الجمعة 9/11/1445 هـ الموافق 17/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نحو برنامج وطني لأهل القطاع حماده فراعنه

لم يعد قطاع غزة تحت سلطة الاحتلال، وباتت أرضه خالية من مظاهر الإسرائيليين ومؤسساتهم، كما هو الوضع في القدس وسائر مدن الضفة الفلسطينية وقراها، ولم يعد أهل القطاع يواجهون جيشَ الاحتلال مباشرة ومسلحي المستوطنين كما كانوا من قبل منذ عام 1967 حتى عام 2005، فقد رحل الاحتلال وجيشه ومستوطنوه بفعل شعب الانتفاضة وتضحياته وبسالته.

صحيح أن الحصار الإسرائيلي ما زال باقياً بموافقة أميركية أوروبية مصرية، وحرية القطاع لم تستكمل بعد، وآثار كامب ديفيد لا تكبل القاهرة فحسب بل تصل تداعياتها وآثارها، نحو قطاع غزة، من خلال التزام أمني وسياسي مصري مع إسرائيل، وهذا يتطلب جهداً فلسطينياً مصرياً عربياً دولياً، لتخفيفه على طريق إزالته، والحل يكمن في كيفية تقديم أهل القطاع لأنفسهم أمام أنفسهم وأمام شعبهم وأمام العالم !، ولذلك على أهل القطاع الذين تحرروا من جيش الاحتلال ومن المستوطنات والمستوطنين، بحاجة لتقديم أنفسهم كأحرار، وكنموذج للحرية وللتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع واحترام إفرازاته ونتائجه.

أهل القطاع من المدنيين والأحزاب – الفصائل، ومؤسسات المجتمع المدني والمستقلين والمهنيين ورجال الأعمال والمنظمات النسائية والأهلية يجب أن يرفعوا "دوز" المطالبات المدنية في مواجهة سلطة "حماس" الحزبية الأحادية وتسلطها، لأن ما تفعله "حماس"، وما تفعله وما تفرضه، هو نفس مضمون الحزب الواحد الذي كان يقود مصر في عهد مبارك، وتونس في عهد زين العابدين بن علي، وليبيا في عهد القذافي، واليمن في عهد علي عبد الله صالح، وأحزابهم وموظفيهم وأشكال استفرادهم في الحكم كما تفعل "حماس" الآن وبشكل أقسى وأسوأ في قطاع غزة .

لقد اكتشف الوطنيون والقوميون واليساريون والليبراليون العرب، مساوئ الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس، ولكن قصر نظرهم، أعمى بصيرتهم وأبصارهم عن مساوئ الإخوان المسلمين في فلسطين، على أثر انقلابهم الدموي في حزيران 2007 في قطاع غزة، ولذلك لا يملك أحد، إمكانية التنصل عن دوره المطلوب في قطاع غزة، لا "حماس" التي تقود السلطة منفردة، ولا الفصائل والأحزاب والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني العاملة أو الحاضرة أو الفاعلة في قطاع غزة، فالجميع يتحمل مسؤولية ما هو قائم، وما هو سائد، وما هو جار في قطاع غزة، من تسلط وغياب المظاهر الديمقراطية، والتعددية، وتغييب صناديق الاقتراع، والسلطة الوحيدة المطالبة بإجراء الانتخابات على أرضها، هي سلطة قطاع غزة بعد انحسار الاحتلال وهزيمته ورحيله من هناك، ولذلك إذا لم تكن الظروف موالية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لتكن الانتخابات البلدية، كشكل من أشكال المشاركة، وكشكل من أشكال بروز قيادات مدنية عبر صناديق الاقتراع، وكشكل من أشكال تحمل المسؤولية من قبل هؤلاء المنتخبين الأقدر على تحسس مشاكل شعبهم والإسهام في حلها، يجب أن يتحول القطاع إلى خلية عمل مستنفرة في الجامعات ومجالسها، والنقابات وقواعدها، والفصائل وجماهيرها، من أجل العمل على تحقيق أربعة أهداف مركزية متفق عليها هي :
أولاً : إشاعة أجواء التعددية والديمقراطية والانتخابات وإعلاء دور المجتمع المدني والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ثانياً : وضع خطط التنمية والتطور وتحسين مستوى الخدمات والتعليم والصحة والأمن الاجتماعي.

ثالثاً : إنهاء مظاهر الانقلاب واستعادة الوحدة الوطنية.

رابعاً : استثمار حصيلة هذه العوامل الثلاثة من أجل رفع الحصار وإنهائه.

يجب فصل أهل القطاع عن أبناء الضفة إدارياً، وعدم ربطهم ببعضهم البعض، وعدم معاقبة هؤلاء بأولئك، فالبرنامج في قطاع غزة اليوم يجب أن يكون عنوانه التقدم والتنمية وتوفير متطلبات العيش الكريم، مصحوباً بخيار الانتخابات وشيوع التعددية، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، فبوابة فلسطين وحريتها ونموذجها وقاعدتها يجب أن تنطلق من قطاع غزة، باعتباره تحرراً من فعل الاحتلال ومظاهره وجنوده وقواعده ومستوطناته، وبات مالكاً لهامش واسع من الحرية والاختيار.

مطلوب من قطاع غزة، أن يقدم نفسه نموذجاً للفعل الفلسطيني، بعد التضحيات والمعاناة والخسائر، لا أن يتخفى أصحاب القرار في حركة حماس ومن خلفهم ومرجعيتهم حركة الإخوان المسلمين وراء الحصار، ويستعملوا الحصار حجة لعدم دفع الاستحقاقات المطلوبة منهم، والمطلوب منهم : التنمية والتقدم والتطور، مثلما هو مطلوب منهم الديمقراطية والانتخابات والتعددية، وتداول السلطة بعد الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

[email protected]

2013-03-07