السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فحوصات مخبرية تكشف: 18% من البضائع الإسرائيلية ملوثة بالكيماويات والميكروبات
فحوصات مخبرية تكشف: 18% من البضائع الإسرائيلية ملوثة بالكيماويات والميكروبات

رام الله-الوسط اليوم:عقد مركز العمل التنموي/ معا -وفي إطار فعاليات الإعلام البيئي-التنموي لمجلة آفاق البيئة والتنمية- مؤتمراً صحفياً كشف فيه عن العديد من المواد السامة الموجودة في السلع الغذائية الإسرائيلية المسوقة في الأسواق الفلسطينية، مسلطاً الضوء على نتائج الفحوصات المخبرية الأخيرة لوزارة الصحة الفلسطينية ومتابعات مختبرات جامعة بيرزيت حول التلوث الخطير في عدد كبير من الأغذية الإسرائيلية، بالإضافة إلى معطيات صحية خطيرة تابعتها مجلة آفاق حول عشرات المنتجات الإسرائيلية الملوثة والتي تباع في أسواقنا الفلسطينية. 

في بداية المؤتمر، تحدث مدير صحة البيئة في وزارة الصحة "إبراهيم عطية" عن خطورة انتشار الغذاء الملوث  بالكيماويات والذي يسبب على المدى البعيد احتمالية كبيرة للإصابة بمرض السرطان، مشيراً إلى أن هناك فوضى انتشار للبضائع الإسرائيلية، مطالباً بضرورة إعداد إستراتيجية وطنية لسلامة الأغذية من أجل تنظيم القوانين التي تعيق العمل في السوق الفلسطيني وأحياناً تضعف من دعم المنتج المحلي، مشدداً على أن هذه الإستراتيجية ستوضح القوانين أكثر وتحدد الأدوار لكل الوزارات في عملية الرقابة على المنتجات ومنع الملوث منها والمشكوك فيه.

وأشار عطية إلى أن دور وزارة الصحة فيما يتعلق بالمنتج المستورد هو سلبي، حيث يأتي المنتج من الخارج  عبر المستوردين بموافقة إسرائيلية دون العودة إلى وزارة الصحة، ما يضطر الأخيرة إلى التعامل معها كمنتجات فرضت على السوق، وبالرغم من إجراء العديد من الفحوصات إلا أن مراقبة كل هذه السلع يشكل عبئاً كبيراً على المراقب ومفتش الصحة الفلسطيني.

ولفت إلى أن المنتج الإسرائيلي يدخل بسهولة شديدة إلى الأراضي الفلسطينية دون أن نعلم هل هي مرخصة سليمة أم عليها مراقبة، ما يجعلنا نمرّ في عملية مرهقة وطويلة من تفتيش المتاجر والبحث عن الأوراق الثبوتية وإجراء الفحوصات المخبرية، في الوقت الذي تشدد فيه إسرائيل وتضيق الخناق على دخول بضائع خمس شركات فلسطينية إلى القدس الشرقية وتخضعها لرقابة شديدة،

فحوصات مختلفة والخطر مستمر

ولفت عطية إلى أن عدد الفحوصات التي تجري سنوياً وتشمل المصانع والمطاعم و المنتج المستورد والمحلي والإسرائيلي: تراوح ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف عينة، وتشمل الفحوصات الميكروبية والبكتيرية  (السالمونيلا والبكتيريا البرازية والعفن والخمائر، وغيرها من الفحوصات). بالإضافة إلى الفحوصات الكيميائية من مواد حافظة وملونات ومتبقيات مبيدات وهرمونات ومضادات حيوية.

وأشار إلى أن عدد الفحوصات على المنتج المستورد حتى منتصف حزيران للعام الحالي بلغت2200 عينة بين فحص كيماوي وميكروبي، حيث وصل التلوث في الإسرائيلية منها 18% مقابل 10% للمنتج المحلي، فيما بلغت عدد زيارات المفتشين للمخازن والمتاجر إلى 28 ألف زيارة، كما تم إتلاف أكثر من 220 طن من الأغذية الفاسدة، وبلغت الإخطارات والتنبيهات 220 إخطاراً.

