الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
العنوسة ما بين الأبعاد النفسية والاجتماعية

رام الله - الوسط اليوم:


كثير من الإحصاءات على مستوى العالم العربي تشير إلى ارتفاع مستوى العنوسة ولا شك أن مجتمعنا المحلي له نصيب من وجود تلك المشكلة ولعل هذه المشكلة لا تقف عند الحد الاجتماعي فحسب بل تتطور لتشكل عمقا نفسيا للفتاة، هذا العمق النفسي الذي يؤثر ليفرز جوانب مختلفة من المشاعر السلبية ليست ناتجة عن العنوسة وحدها فحسب بل إن النظرة الاجتماعية تحاصر وضع الفتاة لتخلق منه مشكلة تنعكس على حياتها بأكملها، وعلى الرغم من أن كثيرا من الفتيات قد يكون لديهن شعور بعدم الرغبة في الزواج لأي سبب يرينه أو يشعرن به إلا أن المجتمع المحيط لا يقدر الظروف الفردية والأسباب ولكنه يصب جام انتقاده على تلك الفتاة لكونها تقع داخل مربع العنوسة، ولكن الواقع مختلف بكثير عن أبعاده ومعطياته، فمن الحالات التي قابلتها كانت لفتاة بلغت الـ 30 من عمرها لديها أختان وكلهن لا يرغبن في الزواج لأنهن عشن خبرة سيئة جدا مع والدهن الذي كان يضرب والدتهن باستمرار ضربا مبرحا فقررن بعد وفاته أن يعشن سويا مع والدتهن ـــ كما ذكرن ـــ في نوع من الأمن أو الراحة النفسية وليست تلك الحالة وحدها بل تتعدد الحالات وتختلف فلا أحد يدرك التوجهات والدوافع الداخلية للبشر وكيف يفكر كل إنسان وما هي الزاوية المنطقية التي يرى منها الأحداث والموضوعات هذا من جانب، أما من جانب آخر فإنه وعلى الرغم من أن الزواج والأسرة هما شيئان مهمان للفتاة ولمسيرة الحياة وطبيعتها البشرية إلا أن الفتاة ربما في المقابل لا تكون سبب في عنوستها من الأساس بل قد تكون ضحية لقرارات مختلفة ومتعددة، حيث يشارك عدد من المحيطين من داخل الأسرة والعائلة في قرار الزواج الذي من المفترض أنه يتعلق بها إلى جانب والديها شرط أن يكون لديهما اتزان وخوف من الله فيما يقررانه، وبالتالي فإن حالة الاتفاق أو عدم الاتفاق على تحقيق فكرة الزواج للفتاة أمر يهدد أهمية التفعيل الإيجابي لهذا القرار من الشخص المتقدم وإلا ستذهب الفرصة ربما دون عودة، وفي كل الحالتين أو غيرهما فإن المجتمع يظل هو نقطة الضغط الأولى والأخيرة في إشعار الفتاة بأن لا قيمة لها إلا بالزواج وعلى الرغم من الإيمان الكامل بدور الفتاة الفعال وأهميته في أسرتها المستقبلية كدور أساسي وهبه الله للمرأة إلا أن المجتمع يجب ألا يحكم على الفتاة ''بالإعدام النفسي'' من خلال تجريدها من كل إيجابياتها الشخصية وكيانها وتلبيسها النظرة القاصرة في حين كونها تدخل ضمن إطار العنوسة ـــ كما يرى البعض ـــ وقد لا ينطبق ذلك على كل الأسر في مجتمعنا بل هناك بعض الأسر هي التي تقسو لأبعد الحدود، وقد تكون تلك النظرة الاجتماعية في بعض الأحيان سببا أساسيا في نشأة مشكلات أخرى مهمة مثل مشكلة هروب الفتيات أو بعض المشكلات النفسية كالرهاب الاجتماعي أو حتى بعض مشكلات الانحراف الأخلاقي وكل ذلك سيكون من أجل البحث أولا وأخيرا عن النقطة المحورية لتقدير الذات.

الاقتصادية- د. نجلاء أحمد السويل

2013-02-17