السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في السياق ومن السياق وخارج السياق/جهاد حرب

(1)  في السياق: "الفدائي" وحكومة التوافق

أفرح فوز الفدائي "المنتخب الوطني لكرة القدم" بكأس التحدي للالتحاق ببطولة القارة الآسيوية قلوب الفلسطينيين، ومنحهم قوة دفع في ظل غمامة السياسة وآلامها. هذا الانجاز وضع الكرة الفلسطينية على الطريق الصحيح او وضع لها موطأ قدم في عالم الرياضة الاسيوية وكذلك الدولية. هذه الفرحة نتيجة جهد متواصل للاتحاد العام لكرة القدم برئاسة اللواء جبريل الرجوب والطواقم العاملة الفنية منها والإدارية. مما يدل على أن الفلسطينيين قادرين على الوصول للأهداف والغايات عندما يضعونها نصب أعينهم وتوفير ادوات الوصول "النجاح" بالجهد والإرادة ووضوح الرؤية.

وفي السياق أيضا، مَثَلَ تشكيلُ حكومة الوفاق الوطني حدثاً وأملاً طال انتظاره بغض النظر عن منغصات اللحظات الاخيرة، بتثبيت وزيرٍ أو تحويل وزارة إلى مؤسسة فجميعها باعتقادي محاولات لشد الحبل لناحية طرف هنا أو هناك. لكن الاهم من ذلك انجاز الخطوة التمهيدية، الاولية، الافتتاحية، لإنهاء الانقسام بانبلاج الحكومة وولادتها. ندرك تماما العقبات التي ستواجهها هذه الحكومة سواء الداخلية؛ المتمثلة بملفات متراكمة، لسنوات سابقة على الانقسام وسنواته الطويله، ليس اقلها الملف الامني وتوحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية، أو الخارجية المتمثلة بطريقة تعامل سلطات الاحتلال معها والصعوبات والعقبات التي سيضعها أمامها.

(2)  من السياق: العلائق الشخصية أهم إنباءً من المؤسسية

ما جرى من تعيينات على هامش الحكومة، وإن هي غير مفهومة لناحية تفسيرها العقلاني أو المؤسسي، لكن من الواضح طغيان العلائق الشخصية في هذه التعيينات التي تأسس مستقبلا لسوابق تضر بالمؤسسة الفلسطينية من ناحية الحكم الرشيد والمؤسسية التي ينادي بها اصحاب الحكم، وتثير الاحباط لأبناء المؤسسات والعاملين فيها لغياب الأمل للحصول على مناصب أو مراكز "ناضلوا" سنوات طوال للحصول عليها بمهنية والتزام بقواعد وأصول العمل مما يُهيئ لهم أن طريق الوصول الأقرب لهذه المناصب هي العلائق الشخصية أو الحزبية أو طرق اخرى لا تدع لمهنيتهم شيئا، وربما تضع استقامتهم في مهب الريح لناحية التملق والتزلف ضاربين بذلك اسس العمل ومناهجه. ما يطرح بشكل خاص مسألة تعيين روؤساء مؤسسات الدولة وآليات ضمان استقلالهم وحياديتهم.

 

(3) خارج السياق: عزل رئيس الديوان وقيادات فتحاوية

خارج السياق، ما زال عدم توضيح أسباب احالة "عزل" رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية على التقاعد -هذا إذا ما عُلِمَ ان قانون ديوان الرقابة لا ينص على التقاعد مطلقا فإما ان يستكمل رئيس الديوان سنواته السبع أو أن يعزل- خلافا للقواعد المتضمنة في عمل المجلس التشريعي لاستكمال عملية العزل التي تحتاج الى تقريرٍ يُوضح الاجراءات والأسباب للحصول بذلك على تأييد الاغلبية المطلقة لكامل أعضاء المجلس يثير التساؤل ويعزز الاشاعات ويهوي بالمؤسسية.

خارج السياق أيضا ما ذهب إليه الصديق بكر أو بكر عضو المجلس الثوري في مقالته الاخيرة تعليقا على قرار فصل بعض قيادات وأعضاء في المجلس التشريعي من حركة "فتح". خارج السياق هنا لأن أحدا من اعضاء اللجنة المركزية أو المجلس الثوري لحركة "فتح" لم ينبت ببنت شفةٍ دفاعاً عن الاجراءات والنظام الداخلي لحركة "فتح" التي ينبغي حمايتها خوفا من سوابق "قد" تضر بالفكرة الجامعة والمانعة وقانون المحبة وسعة الصدر.

ربما غرد صديقي خارج السرب، الذي أشاطره الرأي، بمخاطبته العقل والوجدان وأعاد بسط قواعد المنهج الحاكم لعمل مؤسسات الحركة، ليبحث عن الطريق القويم لإجراءات العمل ومستقبل حركة عظيمة لها من التراث الشيء الكبير في تدبر أمرها وتحسين صورتها، وإعادة انتاج قواعدها لحل خلافاتها لانبعاثها من جديد في ذكرى احتفالها باليوبيل الذهبي هذا العام.

خارج السياق أيضا لا مبالاة النخب الفلسطينية لعدم مناقشتها القضايا العامة في العلن "وسائل الاعلام" رغم كثرة معارضتها وصراخها ورفضها في الغرف المغلقة، إما خوفاً أو طمعاً أم رغبةً في الحصول على منصب هنا أو هناك، او ربما انغماسا في الحياة الخاصة وبعدا عن المشاكل أو كما يقول المثل التونسي "خاطي راسي".

اعتقد أنه غير مطلوبٍ مِنْ أحدٍ أن يقف إلى جانب الاشخاص تأييدا أو معارضةً؛ لأننا نختلف معهم أحياناً ونتفق في أحيان، لكن المطلوب الاتفاق على سلامة الاداء وصحة الإجراءات في الشكل والمضمون لتكريس سيادة القانون وحكم المؤسسة، وحفظ الحقوق وضمان العدل والإنصاف.

2014-06-06