السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل سيقود إنقلاب المشهد في سوريا..الى حرب؟؟؟...بقلم راسم عبيدات
هل سيقود إنقلاب المشهد في سوريا..الى حرب؟؟؟...بقلم راسم عبيدات

عن تحرير جرود عرسال اللبنانية وجرود فليطة السورية، من جبهة النصرة الإرهابية،والتي قاتل فيها أبطال حزب الله الى جانب الجيش السوري كتفا الى كتف وبمساندة وتسهيلات من الجيش اللبناني،قال سماحة السيد حسن نصر الله بان ما تحقق نصر استراتيجي ميداني،وهذا النصر سيكون له تداعياته ليس على المشهدين السوري واللبناني،بل على كامل المنطقة،هذا النصر الذي استتبعه قيام الجيش اللبناني بالسعي  لتحرير  رأس بلعبك والقاع من بقايا فلول عصابات "داعش" وما حققه لاحقاً الجيش السوري من انتصارات مهمة، لا تتمثل  فقط في استعادة كامل البادية السورية  والتي تشكل ربع المساحة السورية،بل نجح الجيش السوري في استعادة كافة نقاط المخافر الحدودية مع الأردن في منطقة السويداء،وكذلك يجري العمل على توسيع مناطق التهدئة وتثبيتها بقنوات التواصل الروسي- الأمريكي،ويبدو ان  الأزمة الخليجية بالذات بين قطر والسعودية،لم تنفجر فقط في وجه الإئتلاف السوري المعارض،والذي تم اقصاء رئيسه رياض حجاب ليعلن مجبراً اعتزاله العمل السياسي،والإقصاء والإنشقاقات والتصدعات في صفوف ائتلافات ومنصات المعارضة ستتواصل،وليس بالبعيد اصطفافهم على أبواب دمشق لطلب الصفح والغفران من القيادة السورية.

تداعيات الأزمة بين قطر وما يسمى بالتحالف العربي الرباعي،وبالذات السعودية إنعكست حروباً وقتالاً  بين جماعاتها الإرهابية على الأرض السورية،فيلق الشام المحسوب على قطر يخوض معارك طاحنة مع جماعة زهران علوش السلفي المحسوب على السعودية،وكذلك يجري شن حرب شرسة من الفصيلين لتصفية جبهة النصرة،حروب مدمرة بين كل هذه الجماعات الإرهابية،صراع على النفوذ والمال والزعامة،والسعودية عازمة على تصفية جماعات قطر وتركيا وإخراجها من قيادة المعارضة،لكي تضمن ان يكون لجماعتها ومنصتها دوراً مركزياً في أي محادثات ومفاوضات قادمة،والجبير وزير الخارجية السعودي الذي طالما كان يتشدق،بأنه لا حل سياسي للأزمة السورية إلا برحيل الأسد،بق الحصوة،في وجه الإئتلاف السوري المعارض وغيره من المنصات المعارضة الأخرى،بأن الحل سيكون ببقاء الأسد،وعلى المعارضة السورية أن ترتب امورها على هذا الأساس.واضح بأن قاعدة التنف العسكرية الأمريكية التي كان الهدف منها،منع التواصل البري الإيراني مع العراق وسوريا بإتجاه لبنان ،قد فقدت قيمتها العسكرية،ولا مناص من تفكيكها حيث الحشد الشعبي نجح بالوصول الى مثلث  الحدود العراقية- السورية – الأردنية،والجيش السوري قطع اوصال البادية الشرقية مع الأرياف،ويمنع تواصل قوات المعارضة مع قوات سوريا الديمقراطية.

