الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عمري 54 عاماً ونصفا .. كم عمرك؟

لوسي كيلاوي من لندن

في الأسبوع الماضي كنت أتحدث مع مجموعة من النساء المحاميات في العشرينيات من عمرهن، واللواتي بدأن للتو العمل في الحي المالي في لندن. أخبرتني إحداهن بأنها سئمت من سؤالها عن عمرها من قبل زملاء وعملاء متوسطي الأعمار. ووافقتها الأخريات، فجميعهن يتم سؤالهن دائماً عن أعمارهن وهن يكرهن ذلك، ويرون في السؤال محاولة لتقويض سلطاتهن وتحجيمهن.

وعندما وصلت إلى المكتب في اليوم التالي أجريت استطلاعا بين الأشخاص الصغار الذين أمكنني إيجادهم، وسألتهم إذا كان الشيء نفسه يحدث لهم. قال الجميع تقريباً نعم - ليس النساء فقط، ولكن الرجال أيضاً.

قلتُ في نفسي إن هذا لأمر كئيب. هذه إهانة أخرى يتحملها جيل الأزمة - تم إخراجهم من سوق الإسكان، وهم مثقلون بعبء الديون الطلابية، ويكافحون ليجدوا عملاً لائقاً، وعندما يجدونه أخيراً تتم معاقبتهم لأنهم صغار السن.

لكن عند التعمق أكثر يتبين أن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك، إذ تشير عينتي إلى أن هناك فرقاً بين كيفية تقبل كلا الجنسين للسؤال.

بالنسبة للنساء يبدو وكأنه تحيز جنسي وضد العمر في آن معا. لكن بالنسبة لبعض الشباب المندفعين، السؤال فرصة للتباهي. ليتمكنوا من القول: عمري 23 - انظر كم حققت حتى الآن - وهذا أمر ممتع كثيرا.

لكن بالنسبة للرجال والنساء، في مرحلة ما في أواخر العشرينيات، قبل ظهور التجاعيد الأولى، تتوقف الأسئلة. فبسبب اتفاق ما غير معلن، يتوقف الجميع عن السؤال.

الأشخاص الوحيدون الذين في الثلاثينيات ويستمر سؤالهم هم إما الذين حققوا نجاحاً كبيراً (أعرف امرأة عمرها 32 عاماً في وظيفة في مجلس الإدارة ويتم سؤالها عن عمرها كثيراً)، أو امرأة حامل تسألها نساء أخريات يشعرن بالقلق على خصوبتهن المتضائلة.

الأمر الخاطئ - والأكثر غرابة - بشأن هذا كله ليس أننا نسأل العاملين الصغار عن أعمارهم، ولكن أننا لا نسأل أي شخص آخر.

بالنسبة للأطفال العمر هو أول شيء نرغب في معرفته. حتى الطفل الأكثر خجلاً سيكون مستعدا دائماً للتكلم بتلعثم "عمري ثلاث سنوات ونصف". الزملاء يسألوني باستمرار عن أعمار أطفالي - إضافة إلى عمر والدي المسن. لكنهم لا يسألون أبداً عن عمري.

في السنوات ما بين 28 و65 عاماً - وهو الجزء الأكبر من حياتنا الذي خصصناه للعمل - يعتبر الأمر فظاً للغاية حين نُسأل عن العمر. وعلى موقع لينكد ـ إن، يضع الأشخاص كل أنواع المعلومات غير المهمة عن أنفسهم – بما في ذلك ما إذا كانت لديهم "مهارة" تسمى "قيادة فريق متعدد الوظائف" - لكنهم لا يذكرون أعمارهم. وأي شخص يرغب في معرفة ذلك (بالتأكيد الجميع يريد) عليه العمل بطريقة عكسية واستنباط ذلك من تاريخ مغادرتهم المدرسة أو الجامعة.

إن خجلنا بشأن العمر في العمل ليس لأننا لا نعتقد أن العمر مهم. بالعكس، العمر يستمر في إثارة إعجابنا. فعندما أجري مقابلة مع أي شخص، لا أعتبر نفسي أديت العمل بشكل جيد ما لم أسأله بشكل عفوي عن عمره. فعمر شخص ما يخبرك شيئاً عن خبرته. إنه وسيلة قياس لمعرفة إلى أي مدى يؤدي عمله بشكل جيد. قد تكون هناك طرق قياس أخرى، وأفضل، لكن جمال هذه الطريقة أنها بسيطة ويمكن تطبيقها على الجميع. وفي حال عدم وجود شيء آخر، يعطيك عمرهم فكرة عن ذوقهم في موسيقى البوب.

بإمكانك القول إنه عندما تكون منفتحاً بشأن العمر قد يؤدي ذلك إلى مزيد من التمييز، مع أني لا أرى كيف يكون ذلك. وحسب الوضع الحالي، الأمر ليس أننا عميان فيما يتعلق بالعمر، أو نعامل العاملين الكبار والصغار بالطريقة نفسها. فهم يبدون مختلفين، لأنهم مختلفون فعلاً. إن رفض الكشف عن عمر شخص ما يجعل التمييز أصعب، لأنه يعني أن أولئك الذين استثمروا في دواء إزالة التجاعيد، والذين فازوا باليانصيب الوراثي ولا زالوا أنيقين وشعرهم أسود، حظهم أفضل من ذوي الشعر الرمادي والتجاعيد.

الأسبوع الماضي أخبرت المحاميات الشابات بأن عليهن في المستقبل، عندما يسألهن بعض زملائهن الكبار عن أعمارهن، الابتسام والرد: "عمري 27 .. أنت كم عمرك"؟

آخر مرة تم سؤالي فيها مثل ذلك السؤال المباشر كان تقريباً قبل عقد من الزمن. كنت ممددة في سيارة إسعاف ورجل غريب فوق رأسي، يخبرني بأنني تعرضت لحادث عندما كنت أقود دراجتي.

سألني، ما اسمك. من هو رئيس الوزراء؟

أجبت عن تلك الأسئلة بدون صعوبة. لكنه قال بعد ذلك: كم عمرك؟ لم يكن لديّ أي فكرة. وبعد كثير من الإجهاد لدماغي، قلت كما لو كشفت عن حقيقة ذات أهمية كبيرة لكن غامضة: أعتقد أنني في الأربعينيات.

الآن، الضربة التي على الرأس انتهت منذ فترة طويلة، وأستطيع القول بثقة، عمري 54 عاماً ونصف. إنه عمر مثالي يمر به المرء. فالأمر ليس ما أشعر به في الداخل (لكن هذا لأن العمر يشعرك دائماً بشيء عرضي من الداخل). إنه يخبرك شيئاً بالفعل: على الأقل، بأنني انضممت إلى القوة العاملة في أوقات سهلة وما أزال في عملي.

2013-12-09