الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المهمة الأخيرة لفرقة ناجي عطا الله!/ بقلم نادر رنتيسي

من المرجَّح أنْ يعودَ "ناجي عطا الله" وفرقته بعد عشرة أيام إلى مصر، حاملينَ حقائبَ حديثة تحوي 200 مليون دولار من "سرقة حلال"، وتمَّ "تحليلها" أكثر بتبرُّعاتٍ سخيَّةٍ للمقاوَمَتَيْن الفلسطينيَّة واللبنانيَّة، وبضعة آلاف كـ "رشوات" للهروب الآمن من سورية والعراق، ومبلغ "عروبي" لسدِّ مجاعة الصومال في المحطة الأخيرة قبل الوصول بحراً أو براً..؛ أو في أيِّ وسيلة "درامية" إلى "كايرو"!

سيتخلَّصُ الملحقُ الإداري السابقُ في السفارة المصرية بتل أبيب من قبضة "الموساد" الإسرائيلي، وسيخرجُ من كلِّ المآزق مثل الشعرة الرقيقة من العجين السلس، ويتكرَّسُ في وسائل الإعلام الحديثة بطلاً قومياً استردَّ بالقوَّةِ ما أُخِذَ بالقوَّة، ولم يكن لذلك أنْ يتحقَّقَ لولا تلاميذه غير المنضبطين: الشيخُ حليقُ الذقن، لاعبُ القوى الخاسر، المهندسُ التِّقَنِيُّ الجبان، ابن "البيئة" وابن أمِّه، العاشقُ المفتولُ العضلات، الفتاةُ المزدوجة القوميَّة، و"النسونجيُّ" الذي شابَهَ أباهُ في الواقع فما ظلم!

عشرة أيام وتنتهي "مهمة في تل أبيب" بنجاح لم يتحقق أثناء "العبور" في "أكتوبر". سيضرب ضابط "الموساد" أو الممثل السوري "جهاد سعد" على أقل تقدير، قبضته بسطح المكتب الخشبيِّ، وتقرُّ المذيعة الشقراء بروح سياسية عالية على شاشة "القناة العاشرة" بهزيمة "الشعب الذي لا يُقهر". ولإتمام "الفرح المشروع" ستغفرُ السلطات المصرية للدبلوماسيِّ المُسرَّح، والعسكريِّ السابق، "ناجي بيه عطا الله"، هروبه مع سبعة أشخاص عبر الأنفاق إلى دولة ترتبط معها بمعاهدة سلام جفَّ حبرُها منذ ثلاثَةٍ وثلاثينَ عاماً..؛ إذ تقتَضي النهايات الدراميَّة العربيَّة في الأعمال "الوطنيَّة" تحديداً، أنْ ينتصِرَ الوطنُ ولو بفرقة غير مُدرَّبَة من سبْعَةِ ممثلينَ و"زعيم أوَنْطَة"!

انتصارٌ مبينٌ تشاءُ الصدفُ وحدَها أنْ يتحقَّقَ في شهرِ رمضان، كما الانتصارات العربية المباركة في الصراع الأزليِّ مع العدوِّ..؛ انتصارٌ سيكونُ له ذكرى سنوية تحفَلُ بالخطابة، وأعمالٌ دراميَّة عن الانتصار الدراميِّ، وقد تعمَدُ الجهات المختصَّة في "القاهرة الكبرى" على إعادة تسميَةِ شوارعِها العريقَةِ، وقد تستحدث ميادينَ أخرى تربط الشوراعَ العتيقَةِ بالحديثَةِ، باسم "أبطال نصر أغسطس المجيد"..؛ وبذلك سيحمِلُ ميدانٌ حيويٌّ ما اسمَ "حنفي الأبهة"!

لن يعودَ أفراد الفرقة وقائدها إلى حياتهم الطبيعية، حتى وإنْ بدَتْ عليهم "النعمة" من "الأموال الحلال" التي غافلوا أشعة الليزر الحارقة للوصول إليها، في الخزنة الحصينة لبنك "لؤمي" وسط "تل أبيب". وإن تزوَّجوا، وأنجبوا، وذهبوا مع محارمهم إلى الحجِّ والعمرة، فليس كلُّ ذلك أكثر من استراحَةِ محاربينَ جدد، فثمَّة مهمات أخرى يعكفُ الكاتبُ "يوسف معاطي" على كتابتها قبل إسنادها لهم برؤية إخراجية شديدة الواقعية لـ "رامي إمام" لا تُبالغُ حين تستعيدُ "هضبَةَ الجولان" بعدَ معركَةٍ بالأسلحَةِ البيضاءِ، وتحدِّدُ الهوية الجغرافية لـ "مزارع شبعا" بعد تحريرها بدون وساطة "كامب ديفيد" جديد، في مدى زمني لا يتعدَّى رمضانَ المقبل على أبعَدِ تقدير!

لن تغفو أعين أفراد الفرقة وقائدها "الواد محروس بتاع الوزير". سينتقلون من مهمَّةٍ إلى أخرى، من رمضان إلى شوَّال، حتى تنامَ إسرائيل كلها في الملاجئ، ويخرجُ "ريِّسهم" ليعلنَ عن "نكبة" ثمَّ "نكسة" وضياع القدس في أيدي العرب. لم يعُد ذلك حلماً، إنَّه أقرب من أيِّ "رمضان" مضى. انتصارٌ مبينٌ سيأتي في مهمة "فرقة ناجي عطا الله" الأخيرة..؛ فالانتصارات العربية كلها لم تتحقق إلاَّ من خلال "النوم في العسل"!!

[email protected]

كرمالكم

2012-08-12