المشهد السوري يشهد تطورات متسارعة،وإنهيارات متتالية في صفوف قوى المعارضة وقياداتها ،وإربكات في المحور الداعم لها،في كيفية التعاطي مع النتائج المترتبة على إستعادة سوريا لمكانتها ودورها وإستعادة عافيتها وجغرافيتها،أمريكا وإسرائيل الأكثر قلقاً وإرباكاً من التطورات والتغيرات الدراماتيكية الحاصلة في المشهد السوري،فإسرائيل أجرت مباحثات سياسية مع أمريكا وروسيا،حول جنوب سوريا،والتخوف من إمكانية بقاء قوات إيرانية وحزب الله في تلك المنطقة،وما يشكله ذلك من خطر على امنها ودورها ووظيفتها ومستقبلها،وليس فقط التحسس من هذا الخطر،بل ما حققه حزب الله من نصر استراتيجي كبير في تحرير جرود عرسال في زمن قياسي،يثبت بان حزب الله بات اكثر قوة وتجربة وخبرة وتدريباً وتسليحاً،ولعل مشاهدة اليافطات المرفوعة من قبل مقاتلي الحزب،نحن نتدرب في النصرة تمهيداً لمعركة الجليل،دقت ناقوس الخطر،عند الإسرائيليين والأمريكان،وكذلك العديد من القوى المحلية اللبنانية الدائرة في فلك المحور السعودي- الأمريكي – الإسرائيلي،فلعل الجميع يتذكر جيداً في الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز /2006،سعت أمريكا وإسرائيل،الى ان يتضمن قرار وقف إطلاق النار،تشكيل قوات متعددة الجنسيات،من حلف الإطلسي،يكون لها مهام قتالية وعسكرية تحت الفصل السابع،وان لا يكون انتشارها فقط في منطقة الجنوب اللبناني،بل على الحدود السورية – اللبنانية لمحاصرة حزب الله وتجريدة من سلاحه،وقطع خطوط إمداداته العسكرية،ولكن وقتها رفض حزب الله والرئيس العروبي القومي اميل لحود هذه الشروط وأستعيض عن ذلك، بالقرار 1701 ،والذي يشترط فقط نشر قوات "اليونفيل" الدولية على حدود لبنان الجنوبية،دون الحدود اللبنانية – السورية،رغم ان فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني انذاك  وأحد أقطاب 14 أذار كان موافقاً على ذلك .

أمريكا تواصل تحريضها على حزب الله اللبناني،وتهديدات أمريكية بتوجيه ضربة لحزب الله،وخاصة بعد استكمال تحرير رأس بعلبك والقاع من دنس وفلول بقايا "داعش"،وضغوط كبيرة تبذل من قبلها وقبل إسرائيل وقوى الرابع عشر من آذار والمحور العربي الدائر في فلكهما،بالسعي لكي يجري تطبيق القرار الأممي (1701) على الحدود اللبنانية - السورية،بحيث يجري عزل لبنان عن سوريا اولاً وقطع خطوط إمدادات حزب الله،ومن ثم السعي لتجريد حزب الله من سلاحه،على اعتبار انه سلاح ميليشيا،وليس سلاح مقاومة.

في عام 2006،رفض محور المقاومة هذه الشروط،ولم يكن بقوته وبعافيته وبإتساع شبكة علاقاته وتحالفاته،كما هو الان،كذلك  لم تتوفر له تلك الحاضنة الشعبية المتوفرة الآن،وكيف سيوافق هذا الحلف،وهو يحقق إنجازات وانتصارات متسارعة على كل الجبهات...؟؟

المشروع الأمريكي يسقط بإمتياز في الشام،وسوريا تخرج منتصرة من حرب عالمية ثالثة شنت عليها،بفضل صمود جيشها وشعبها وإلتحام القيادة بالشعب،فالقيادة لم تبرح الميدان،ولم تسقط لا في أسبوعين او شهرين او سنتين،بل بقيت تقارع اعداءها،رغم الحجم الكبير في الدمار والتخريب والقتل والتشريد،وحزب الله خرج من الحرب التي خاضها كتفاً الى كتف مع الجيش السوري دفاعاً عن سوريا وعن وجوده وعن محور المقاومة،خرج قوة يحسب لها ألف حساب،ليس على مستوى لبنان او العالم العربي،بل قوة يحسب لها الف حساب إقليميا ودولياً.

الرئيس الأمريكي المتغطرس والمتعجرف ترامب،والمهدد عرشه بالسقوط نتيجة الإستقالات الكبيرة من إدارته والإعتراضات الواسعة على سياساته الداخلية،وكذلك نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال المثقل بفضائح الفساد والرشاوي،قد يجد ضالته والخروج من مأزقه، ومأزق تنحيته عن السلطة والذهاب المبكر للسجن بشن حرب على حزب الله وسوريا،وكذلك السعودية التي مشروعها يلقى الهزيمة في أكثر من ساحة من اليمن الى لبنان فسوريا،تلتقي مصالحها مع مصالح ترامب ونتنياهو، بان المخرج والمنقذ لهم من تلك الأزمات والفشل والخسارة،هو الحرب،الحرب التي ستتدحرج الى  ما هو أبعد من لبنان وسوريا،ونتائجها سيتوقف عليها مصير الإقليم والمنطقة،لكي ترسم معادلات وتحالفات جديدة في الجغرافيا السياسية للمنطقة،وانا اجزم كما قال سماحة السيد نصر الله،بأن عهد الهزائم قد ولى،وبأن نصراً كبيراً سيتحقق لكل محور المقاومة وحلفائه.

 

القدس المحتلة – فلسطين