الأربعاء 22/10/1445 هـ الموافق 01/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
صفقة "بيرنز" تتقدم وتواجه الأسئلة الأصعب والقسام: أين.. متى.. وكيف سيتم تبادل الأسرى؟

غرق مفاوضون من مصر وقطر والولايات المتحدة ونظراء لهم من حركة حماس خلال الساعات القليلة الماضية في محاولة محمومة للتوصل لصفقة تبادل أسرى ورهائن قابلة للتطبيق وفي أسرع وقت ممكن، وسط مؤشرات حيوية تفيد بأن رئيس المخابرات الأمريكية ويليام بيرنز يضغط بشدة باتجاه إنجاز صفقة بين حماس والإسرائيليين، تسمح بالتخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.

الفكرة التي يتبناها بيرنز خلال ساعات نشاط مكثفة في الملف، هي تلك التي تقدّر بأن الجهود القطرية وجهود البيت الأبيض أصبحت مباشرة للعمل على الحد من نزيف المعاناة المدنية في قطاع غزة، خاصة بعد ظهور تقارير تتحدث عن ضغوط داخلية في الولايات المتحدة تطالب بوقف الحرب.

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً اليوم قالت فيه إن مساعدين للنواب الديمقراطيين في الكونغرس اختلفوا مع رؤسائهم في موقفهم من الحرب في غزة.

وقالت إن موجة من العاملين في الكونغرس السابقين والحاليين، معظمهم من الجيل الشاب يطالبون بوقف إطلاق النار، ويتحدثون ضد مواقف المسؤولين عنهم علناً.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تحرك يوم أمس الاثنين للتعامل مع الانتقادات المتزايدة داخل صفوف الوزارة بشأن سياسة إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين إذ دعا مئات من موظفي الحكومة بشكل علني وفي أحاديث خاصة إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وقالت مصادر مطلعة على الأمر إن ما لا يقل عن ثلاث برقيات تنتقد سياسة الإدارة أرسلت عبر “قناة المعارضة” الداخلية في الوزارة، والتي تأسست خلال حرب فيتنام وتسمح للدبلوماسيين بإثارة المخاوف بشأن السياسة مع وزير الخارجية دون الكشف عن هوياتهم.

وحسب مصادر أمريكية، اندفع بيرنز وطاقمه، لوضع خارطة طريق لوجستية خلف الستائر والكواليس خلال الساعات القلية الماضية، بهدف وضع بروتوكول مفصّل يحاول الإجابة على أسئلة عالقة في الجزء الأول من صفقة تبادل مفترضة، ويتردد بقوة أنها أصبحت وشيكة.

الإجابة أمنيا وعسكريا أصبحت مطلوبة على أسئلة محددة، وهي حصرا: “مَن هم المفرج عنهم في التبادل من الجانبين؟ كيف ستتم عملية التسليم؟ متى وأين سيتم التسليم أو التبادل؟”.

بروتوكول بيرنز المشار إليه، صيغ بمشاركة فعالة من الوسطاء القطريين والمخابرات المصرية على الخط المقابل لتوفير إجابات على الأسئلة اللوجستية.

واللافت في التفاصيل، أن التركيز على البروتوكول اللوجستي تم بعد أن حصل الوسطاء الأمريكيون والقطريون على موافقة الاستخبارات الإسرائيلية ثم كتائب القسام في نفس الوقت. وهو الأمر الذي أفصح عنه عمليا الناطق باسم القسام أبو عبيدة، في إطلالته الصوتية مساء الإثنين.

وذكر أبو عبيدة أن الوسطاء القطريين بذلوا طوال الأسبوع الماضي جهدا للإفراج عن محتجزي العدو من النساء والأطفال مقابل الإفراج عن 200 طفل فلسطيني و75 امرأة هم مجموع المعتقلين حتى تاريخ الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري من النساء والأطفال لدى العدو”.
وأضاف “طالب العدو الإفراج عن 100 امرأة وطفل من محتجزيه في غزة، وأخبرنا الوسطاء أن بإمكاننا في هدنة مدتها 5 أيام تتضمن الإفراج عن 50 من النساء والأطفال في غزة وقد يصل العدد إلى 70، على اعتبار وجود إشكالية في وجود أولئك المحتجزين لدى فصائل وجهات متعددة”.
وتابع: “على أن تتضمن الهدنة وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإغاثية والإنسانية لجميع أبناء شعبنا في جميع أنحاء قطاع غزة”.

ثمة خلافات لا تزال عالقة وأهمها مرتبط بسقف زمني لوقف إطلاق النار يحقق لحماس أهدافا منتجة، وتوافق عليه إسرائيل أو لا تمانعه، وهو ذاته السقف الذي تقول المصادر إنه ينبغي أن يسمح عند التنفيذ بدخول كمية كبيرة من المساعدات لأهالي القطاع، ثم يصبح أساسا في حال إنجازه بدون منغصات للانتقال إلى خط الإنتاج الثاني، وهو صفقة لتبادل الأسرى العسكريين الإسرائيليين.

قطع التفاوض شوطا عميقا، وخفف الإسرائيليون من شروطهم المتشددة إجرائيا وزمنيا، ووضعت حركة حماس سقفا مكتوبا أُرسل للوسطاء، فكرته ثلاثة شرائح: الأولى تتضمن ما لا تقبله، والثانية ما يمكن لها أن تقبل به، والثالثة مساحة التفاوض.

وفي التفاصيل، حديث عن مرونة حماس لصفقة تبادل إما بالقطعة والتقسيط، أو على أساس التدرج، مع قابليتها أيضا لصفقة شاملة قوامها تبييض سجون إسرائيل تماما وبصورة نهائية، مع ضمانات قانونية، مقابل تسليم كل الأسرى الإسرائيليين بكل أصنافهم، والالتزام بالبحث عن جثث من قُتل منهم جراء القصف الإسرائيلي.

وافقت حماس على مبدأ أطفال مقابل أطفال، ونساء مقابل نساء، ومرضى مقابل جرحى، وأيضا على مبدأ كبار السن مقابل كبار السن، أو على صيغة نساء وأطفال مقابل كل الأجانب.

التوقعات تشير إلى أن حركة حماس إذا ما صمدت في ملف الأسرى والرهائن، خصوصا إذا ما وصلت إلى مرحلة تبييض سجون الاحتلال تماما، تكون قد بدأت عمليا وسياسيا بتغيير بنية الوضع العام في الضفة الغربية.

وهو هدف من المفاجئ جدا أن الوسطاء الأمريكيين الآن لا يعارضونه إذا ما كان جزءا من خطة أشمل يمكن أن تنتهي بمبادرة سياسية الطابع.

وهي مبادرة قابلة للنقاش؛ لأن قادة حماس أبلغوا الوسيط المصري بأن لديهم مبادرة سياسية مطروحة الآن، وأن الحركة منفتحة على تبادل أفكار مرحلة ما بعد الحرب، الأمر الذي يعني ضمناً بأن التمكن من إنجاز الجزء الأول من صفقة التبادل، هو خطوة في غاية الأهمية على الأقل بالمنظور الأمريكي الآن، وقد تعقبها خطوات أخرى.

2023-11-14