الجمعة 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ولولة انتخابية...د. سامي محمد الأخرس
ولولة انتخابية...د. سامي محمد الأخرس

 بدأ موسم الإنتخابات الفلسطينية بعد خمسةٍ عشر عامًا من السنوات العجاف، ولم يكن أحد يتوقع أن تبدأ هذه الإنتخابات بهذه السخونة حامية الوطيس منذ أن أصدر الرئيس محمود عباس مرسوم الإنتخابات التي جاءت نتيجة التفاهمات واللقاءات التي احتضنتها مصر، وأفاضت بنتائج سريعة وسط مناخ ينذر بالتشائم فينة، وبالتفاؤل فينة أخرى، ورغم ذلك فإن الحالة الفسيولوجية الشعبية تتفاعل بإيجابية للأن مع هذا المناخ، وهذه البيئة التي وجد الشعب الفلسطيني نفسه في خضمها دون سابق إنذار، إلا أن التفاعل الفصائلي مع هذه الحالة لا زال سلبيًا دون أي تغيير للمسار السلبي الذي بدأ مع أحداث عام 2007، بل ولا زالت التكتلات الفصائلية تعبر عن حالتها السلبية بين فريقين، الأول: فريق او محور الفصائل التي وجدت في غزة ضالتها لتعبر عن أهدافها بحرية دون أي حسابات للمصلحة العامة(الوطنية) التي عانت ولا تزال تعاني من تشرذم كبير وخطير في المشهد الوطني، والثاني: فريق أو محور رام الله الذي يجد في التناقض مع المحور الأول فرصة لتنفيذ ما يريد من أهداف، ويشهر عصاة لتطويع كل من قال له(لا).
في معمعان هذه الحالة بدأت مرحلة (الولولة) الإنتخابية والتربص السياسي، وخلق حالة جدلية في قائمتة المشتركة مع مروان البرغوثي حين سنت الأقلام والرماح معًا على المستويين الرسمي وغير الرسمي للفصائل الإسلامية بل ومن بعض قادة فتح التي وجدت ضالتها بتصريحات الدكتور ناصر القدوة بعدما لم يلتزم بقرارات اللجنة المركزية لحركة فتح رغم تطويع مروان البرغوثي للحالة ودمجها في قائمة مشتركة ستكون أقرب أو جزء من حركة فتح في المستقبل القريب أو بعد الإنتخابات.
هذه الحالة(الولولة) التي نحن بصددها سبق لنا وأن عاصرناها بعد الإنتخابات السابقة ولكن مع تغيير بطلها، حيث كان بطل المرحلة الأولى القائد محمد دحلان، أما في مرحلتنا الحالية فبدأت بالدكتور ناصر القدوة وقد بدأت سريعًا وقبل الإنتخابات بعدما صرح برؤيته السياسية بدون مواربة أو تمويه من خلال مسألتين، الأولى: وهي مسألة التحالف مع قوى الإسلام السياسي الفلسطيني وبغض النظر عن صوابية أو خطأ التصريح في مرحلة التلاحم الحالية، إلا أنه تعبير صريح وواضح عن خارطة البرنامج التكتيكي السياسي للدكتور ناصر القدوة، وهو ما دفع بقوى (غزة) أن تشهر سيف المعركة سريعًا كمحاولة هجومية لردع كل من يفكر بالخروج بتصريحات علنية عن مواقفه السياسية المتعارضة والمتناقضة مع هذه القوى، عملًا بخير وسيلة للدفاع الهجوم.
الثاني: موقفه من غزة واستعادتها وهو ما استفز هذه القوى، وكان دافعًا لتحريك مدافعها من مرابضها واطلاق قذائفها دفاعًا عن قاعدتها الأساسية والجوهرية(غزة) التي تعتبر أساس المشروع الذي سعت وتسعى من أجله منذ خمسة عشر عامًا.
من هنا فإن حالة (الولولة) التي شهدناها لن تكون الأولى أو الأخيرة في المشهد السياسي الفلسطيني القادم، حيث سيشهد معارك وصولات وجولات عنيفة بين العديد من الأيديولوجيات والبرامج المتباينة والمختلفة خاصة مع انطلاق الحملة الإنتخابية رسميًا، وعلى وجه الخصوص من القوى التي تمتلك أدوات اعلامية فاعلة تستطيع من خلالها خلق حالة من الإرهاب والترهيب الإعلامي ضد كل من يحاول أن يتعارض أو يتناقض مع رؤيتهم وأهدافهم، أو من يحاول إستدعاء التاريخ ليكون شاهدًا حيًا في هذه المعركة التي لن يترك بها وسيلة للوصول إلى الغاية.
ورغم ذلك يتبقى حالة الرهان على وعي الناخب الفلسطيني الذي ينقسم إلى قسمين أو جزئين، الأول: وهو الناخب الذي عاصر المرحلة السابقة وشاهد ورأى المشهد الإعلامي وهو يقدر بحوالي 60% من نسبة الناخبين ولديه القدرة على التمييز والمقاربة بين الماضي والحاضر وبين الشعار والفعل، والثاني: الناخب الذي لم يعاصر المرحلة السابقة ولم يشاهد أو يرى عنفوانها وغير قادر على المقارنة أو المقاربة ونسبته حوالي 40% من الشباب وهي الفئة التي يمكن أن يتم استهدافها لما تمثلة من قوة حسم من خلال ماكنة الإعلام الدعائي فر مرحلة (الولولة) الجديدة، وتصويب الحملات عليها.
في الختام ما يمكن قوله أن حالة الترهيب التي تم ممارستها ضد الدكتور ناصر القدوة مقدمة لحالة قمع الحريات، ولججم الآراء وحرية التعبير، وحالة استمرار للتخوين لكل من يتناقض أو يتعارض مع الأهداف لبعض القوى والتي دفع شعبنا  وقضيتنا ومجتمعنا الفلسطيني ثمنها غال جدًا خلال خمسة عشر عامًا، فإن كان حق الرد حق طبيعي فهو حق يقارع الحجة بالحجة والإلتزام بميثاق الرئيس المتعلق بالحريات العامة، وبميثاق الشرف الذي تم التوقيع عليه في القاهرة ومنح مساحة لمن يريد تمثيل شعبنا أن يكون صوته حرًا صريحًا.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]
0 نيسان(إبريل) 2021