم اطلاق النار بشكل كثيف من الجو والارض، وكانت النسبة هي 33 مواطن غزي قتيل مقابل جندي واحد مقتول. هذه النسبة مرتفعة جدا مقارنة بالحروب السابقة. وفي «الجرف الصامد» انخفضت النسبة إلى 1: 17، لكن هذا بسبب أن الخطر على الجنود كان أكبر بسبب طبيعة الحرب. في «الرصاص المصبوب» لم تكن هناك أهداف محددة، أما في «الجرف الصامد» فان هدف العملية البرية كان تدمير الانفاق التي تخرج من مناطق مأهولة سيطرت عليها حماس.


نسبة القتلى بين مقاتلي الجيش الاسرائيلي والقوات الغزية انخفضت من 80 مقاتل غزي مقتول مقابل جندي اسرائيلي واحد مقتول في «الرصاص المصبوب»، إلى 20 مقاتل غزي في «الجرف الصامد». رغم أن الخطر على جنود الجيش الاسرائيلي كان كبيرا ـ إلا أنه كان يمكن أن يكون أكبر لولا الخطر والضغط على المواطنين الغزيين. وحسب معطيات الجيش الاسرائيلي، فان الجيش قتل في «الرصاص المصبوب» أقل من نصف مواطن غزي مقابل كل مقاتل غزي. لكن في «الجرف الصامد» زادت النسبة إلى 0.8 مواطن مقابل كل مقاتل غزي.


منظمات حقوق الانسان تقدم معلومات مرتبطة بالارقام. ومن شهادات «نكسر الصمت» يتبين أن هناك مناطق كاملة تم اعتبارها «مطهرة»، أي بدون مواطنين. طلب الجيش الاسرائيلي من المواطنين المغادرة أتاح له فرصة استخدام القوة بشكل واسع حتى وإن كان ذلك سيسبب الضرر للمواطنين ـ شريطة أن يقل الخطر على الجنود الاسرائيليين.


صورة مشابهة تظهر في تقرير «بتسيلم» الذي حقق في 70 حالة تم فيها القصف من الجو والبر على الاماكن المأهولة التي تهدمت على العائلات. حسب التقرير نحو 70 بالمئة من القتلى لم يكونوا مشاركين في القتال، واستهداف المواطنين نبع من اعتبارات سياسية. هذا الاستنتاج يضع وزارة الخارجية أمام تحدٍ، لأن الحديث يدور عن «تأثيرات عفوية وغير مقصودة لعمل الجيش الشرعي في اوساط المدنيين». 


لكن النقاش لا يتركز فقط حول سؤال اذا كانت اسرائيل تتصرف باخلاقية، أو على الأقل بقانونية. بل سؤال هل اسرائيل تستوعب الاستخلاصات.

 السياسيون والعسكريون في الغرب بدأوا في استيعاب الاستخلاصات في العراق وافغانستان: صحيح أن نقل الخطر من الجنود إلى مواطني العدو يساعد على مواجهة حساسية موت الجنود، لكنه في نهاية المطاف يزيد من الخطر على حياة الجنود، لأنه يرفع مستوى العداء لمواطني العدو. لذلك مطلوب سياسة النار الاكثر حذرا حتى لو زادت الخطر الآني على الجنود. وعندنا النقاش في هذه المعضلة لم يبدأ أصلا.

 يغيل ليفي

هآرتس

2015-06-23