الثلاثاء 21/10/1445 هـ الموافق 30/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ما لنا وما علينا في الساحة المصرية/ بقلم: باهي الخطيب
ما لنا وما علينا في الساحة المصرية/ بقلم: باهي الخطيب

ارتبطت الاوضاع الفلسطينية على مر العقود المنصرمة، بالأوضاع والأحداث على الساحات العربية، نظرا لخصوصية الشأن الفلسطني، حيث الإحتلال الإسرائيلي من جهة، وإرتباط الفلسطينيين بعمقهم العربي من جهة أخرى.
ومنذ ستة عقود ونيّف ومنذ نكبة العام 1948، لم ينفصل تأثر الفلسطينيين وتأثيرهم في الساحات العربية، نظرا لارتباطهم فكريا وسياسيا وثقافيا مع العديد من الاتجاهات على الساحات العربية.
ولأن فلسطين، كانت أرضا خصبة للتعددية ضمت مختلف ألوان الطيف السياسي والفصائل، وجدت تلك الفصائل في الساحات العربية والتي كانت في بعض الأحيان قاعدة انطلاق لبعض الحركات الاسلامية والحركات الاشتراكية والعلمانية، قاعدة ونقطة ارتكاز لها، حتى أن الفصائل بعد الانقسام الذي شهدته الساحة الفلسطينية في العام 2007، لجأت الى بعض العواصم العربية كحاضنة لاتفاقات المصالحة التي وقعت أكثر من مرة.
الا أن الساحات العربية في الآونة الأخيرة، لاسيما منذ اشتعال شرارة "الربيع العربي"، جعلت من ملف المصالحة الفلسطينية يراوح في المكان ذاته، إن لم يكن قد تراجع عما وصل اليه في السابق، بخاصة ما شهدته الساحة المصرية وانعكاسه على الساحة الفلسطينية بعد عزل الرئيس محمد مرسي، وما رافقه من أحداث عنيفة تخللها اتهامات واضحة من بعض النخب السياسية والثقافية والاعلامية المصرية بضلوع عناصر من حركة حماس في تلك الأحداث.
ومما لا شك فيه، أن المتابع لموضوع المصالحة بات يدرك تماما أنها أبعد من أن تتم في المنظور القريب، ليس من باب التشاؤم، بل لأن البعض منا بات مشدودا ومتأثرا بشكل مبالغ فيه، بما يحدث على الساحات العربية المجاورة، ولا نبالغ اذا قلنا إنه ترك ملف المصالحة خلف ظهره، وبات يدافع عن تيارات وأحزاب خارج الساحة الفلسطينية.
والغريب في الأمر أن كثيرين من النخب السياسية على الساحة الفلسطينية، على الرغم من قناعتهم التامة بأن الانشداد لأية تيارات أو احزاب خارجية، لن تقدم لنا سوى مزيد من الانقسام وتعميق الشرخ الفلسطيني، إلا انهم ما زالوا يصرون على ذلك التأييد، حتى وإن كان على حساب المصالحة الفلسطينية، وهذا الأمر يحتمل خيارين لا ثالث لها؛ إما الاستفادة الشخصية من تكريس الانقسام، أو الإرتباط السياسي والتنظيمي مع تلك الجهات الخارجية.
إن الاحداث العربية المتسارعة، والتي بدأت من منطلق رفض الظلم والاستبداد، لا بد أن تشكل دافعا قويا لإنجاز المصالحة الفلسطينية ونبذ الانقسام والتشتت، لاسيما وأن الاراضي الفلسطينية ظروفها مختلفة عن جاراتها العربية، حيث الاحتلال وتجسيداته من جدار واستيطان وتهويد، والانقسام الذي لا يقل سلبية عما ذكرناه. لذلك إن لم يقم الفلسطينيون برأب الصدع والتفرغ لمواجهة الاخطار المحدقة بهم، فلن تقوم لهم قائمة.
وأخيرا، ليس عيباً أن نتأثر بما يحدث على الساحات العربية المجاورة، فالفلسطينيون هم جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العربي الكبير، ولا يمكن بأي حال من الأحوال نزع أنفسهم من عمقهم العربي والاسلامي، لكن العيب في الأمر أن نتناسى كل العقبات والمآزق التي نعيش من احتلال وانقسام وتشرذم وتهويد، ونتفرغ فقط لاقتتال جديد، عنوانه "ما يحدث على الساحات العربية".