الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الفكاهة في غير مكانها.. سماجة مزعجة!

تصوري أنك تقفين متضايقة من موقف ما، يزيده حرارة الصيف، وفجأة يأتي صديق أو صديقة ليلقي عليك نكاته التي تبدو سخيفة، فلا المكان ولا الزمان مناسبان لقولها أو أحياناً فعلها، كيف سيصبح الموقف؟

مواقف رصدتها «سيدتي» مع أشخاص تعاملوا مع روح الفكاهة التي تتحول إلى سماجة.

في السعودية.. لا يستسيغها الجيل السابق

قبل سنوات كان التجهم واضحاً على وجوههم، وعندما انفتح باب المزاح راحوا يبتكرون لها مقالب تثير الغضب وتسبب المشاكل. يذكر اختصاصي التربية الفكرية «عبد الله بن عيسى» موقفاً حصل له أثناء نومه؛ حيث دخل أولاد عمه عليه وأشعلوا منديلاً ورقيّاً باستخدام عود ثقاب، ورموه على رجليه، فانتفض مفزوعاً ليجدهم يضحكون ويقهقهون على ما سموها مزحة، يتابع عيسى: «هي مزحة لم أوبخهم عليها؛ لأنها ثقيلة وقوية ومزعجة».

بينما اتفقت طالبة الصيدلة «لمياء سليمان» مع صديقة لها على المزح بطريقة شريرة مع إحدى البنات، فأخذتا جوالها خلسة، وقامتا بمحو أرقامهما منه، تستدرك لمياء: «دخلنا غرفة أخرى واتصلنا بها، وقلت لها إنني من البنك الذي تتعامل معه، وإنها قد تجاوزت الحد المسموح به من السحب بالدين، وإنها إن لم تحضر فوراً لتسديد تلك القيمة فسنتصل بالشرطة، فخافت؛ لأننا ذكرنا اسمها الثلاثي واسم البنك، واعتقدت أنّ أحداً سرق بطاقة الفيزا الخاصة بها، فاتصلت بوالدها وأخبرته بما حدث، فأخذ يصرخ في وجهها، فأخبرناها بما فعلناه فانهالت علينا بالضرب والبكاء والسب».

في الإمارات.. المزاح ترف زائد وسطحية

رغم أن الطيبة والتسامح سمتان تلازمان غالبية أبناء الإمارات، لكن التعامل بروح فكاهية لا وجود له تقريباً، ربما هذا ما طبعتهم به الصحراء، لكن بعضهم بات يسعى لإيجاد مساحة للضحك، حتى وإن تعرض للتعنيف أو الإساءة. وعندما حاولت «رنا عالوك»، طالبة في كلية الأفق الجامعية، أن تفاجئ زميلة لها في السكن بتلوين أظافرها وهي نائمة، طلت كل أظفر بلون، وأخفت مادة إزالة الطلاء.

وعندما نهضت زميلتها من النوم بدأت بالصراخ في وجهها، واعتبرت ما فعلته عيباً، وقاطعتها لمدة تزيد على الشهر. «مازلنا في الإمارات نحجم عن فكرة المزاح بصورة عامة»، رأي يصرح به «خليفة جاسم،» طالب في كلية الهندسة بجامعة الشارقة، والسبب الرئيس هو تخوف البعض من النظرة إليه ووصفه بالأهوج أو السطحي، فالتكشيرة في نظر الكثيرين هيبة، وتابع: «تلك العبارات للأسف استخدمت في غير موضعها، ودرجت العادة عند الناس على الاعتقاد بصحتها».

في الأردن.. فكاهتهم فاشلة

رغم تمتع بعضهم بروح الفكاهة لكن الآخرين يفشلون في إضحاكهم، ففي إحدى الأمسيات الشعرية كان سلطان القيسي، شاعر، مع الحضور، وفي نهاية الأمسية اقتربت منه صبية في العشرينات، سلمت عليه بحرارة أسعدته، وراحت تسأله عن جديده، فحدثها بسرور عن كتاب أعد له منذ سنة، وعن أمسية قريبة، فأجابته متفاجئة «إنت كمان بتكتب شعر»، يتابع سلطان: «سألتها عما تقصد، فارتبكت البنت وقالت لي ألست أنت الفنان عبد الرحمن القيسي؟ فضحكت لغرابة الموقف، وأجبتها أنني أخوه، وأنني الشاعر سلطان القيسي. تعرض «فوزان العبداللات» إعلامي، لإحراج علني عندما جرب إلقاء «الفوازير» في أمسية فنية قبل صعود الفنان للمسرح، وكانت عن شيء يطير لونه أحمر، فعرف أحدهم الإجابة الصحيحة، وهي: «ذبابة مجروحة» لكن أحد الحضور أجاب إجابة خاطئة معيبة تخدش الحياء العام، ما أحرجه أمام الجمهور فقال له: عيب. يتابع: «حرمت من يومها إلقاء الفوازير في الحفلات أو البرامج أو الأماكن العامة، واقتصرتها على أصدقائي المقربين فقط».

في مصر.. يختلقون النكتة من «الهوا»

رغم حبهم للدعابة والمقدرة على الرد بأفضل منها، لكنها إذا أتت في وقت يكون فيها مُسْتَقْبِلها متوتراً فتصيبه بمزيد من الضيق، فأثناء خروج «أحمد عبد الرحيم» طالب بكلية الهندسة، من الامتحانات، صادفه صديق بنكتة، وأخذ يضحك عليها هو ومن معه ويضربه بخفة على كتفه حتى اغتاظ منه، يتابع أحمد: «لم أنه الامتحان بشكل جيد، وكنت غاضباً جداً، وضحكت بغلاسة، فزاد صديقي من تهريجه، وأسقط النكتة على شخصي، ووصفني أنا بالمسطول، فاغتظت ولكمته في أنفه. فتدخل أمن الكلية، وقام بتحويلنا إلى مجلس تأديب، فحرمنا سوياً من الامتحان». وبينما «سامح جلال» مدرب في أحد الأندية، التقى بعد يوم طويل ومرهق صديقه الذي راح يحكي له عن طرائف زوجته مع الجيران، وظل يحكي ويضحك وسامح صامت.

وفجأة قال «ألا تجد ما يضحك في كل ما أقوله؟»، يتابع سامح... فأجبته ببرود: «وهل تريدني أن أضحك.. إذن ها ها ها» وانصرفت وهو واقف، وفي اليوم التالي اعتذرت له، وأنا أؤنبه أنه لا يختار الوقت المناسب للحديث.

الرأي النفسي

من السعودية يؤكد استشاري الطب النفسي بمستشفى الحرس الوطني الدكتور «جمال الطويرقي» أن الناس في الفترة السابقة كانوا يتصفون بالجمود، لكنهم هذه الأيام يطلقون الألقاب على بعضهم، وحتى على أنفسهم كأبو سروال وفانيلة للشباب، وأم ركبة سودة للبنات، وما شجعهم على ذلك دخول وسائل التواصل الاجتماعي. من الإمارات، تعتقد المتخصصة في علم الاجتماع «هبة محمد» أن البعض هنا يرفض إطلاق النكات بحضور غرباء؛ خشية أن يقال عنه إنه إنسان أهوج أو غير جدي، تتابع: «هذا ينطبق على 80% من الناس في الإمارات، لكن فئة الشباب بدأوا يخرجون من عباءة التقيد والجمود إلى الانفتاح في المزاح بحكم التحرر».

2013-08-13