الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لنُتقِنْ لعبةَ الأيّام/ رباب نفّاع خليل

إذا عُدْنا، ستُمحى لهفةُ التّفاصيل الأولى، وصورٌ من ذاكرتنا كنّا قدْ أدمَنّا العيش فيها؛ فلا نحنُ عائدونَ، ولا نحن عابرونَ على  صَفحَاتِ الذّكرياتِ، بلْ نلتصقُ في زمنٍ  يُحاورُنا؛ نصارعُ فيهِ الرداءةَ، وكأنّنا أبطالُ الكوكبِ؛ رافعو الرّاياتِ في مهبّ الرّيح.

فكيفَ سنعودُ لِذاتِ اللهفةِ، وذواتُنا خُرِقَتْ، مُزِقّتْ بأشرعةٍ قدْ رسَمْنا زواياها مائلةً؟

أبحَرَتِ السّفينةُ، وقد أثقلَتْ حِملَها، فعبَرَتْ محيطاتٍ، وتجاوزتْ حدودًا، وأفرَغَتْ  أكوامًا وأكوامًا، ظنًّا مِنَ القُبطانِ بأنّ الشراعَ حادٌّ،  لكنْ لا هو حادّ ولا المرساةُ عائمةٌ.

عاوَدَ الزّمنُ يُبطّنُ مواقيتَهُ، تارةً نلمحُ النهارَ يغوصُ في عتمةِ الليلِ، وتارةً ينصهرُ ضوءُ القمرِ في سراديبَ وهميّةٍ.

فَلْنلتحِفْ صفوةَ الفكرِ وعذوبةَ المحبّةِ،و..  لْنُتْقِنْ لُعبةَ الأيّامِ.

استقِ واُرتوِ يا صاحِ، برحيقٍ مختومٍ  بمسكِ القلوبِ، فالأيّامُ  عادَتْ لتدورَ جائرةً، ربّما مُلهِمَةً لأسرى العقولِ، تتّقدُ نيرانُها، عندما تحيكُ الأنثى ثوبَها في عجلٍ، لتغوي ذاكَ الجَسورَ الّذي منحَها شُعاعًا، يرأبُ صدوعَ روحِها في أربعينياتِ الخوفِ، وانتظارِ ما هو آتٍ !

توّجَتْ عيونُ الرّوضِ زهرًا، أنبتَ أرضًا جرداءَ،  فاخترقَ سماءً قاحِلَةً أمطَرَتْ رذاذًا، فتأنَقَتِ الشرقيّةُ في زيّها المعهود، تتراقصُ بينَ زخّاتِ المطرِ الموشوم بالألحان، يَنثرُ رحيقًا في أروقةِ الزّمانِ.

ربيعُ الحُبِّ يشتهي السّكينةَ، يرتوي بشفاهٍ باسمةٍ، يُثري القلوبَ بعذبِ الكلمات، فيُناجي العاشقُ روحَهُ بهمساتٍ جنونيّةٍ، تطربُ لها نفوسٌ شجيّةٌ، في عناقٍ أبديٍّ.

رأفةً يا أهلَ الهوى، بزاهدٍ يترّنحُ ثمِلًا ، يهيمُ على صفحاتِ الكونِ  برداءِ الطهارةِ، يسترُ بركانًا من لهيبِ الشّوقِ  يحترِقُ، فارفِقْ يا عشقُ، بعذارى القلوبِ.

2020-04-14