واستشهد عطيّة بأمثلة حول رسوب عينات إسرائيلية سحبت من السوق بعد أن تبين احتواءها على نسب مرتفعة  لمواد حافظة بما يفوق تلك المسموح بها فلسطينياً وعالمياً، بالإضافة إلى التلوث الميكروبي ببكتيريا الليستيريا الخطرة بشكل مباشر على الأطفال والحوامل، بالإضافة إلى شركتين معروفتين بإنتاج الحمص تم حظرهما في الأسواق بعد إثبات تلوثهما بمواد بكتيرية.

وأشار عطية إلى أن إسرائيل تلجأ إلى إغراق المنتج بالمادة الحافظة لقدرته على تثبيط نمو الميكروبات حتى لا يفسد على الرفوف ويحافظ على شكله الجيد، ولكن الخطر الأعظم في التلوث الكيماوي قبل الميكروبي.

فحوصات مختبر بيرزيت تكشف مواد غاية في السمية

أما مدير مختبرات جامعة بيرزيت "بلال عموس" فأشار إلى أن  مختبر بيرزيت هو الأول من حيث تاريخ التأسيس فلسطينياً وذلك عام 1982، وشدد على أنهم ليسوا جهة رقابية بل مكملة ومساندة لعمل الجهات الرسمية، وأشار على سبيل المثال إلى اكتشاف منتج عجوة كان يباع في السوق الفلسطيني استورد من مناطق المستوطنات تبين احتواءه على  مادة كيماوية زراعية خطرة وبدرجة عالية من السمية وتم سحبه من السوق. كما تم الكشف عن كحول طبي يحوي 70% من مادة الميثانول القاتلة، وكذلك تم سحبه فوراً من السوق بعد إبلاغ الجهات الرسمية. مشدداً على أن مختبرات إسرائيل ليست أكثر جودة من المختبرات الفلسطينية بدليل تباين الفحوصات بين الجهتين وتبرئة إسرائيل للعديد من الفحوصات التي فشلت في المختبرات الفلسطينية.

وشدد على ضرورة تغيير الثقة العمياء لدى المواطن الفلسطيني بالمنتج الإسرائيلي، وخير دليل على ذلك سحب العديد من المنتجات الإسرائيلية مؤخراً من داخل السوق الإسرائيلي نفسه، مؤكداً أن كل فحوصات جامعة بيرزيت أثبتت أن المواد الحافظة في البضاعة الإسرائيلية عالية جداً وتشكل خطراً على صحة المستهلك والتي لا تظهر على المدى القريب ولكن تظهر أضرارها على المدى البعيد.

 شركات أغذية إسرائيلية شهيرة تخفي مخاطر كبيرة

أما الخبير البيئي ومدير وحدة الدراسات في مركز معا جورج كرزم فكشف عن شركات أغذية إسرائيلية كبيرة وهامة مختصة بمنتجات اللحوم والألبان في إسرائيل، مثل "تنوفا"، "طيرة تسفي"، "هود حيفر"، "زوغلوبك"، "يوطفاتا"، "شتراوس"، "ماما عوف" و"طيرا"، تُخْفي كميات الأدوية والهورمونات التي سُمِّنَت بها الحيوانات قبل أن تصل إلى صحن المستهلك.

كما كشف عن أبحاث إسرائيلية أشارت إلى نسب مرتفعة لأمراض الأبقار الإسرائيلية في الحظائر، فنسبة الأبقار التي تعاني من مرض التهاب الضَرْع تزداد باستمرار؛ وقد بلغت أكثر من 40%؛ وهناك شكوك كبيرة بأن حليب الأبقار المريضة أثناء علاجها يسوق في الأسواق الفلسطينية تحديدا.

وأشار كرزم إلى ان خبراء إسرائيليون في الثروة الحيوانية أكدوا بأن الكثير من الهورمونات تستخدم في مزارع الحيوانات الإسرائيلية، وبخاصة هورمونات الأستروجين والبروجستيرون والأُكْسيتوتسين؛ علما أن الأبقار تحقن بالحُقَن الهورمونية بهدف زيادة احتمالات حَمْلِها.

