كشفت وثيقة سرية للمخابرات المركزية الأمريكية، تم الكشف عنها مؤخرا، وحصلت "بوابة الأهرام" على نسخة منها، أن المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" كانت تعتمد على مقالات هيكل المنشورة في الأهرام لتحديد توجهات السياسة المصرية خاصة خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

الوثيقة المعنونة بـ"تقرير المخابرات العامة" والمؤرخة بـ 30 يناير 1959م، والممهورة بعبارة "سري للغاية" حاصلة على موافقة بنشرها بتاريخ 4 سبتمبر 2002م، ورغم ذلك فإن عدة صفحات منها محجوبة بشكل كامل، وحتى الصفحات المنشورة منها تحوي مقاطع عديدة مخفية، وهو الأسلوب الذي تتبعه المخابرات الأمريكية مع الأجزاء التي مازال ينظر إليها باعتبارها تؤثر في الأمن القومي الأمريكي، رغم مرور أكثر من نصف قرن على إعدادها.

في الجزء السفلي من الصفحة الأولى من التقرير، والمعنونة بـ" الموجز اليومي"، تستهلها جملة: الجمهورية العربية المتحدة-الاتحاد السوفيتي: يليها ما ترجمته: "انتقد محمد هيكل، رئيس تحرير الصحيفة القاهرية وثيق الصلة بـ"ناصر" في مقاله بتاريخ 29 يناير كلمة خروشوف في اجتماع الحزب لتشويهه جهود الجمهورية العربية المتحدة.

وأضاف هيكل -وفق التقرير- أن العرب يحبون ويحترمون الاتحاد السوفيتي بالرغم من، وليس بسبب أنشطة الشيوعيين المحليين". ويختتم التقرير هذه الفقرة بالقول إن ناصر قابل السفير السوفيتي كيسيلي صباح نفس اليوم. ثم تأتي فقرة مخفية.

يشير التقرير إلى مقالة شهيرة لهيكل نشرت في عدد الأهرام الصادر في 29 يناير 1950م، والمعنونة "عتاب من خرشوف.. وعتاب على خرشوف"، والذي أكد فيه هيكل على استقلالية قرار الجمهورية العربية المتحدة، وأن علاقاتها الوثيقة بالاتحاد السوفيتي لا تحول دون هذا الاستقلال، وأن العلاقات بين البلدين قائمة على "قدم المساواة".

وبالرغم من أن التقرير يعد رصدا يوميا يتم تجميعه من برقيات السفارات الأمريكية في معظم أنحاء العالم -على ما يبدو؛ إلا أنه يكشف بجلاء كيف كان وقع مقالات هيكل وأهميتها بالنسبة لدوائر صنع القرار الأمريكية، وكيف كانت مثل هذه المقالات تتضمن رسائل حساسة وبالغة الأهمية، تخاطب العالم، ويكشف لنا كذلك كيف كانت أجهزة المخابرات الكبرى في العالم تتلقى هذه الإشارات وتقوم بتحليلها، ومن ثم تقدمها لصناع القرار في بلادها.