الإثنين 5/11/1445 هـ الموافق 13/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أنا أعبر عنك في القصائد....بقلم هنادي الوزير

أريد أن أعانقك بعبارة تجعلني أهييء المعنى ليصف لك دفء عناقنا

فيصل لك عناقي دون أن نتعانق، فيتوهج وجهك وتسخن أطرافك فتتعجب هذا الدفيء الذي سار بك وتمدد عبر جسدك بمجرد قراءة جملة دافئة كتبتها لك وأنا أرتجف بردا فوصلتك كما ينبغي أن تصل..
أريد أن ألتقي بك في السوبر ماركت، أو على كوبري ستانلي، أو في الطريق الطويل عند ناصية زقاق جانبي يقف على رصيفه عامود إنارة ذو ضوء أصفر دافيء بقرب دكان صغير لبيع الكنافة النابلسي الساخنة
فيختلط وجهك بدفيء الضوء وأنت تحمل قطعة ساخنة تطلق بخارها بين أصابعك فتختلط رائحتها بصوتك الذي يشبه إبره تحك اسطوانة جرامافون حين تقول لي افتحي فمك فتذوب بفمي مع كلمة "أحبك" فتسقط من شفتيك مع المطر..
هذا المطر  يبهرني دائماً حين لا أنتظره، ويفاجئني كطفلة تجهز لسانها لإستقبال الرياح المحمل به، يبهجني مذاقه المملح المليء بالحياة يشبه مذاق شفتيك حين تسكتني بقبلة بعد غضب وصراخ دار بيننا.
أنا أعبر عنك في القصائد لأن يدي قصيرة جداً لتصل إليك وتمسح على وجهك وعنقك، كنت فيما مضى أعد الوجوه التي كنت أظنها تعنيني لأدرك أنها كانت مجرد جماجم لم تعني شيئاً!
كنت جبانة لأعترف بذلك بيني وبين نفسي، ولكني الآن وبعد أربع وثلاثون عاماً أدرك جيداً من الذي تسبب في خرابي، ومن الذي أنقذني من كل هذا الخراب بكلمة، أو حتى بنظرة قد لا يقصدها!
أنقذني هكذا بكل هذه البساطة وبدون أدنى مجهود!
بعد أربع وثلاثون عاماً يدرك المرء جيداً من الذي أوقعه في دوامات نفسه ومن الذي أنقذه منها؟
كل هذه السنوات لم تمر هباءا!
في قلب المأساة أرى عينيك، وأصاب بقلق يضعني أمام أسئلة يجب أن أواجهها!
وقد ترضيني أنصاف الإجابات وتنتشلني من شكوكي وتجعلني أنام ليلاً، تريحني من قلق لا نهاية له، وتمنحني دليلاً أن هناك فكرة تجعلني أستريح قليلاً بداخلها.
أختبيء بكلماتي التي تجعلني على ثقة تامة بأن سطوري قد تخلق لي أملا بعد أن تسحقني خيبات الحياة!
أريد أن أقبلك لمرة واحدة بعد أن أنهي مسؤوليات اليوم لأختبيء في دفئها، أريد أن أشعر بالحرية عندما أريك جميع جوانبي المظلمة والمتناقضة!
أنا جميلة الآن لأن عيناك تلمساني كل ليلة، وتزرع الأزهار حول عظامي بعد كل هذه النكبات، أنا دافئة لأنك تتحول إلى نيران يتصاعد منها دخان معاناتي لتبقيني خالية ومطمئنة.
العاصفة تجلد الجدران، وتهدد أسلاك الإنترنت وتزعزع أمن هواتفنا، وتهدد سلامنا العاطفي، وحدهم من ينامون في المقابر لا يدركون أمر أن ينقطع مداد هواتفنا، فنتركها تنام في أدراجنا كالموتى منطفئة وباردة!
وحدهم الموتى لا يدركون سيل الدمع عندما يحيد عن مساره، ووحدهم لا يكترثون بأن يرتعد قلب ينقب عن رسالة فيها من الكلمات ما يطمئن خوفه ويهديء نبضه، وحدهم لا يأبهون أن تنقطع صلتهم بأحد كان يحيي أملا بهم!
لهذا السبب مازلنا نتبادل الرسائل والكلمات نحن المهتزون المترددون
 لأن ثمة أمل تخبئه الكلمات حين يتبادلها قلبان لم يعرفا الغناء إلا بعد أن تبادلا الرسائل
.
Hanadi Wazeer

2023-07-24