كما أن معظم الأبقار الإسرائيلية تعالج بشكل مكثف بالمضادات الحيوية،  وبالرغم من عدم حلبها في فترة الحَمْل، إلا أن للمضادات الحيوية والهورمونات التي تحقن بها الأبقار آثار صحية وبيئية خطيرة؛ فالاستعمال المكثف للمضادات الحيوية يولد أنواعا بكتيرية مقاومة.

إن تقرير "مراقب الدولة" الإسرائيلي، كشف أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، بأن المصالح التجارية الإسرائيلية تدوس مصالح صحة الجمهور؛ وذلك على سبيل المثال، من خلال تسمين الدواجن بالزرنيخ السام وبالمضادات الحيوية، بما يتناقض وموقف وزارة الصحة الإسرائيلية.

ولفت كرزم إلى أنه وقبل نحو شهرين (في آب 2016) كُشِفَ بأن حبوب الصباح (الكورنفلكس)، وبخاصة عبوات رقائق الذرة التي تنتجها شركة "يونيليفر" التي تعتبر عملاقة الصناعات الغذائية الإسرائيلية والتي تملك علامة "تلما" التجارية لحبوب الصباح - كشفت بأن هذه الحبوب ملوثة ببكتيريا السالمونيلا، وأقرت الشركة بأنها بَدَّلَت أسماء منتجاتها الملوثة بأسماء أخرى، للحفاظ على الماركة الشعبية في أوساط الأولاد.

وتبين أيضا بأن كميات هائلة من علب الطحينة ("طحينة الأمير") وسَلَطات الحمص ("سلطات شمير") الإسرائيلية ملوّثة ببكتيريا السالمونيلا التي تؤدي إلى تلوث معدة حاد، وإسهال وتقيؤ، واضطرابات خطيرة في الجهاز الهضمي.  ومن أبرز المنتجات الإسرائيلية التي تبين بأنها ملوثة هي:  كل منتجات الحمص التي تحمل العلامات التجارية "لشوفرسال"، "يش"، "شمير"، "أصلي"، "هاموتاغ"، "ديليكاستين"، "سلطات هبايت"، "يوحنانوف" و"بيكنيك"؛ وأيضا جميع منتجات الباذنجان بالطحينة.

وفي أواخر أيلول الماضي، يضيف كرزم، اكتُشِف وجود تلوث اضافي بجرثومة "السالمونيلا " في سلسلة منتجات حبوب الصباح الإسرائيلية، وبخاصة رقائق الذرة، مثل حبوب "كريوت نوجات "من انتاج شركة "تلما".  كما وجدت آثار تلوث بالسالمونيلا في أحد خطوط إنتاج شركة "أوسم"، وهي واحدة من أكبر مصنعي المواد الغذائية في إسرائيل.  والمنتجات الملوثة يتم تسويقها تحت اسم "تسابار" وتشمل سلطات حمص وطحينة وباذنجان.  ووجد التلوث أيضا في منتجات شركة "آر جي إم" للصناعات الغذائية الإسرائيلية.

وذكر كرزم أنه وفي ظل فوضى "السوق الحر" فقد أُطْلِق العنان للسلع الغذائية والزراعية الإسرائيلية فأغرقت السوق الفلسطيني وازداد تحكمها به.  ما جعل الاحتلال يفرض "تنافسا" قسريا غير متكافئ بالمطلق، بين صادراته الزراعية المحمية والمدعومة والمنتجات الفلسطينية المكشوفة والمحرومة من الحماية الوطنية والرعاية، وعدم منحها الأولوية الفلسطينية الرسمية والشعبية في التسويق المحلي.

وشدد كرزم على ضرورة التحرر من وهم "الانبهار" الكاذب بالسلع الإسرائيلية الغذائية وغير الغذائية، وأن يكون توجُهُنا الاستهلاكي الوطني قائماً على أساس مقاطعة اقتصاد الاحتلال واقتصاد الدول الأجنبية الأخرى التي تدعمه، ودعم الصناعات الوطنية ومنحها الأولوية في الشراء.