واشنطن-وكالات:
بعد مرور 24 ساعة على استقالة جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ "المفاوضات الدولية" وخطة التسوية الأميركية المعروفة باسم "صفقة القرن"، شهدت العاصمة الأميركية تكهنات واسعة حول أسباب استقالة غرينبلات، وما إذا كانت مدفوعة بأسباب شخصية، مثل رغبته في كسب المزيد من المال "كمحامي عقارات" بدلا من الـ 180 ألف دولار التي يتقاضها في منصبه الحالي، خاصة وانه أب لستة من الأولاد والبنات يدرسون في مدارس يهودية متدينة خاصة ومكلفة، علما ان زوجته طبيبة تكسب مبالغ جيدة من مهنتها. أم أنه "دُفع" لمغادرة موقعه لأن صهر الرئيس جاريد كوشنر أزاحه من الطريق لجلب مساعده، افراهام (آفي) بيركويتز (29 عام)، الذي تخرج من كلية المحاماة عام 2016 ، ولم يعمل في أي وظيفة مهنية باستثناء مشاركته في حملة ترامب الانتخابية، ومن ثم عمله كمساعد لـ (كوشنر) في البيت الأبيض.
وانشغل غرينبلات نفسه، أكثر من أي وقت مضى بالردود الممتنة على كل الذين شكروه على خدمته واخلاصه لإسرائيل في العامين والنصف الماضيين، خاصة تلك التي وردته من فريقه، مثل الرئيس ترامب، وكوشنر، وسفير أمريكا في إسرائيل ديفيد فريدمان، ووزير خارجية أميركا، مايك بومبيو، والأغلبية الإسرائيلية، وعلى رأسهم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي يخوض معركته الانتخابية الأصعب في تاريخه السياسي. كما انشغل غرينبلات نفسه منذ إعلان استقالته بالعودة إلى مهمته المفضلة، المتمثلة بتوجيه انتقادات لاذعة للفلسطينيين، وكل ما يمت لهم بصلة، خاصة "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين-الأنروا" التي يُكن لها ضغينة وحقدا، ويعتقد أن القضاء عليها سيؤدي حتما للقضاء على قضية "اللاجئين الفلسطينيين".
وقالت الباحثة المخضرمة في معهد بروكينغز المرموق في العاصمة الأميركية (ومساعدة وزيرة الخارجية السابقة) تمارا ويتيس، في تصريح صحفي ان استقالة غرينبلات تعني بالنسبة لها أن "خطة السلام الأميركية (صفقة القرن) التي قيل فيها وعنها الكثير خلال عامين ونصف لن تكشف في المدى المنظور" خاصة وأنها كلما تأخرت (في الإطلاق) قل احتمال كشفها على الإطلاق.
أما لارا فريدمان، رئيسة "المؤسسة من أجل سلام الشرق الأوسط" التي أمضت حياتها في العمل من أجل حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بما ينصف الفلسطينيين، ان لم يكن عبر حل الدولتين، فليكن عبر حل الدولة الواحدة القائمة على المساواة والعدالة لكل مواطنيها فقد قالت لـ "القدس" إن "سياسة إدارة ترامب بالنسبة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومسألة سلام الشرق الأوسط تقاد من قبل السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان (الذي لا تربطها به قرابة-فقط تشابه أسماء)، وبقاء أو ذهاب غرينبلات، وجلب غيره لن يغير شيئاً. لقد تمكن فريدمان عبر سنتين ونصف، (منذ أن اصبح سفيرا) تنفيذ أجندته التي تحدث عنها طوال حياته كواحد من أشد دعاة إسرائيل الكبرى (من النهر إلى البحر)، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، وقطع المساعدات عن الأونروا، وقطع المساعدات عن كل الفلسطينيين، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في الجولان المحتل، واسقاط كلمة احتلال عن الضفة الغربية، اضافة الى حديثه عن حق إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية؛ وحديثه عن حق الفلسطينيين في حكم ذاتي عندما يصبحون قادرون على حكم ذاتهم ، وأخيرا اسقاط عبارة الأراضي الفلسطينية من موقع وزارة الخارجية في وصف دول ومناطق الشرق الأدنى".
وتضيف لارا فريدمان "كل هذه الخطوات والإجراءات الأميركية العقابية ضد الفلسطينيين، هي أجندة السفير ديفيد فريدمان، وأي خطة/ صفقة تكشف في المستقبل لن تبدأ من العودة إلى ما قبل 20 كانون الثاني 2017 (يوم تنصيب ترامب) بل من حيث نحن الآن: لقد أزيحت كل قضايا الحل النهائي، وهذه الإدارة لن تتراجع قيد أنملة".
خبراء آخرون يعتقدون أن جلب براين هوك، وهو دبلوماسي مخضرم منذ عهد الرئيس السابق جورج دبيو بوش، ومن دعاة شن الحرب على العراق، ومن أنصار إسرائيل المتشددين في العاصمة الأميركية، ويعمل الان مبعوثا للشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية كمساعد وزير، يعتقدون ان ضمه لفريق فريدمان-كوشنر يُظهر أن مرحلة دق أوتاد "إسرائيل الكبرى" التي صممها فريدمان وكان واجهتها جيسون غرينبلات قد اكتملت، وأن "رؤية السلام" الأميركية الحالية دخلت "عبر البوابة الإيرانية"، وهي خطة تقوم على أن العدو والخطر الأساسي في منطقة الشرق الأوسط آت من إيران، وأن على الدول العربية التي تدعمها وتحميها الولايات المتحدة القبول بهذا المنطق للمضي قدما.
أما كلمة فلسطين وفلسطينيون، فتعود إلى ما كانت عليه قبل حرب عام 1967 في سياق اكتمال ضم القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.