الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الدولة بين ما هو إلهي وما هو بشري

(التنظيمات السياسية التي ترفع شعار الإسلام، تدعي بشكل ضمني، أنها تمتلك تفويضاً إلهياً لإقامة دولة الشريعة..)

 

رام الله - الوسط اليوم:

جميع التنظيمات السياسية التي ترفع شعار الإسلام، لديها مشكلة مع مبدأ ( سيادة الأمة ) الذي يخول الشعب الحق في حكم نفسه وإدارة شؤونه عبر المؤسسات التي تكتسب شرعيتها من الأمة مباشرة.

التنظيمات السياسية التي ترفع شعار الإسلام، تدعي بشكل ضمني، أنها تمتلك تفويضاً إلهياً لإقامة دولة الشريعة.. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.. فالعمل والتنظير والتخطيط بوحي من هذه القناعة، يعني أن أي اختلاف مع هذه الجماعات هو اختلاف مع الله جل وعلا.. وهو ما يجعل من جمهور هذه الجماعات مستعداً لفعل أي شيء وكل شيء في سبيل نصرة ما يعتقدون أنه الإرادة الإلهية.

إنهم لا يتورعون عن ارتكاب الكذب وإلصاق الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة بخصومهم.. حتى القتل فهم لا يجدون حرجاً في الإقدام عليه، رغم كل النواهي الصريحة التي تضمنها القرآن الكريم بهذا الخصوص.
ما لا تفهمه هذه الجماعات هو أنها تقدم وجهة نظرها واجتهاداتها الخاصة في فهم الدين، ولا تقدم الدين ذاته ولا تمثل الله نفسه. وهذا يدحض مبدأ أو مفهوم الحاكمية الذي يعتبر حجر الزاوية في أيديولوجيا جميع جماعات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.


الحكم كان ولا يزال وسيظل مسألة بشرية لا تفويض فيها من الله لأي فرد أو جماعة. ولو كان يمكن للحكم أن يكون إلهياً كما يدعي هؤلاء، لما طالب أبو بكر رضي الله عنه، رعيته بتقويمه في حالة الاعوجاج.. فمن يحكم بتفويض من الله لا يمكن أن يخطئ، ومن يحكم بتفويض من الله هو في غنى عن مساعدة البشر، كما أنه غير قابل للوقوع في الاعوجاج الذي يستلزم التقويم.. وهو ما لم يدَّعِ أبو بكر رضي الله عنه نفسُهُ، أنه يتصف به.
في ظل غياب آلية الوحي منذ وفاة الرسول الأكرم عليه وآله الصلاة والسلام، أصبحت مسألة الحكم مسألة بشرية.

المدينة- أنس زاهد

2013-02-06