الجمعة 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الأورومتوسطي: أطفال العراق بين نار التجنيد العسكري أو العمل في ظروف مهينة
الأورومتوسطي: أطفال العراق بين نار التجنيد العسكري أو العمل في ظروف مهينة

جنيف- الوسط اليوم:قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن أطفال العراق يعيشون -أكثر من أي وقتٍ مضى- الأزمة التي يشهدها العراق عمومًا، ويتعرضون بشكل خاص للتجنيد الإجباري، حيث يتم إشراكهم في المعارك الجارية بين مختلف الجماعات المسلحة وإجبارهم على تقديم الخدمات لها، أو يضطرون إلى معايشة الأزمة الإنسانية التي تمر بها بلادهم بكل تفاصيلها، فإلى جانب تأثرهم بالأوضاع الصحية والاقتصادية والإنسانية المتردية، العديد منهم يضطرون للعمل في ظروف عصيبة بسبب فقرهم وعوز عائلاتهم.

وأوضح الأورومتوسطي في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، أن التجنيد الذي يتعرض له أطفال العراق تتورط به معظم الأطراف في العراق، فمن جهة، يقوم ما يعرف باسم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بتجنيد الأطفال بين عمر 9- 15 سنة ويدربهم للمشاركة في القتال في بعض المناطق في العراق أو حتى تنفيذ هجمات انتحارية، وأحيانًا يجري استخدامهم كدروعٍ بشرية، أو إجبارهم على نقل العتاد وبناء السواتر بأكياس الرمل. وتقدَّر أعداد الأطفال الذين يقاتلون في صفوف التنظيم بأكثر من 1000 طفل.

 

المليشيات الشيعية، بحسب الأورومتوسطي، تقوم كذلك بإعداد دورات تدريبية للأطفال، لا سيما في محافظة النجف جنوب غربي العاصمة بغداد، حيث يجري تدريب الأطفال على استخدام السلاح تحت عناوين مضللة كـ"الدورات والنوادي الصيفية"، كما تقوم قوات "البشمركة" الكردية وحزب العمال الكردستاني (PKK) بتجنيد عشرات الأطفال الأكراد والإيزيديين في صفوفهما منذ سنوات، ويتم إشراكهم في القتال أو دفعهم للعمل على نقاط تفتيش أمنية.

 

وأضاف المرصد الحقوقي الدولي أن حزب "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، وهو حزب يضم آلافًا من الجنود معظمهم من الشيعة، دخل مؤخرًا على خط تجنيد الأطفال كذلك. حيث بدأ بتنظيم معسكري تدريبي للأطفال منذ نهاية شهر أيار (مايو) الماضي، ويستهدف من خلاله تدريبهم على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وكان الحزب قد قام علنًا بنشر إعلاناتٍ في شوارع مدينة النجف دعا فيها الأطفال إلى الانضمام إلى المعسكر التدريبي وحثَّ الأهالي إلى الإسراع بتسجيل أبنائهم فيها.

 

وقالت ميرا بشارة، المستشارة القانونية للمرصد الأورومتوسطي، إن تجنيد الأطفال في العراق يمكن أن يصنف باعتباره "جريمة حرب"؛ ويمثل مخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي (رقم1612  لسنة 2005) والقرار (1882 لسنة 2009)، فضلاً عن أنه يعد فعلاً مجرَّمًا بموجب القوانين الداخلية المعمول بها في العراق.

 

إلى جانب ذلك، قال الأورومتوسطي إن الأطفال في العراق يعانون كذلك من العمالة المتفشية بينهم وفي ظروف قاسية ومهينة، حيث تنتشر عمالة الأطفال في مناطق عديدة من العراق لسد احتياجات أسرهم في ظل الظروف المعيشية القاسية.

وبين الأورومتوسطي أن العديد من الاطفال يعملون  كباعة متجولين أو حمالين في الأسواق أو عمال في المعامل الحرفية المختلفة، ووفقًا لوزارة التخطيط العراقية فإن 11% من العمالة العراقيّة تتكوّن من الأطفال، وهي نسبة عالية جدًا.

 

وقال بشارة: "في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، والذي يصادف 12 حزيران (يوليو) من كل سنة، نجد أن الأطفال في العراق يتحملون تبعات العمل الشاق من أجل كسب الأجر الذي يعولهم ويعول أسرهم، لا سيما في ضواحي العاصمة بغداد، وهم بموجب الأعمال الشاقة التي يقومون بها يتعرضون لمخاطر صحية جسيمة، حيث يعملون أحيانًا في نقل الأحمال الثقيلة أو يتعرضون لاستنشاق الغازات المنبعثة من الأفران التي يعملون بها والتي لا تراعي معايير الحماية والأمان".

 

وأشار الأورومتوسطي إلى أن إحصائيات عمالة الأطفال في العراق أخذت منحنى تصاعديًا منذ منتصف العام 2014 بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث مساحة العراق، حيث اضطر نحو 10% من أطفال العراق للنزوح مع عائلاتهم، ومنذ ذلك الحين، بحسب إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن 3.6 ملايين طفل عراقي يواجهون خطر الموت أو التعرض لإصابات خطيرة او للعنف الجسدي أو للخطف أو التجنيد من قبل الفصائل مسلحة.

 

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الجهات الفاعلة، ولا سيما الحكومة العراقية، إلى متابعة ملفي تجنيد الأطفال وظروف العمل المهينة التي يعيشون فيها، وإلى أخذ خطوات جادة للقيام بالالتزامات التي تمليها اتفاقية حقوق الطفل والقوانين الخاصة بالنزاعات المسلحة، وإلى إعطاء مصالح الأطفال الأولوية الأولى باعتبارها مقدَّمة على أي اعتبار آخر.