السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الاخوان المسلمين بعد الحظر/تحليل الوسط اليوم-عيسى أبو عرام

ان قرار المحكمة المصرية القاضي بحظر جماعة الاخوان المسلمين و مصادرة اموالها بات يشكل حظراً قانونيا و ليس حظرا سياسيا فقط ، و عليه اصبح الانتماء للجماعة او المشاركة في انشطتها و اجتماعاتها يعد جرماً قانونياً يعاقب عليه القانون ، قد تصل العقوبة الى السجن المؤبد او السجن مع الاشغال الشاقة لسنوات طوال ، وفقاً للباب الرابع من باب العقوبات المصري الذي ينص على عقوبة كل من ينشئ او يؤسس جماعات مخالفة للقانون و قد جاء في حيثيات الحكم دواعي و اسنادات عززت من قناعة القضاة في حظر الجماعة التي اتخذت من الاسلام ستاراً و قهر المواطنين حتى ساءت احوالهم و اتخذت من العنف منهجاً و طريقاً و مست بالامن القومي المصري حتى قامت ثورة 30 يونيو من قبل الشعب المصري و حماها و احتضنها الجيش .
يعد هذا الحظر الثالث في مسيرة الاخوان المسلمين الطويلة في مصر منذ نشأتها 1928 على يد المؤسس حسن البنا فما هي خطوة الاخوان المسلمين الثانية بعد مغادرتهم المشهد السياسي و حتى الاجتماعي و الحظر القانوني في مصر؟؟
امام الاخوان المسلمين خيارين لا ثالث لهما اما التفكير الجدي باجراء مراجعات فكرية و ايدولوجية تتماشى مع منطلقات الدولة المصرية الحديثة على غرار التجربة التركية بعد ازاحة نجم الدين اربكان عن المشهد السياسي باتفاق بين المحكمة الدستورية و الجيش بعد فوزه في الانتخابات النيابية عام 1995 و التي على اثرها شكل حكومة ائتلافية برئاسته، و قامت على ترجمة رؤية اربكان الخاصة و رفعت شعار التعاون مع الشرق ( نحو العالم الاسلامي ) و طرحت فكرة السوق الاسلامية المشتركة في مواجهة السوق الاوروبية المشتركة و أزمت علاقاتها مع حلف شمال الاطلسي التي تنتمي اليه تركيا كما انها لم تتردد في الاعلان عن طرح طموحات اسلامية داخلية و خارجية ، هذه السياسة تتشابه الى حد بعيد مع فكر الاخوان المسلمين في حكمهم لمصر حيث ان التجربتين همشتا شرائح علمانية واسعة و مؤثرة في الدولة و اضعفتا من مفهوم الدولة حتى دفع بخصومهما الخوف تعرض البلاد و الامن القومي للخطر ، قد تقود المراجعة على انشاء حزب سياسي جديد بأن لا يعرف نفسه على انه حزب اسلامي كما فعل رجب طيب اردوغان و عبد الله غول اللذين انحدرا من حزب الرفاه الذي قاده اربكان و قد ابتعد كل البعد ما يفهم منه ان للحزب برنامجاً اسلامياً في تأسيسهما لحزب الحرية و العدالة فقد اكدا في طرحهما لتسويق مبررات انشاء الحزب على العلمانية المؤمنة عن طريق رفع شعار الديمقراطية المحافظة و المقصود بالعلمانية المؤمنة هو محاولة الجمع بين الاسس العلمانية للدولة التركية و مجموعة القيم الثقافية و الاجتماعية و السياسية المستمدة من روح الاسلام الذي يجملها بروشور الحزب، الديموقراطية المحافظة تأتي على غرار الديمقراطية المسيحية في بعض البلدان الاوروبية لكن هذه الديموقراطية المحافظة قد تكون حلاً فضفاضاً وسطياً للهروب من الاتصاف بالاسلامية الا ان خصومه السياسيون يرون انه يحمل خلف هذا الشعار اجندة اسلامية سياسية .
فهل يستطيع الاخوان المسلمين الخروج من مأزق مسار سياسات الهوية الاسلامية ( دولة الخلافة ، دولة الشريعة ) الى مسارات اجتماعية و اقتصادية و خدمية تخدم السياسة العامة للبلد ؟؟
قد يكون الجواب لا ، لأن منظري الاسلام السياسي في المنطقة العربية و خاصة في مصر مثلا في طروحاتهما نحو الاسلمة تحدياً جدياً دموياً لأطروحة العلمنة ثم اضيف الى هذا التحدي الجدل السياسي الاسلامي القائم على التكفير و بروز الاصوليه الاسلامية و هي حالة من الردة عن التعلمن و استدعاء الدين من المساجد و دور الفقه الى الفضاء السياسي و الاجتماعي العام و بذلك انتشرت حركات الاسلام المتشدد الذي رآها اوليفيه روا فشلا في الاسلام السياسي و خروجه من دائرة الفعل المجتمعي و بات يقتصر نشاطة على التخريب و الوقوف في وجه الدولة ، هذا ما يقودنا الى الخيار الاخر و هو استدعاء العسكر للسيطرة على مقاليد الامور و تحويل مصر مع مر الايام الى دولة بوليسية تستبيح اركان الديمقراطة الوليدة و حقوق الانسان و التعددية السياسية و مبدأ تداول السلطة بحجة حماية الوطن و الدفاع عن الامن القومي .

2013-09-24