الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حقا.... اننا نبني كيانا ديمقراطيا/ د. زياد أبوالهيجاء

لايمكن مقارنةالسلطة الوطنية الفلسطينية , من حيث الأداء الديمقراطي , بالديمقراطيات العريقة في العالم , ولكنها بلا شك تسجل تقدما على طريق ارساء ديمقراطية حقيقية تليق بدولة فلسطينية استحقت تضحيات جسام على مدار عشرات السنين , وفي الشرق الأوسط , حيث دول عربية شقيقة لم  تنل واحدة منها اعترافا عالميا بها كدولة ديمقراطية , وحيث ديمقراطية اسرائيل مشوهة بفعل احتلالها لأراضي شعوب أخرى , تبدو دولة فلسطين القادمة هي الديمقراطية الأكثر أصالة ورسوخا في منطقتنا.

قراءة عادلة , لتقرير اللجنة الرئاسية الخاصة بالتحقيق في احداث رام الله يومي السبت 30/6/2012 والأحد 1/7/2012 ,تظهر بدون شك أن اللجنة عملت باستقلالية تامة عن أية ضغوط . وأن تقريرها لايشبه تقارير لجان شكلت في دول عربية أخرى لحالات مماثلة , بل أشد قسوة , حيث خلصت تلك اللجان الشكلية دائما الى تأثيم ضحايا اعتداءات الشرطة وأجهزة الأمن...وكانت توصياتها تؤكد أن أجهزة الدولة قامت بواجباتها فقط...أما تقرير اللجنة الفلسطينية , فقد كان واضحا جدا في تحميل المسؤولية لضباط كبار في الشرطة الفلسطينية وأوصى بمحاسبتهم.
كما أوصت اللجنة بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون التجمع السلمي والعمل على الغاء المواد(6-7-9) التي تتحدث عن فض الاجتماعات العامة وتفريقها , وذلك كضمان لكي لاتتكرر مثل تلك الأحداث المؤسفة مرة أخرى , ولكي يغلق الباب على من ينفذون من الثغرات القانونية لانتهاك روح القانون.
أما ماورد في التقرير حول رجال الأمن بالزي المدني والذين ساهموا في ضرب المتظاهرين واعتقالهم ....فيجب أن لايفهم على أنه اعتراض على وجود شرطة ورجال أمن بالزي المدني , بل هو اعتراض على ممارستهم وابتعادهم عن أبسط القواعد المهنية بالتعريف على أنفسهم وابراز بطاقاتهم....أما حفظ الأمن في رام الله وفي باقي المدن الفلسطينية بحد أدنى من المظاهر العسكرية ( الحواجز , السلاح . الملابس العسكرية ) فهو في الحقيقة يسجل لصالح أجهزة الأمن وقدراتها على العمل وحفظ الأمن والنظام , فمدن العالم الأمنة والتي تفتخر بالأمان فيها , تكاد تخلو من المظاهر العسكرية , ويعتمد الأمن فيها على منظومة متطورة عمادها الكوادر المهنية المدربة والتكنولوجيا الحديثة.

نشر تقرير اللجنة, في وسائل الاعلام الفلسطينية الرسمية , فقطعت الطريق على تسريبات قد تتجنى على الصدق من أجل السبق الصحفي , وأتيح للجميع الاطلاع على تقرير مهني ونزيه , تقرير ربما فاق التوقعات بتحميله المسؤولية الأكبر لقادة الشرطة , بينما لم يحمل المتظاهرين أية مسؤولية , ياستثناء مطالبتهم بالتزام القانون واشعار الجهات المعنية حول تجمعاتهم ومسيراتهم السلمية , وفي ذلك رسالة واضحة والتزام أكيد من سيادة الرئيس , فهو الذي كلف اللجنة وقدم لها المساندة المعنوية التامة والحماية الأخلاقية القوية, التزام بأن السلطة الوطنية الفلسطينية . وتحت أي ظرف . لاتتخلى عن حماية مواطنيها , ولن تتهاون في المساس بالديمقراطية النامية اليوم على أرض فلسطين.

2012-07-31