الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ثيوقراطية الاحتلال والخطوط الحمراء....عائد زقوت

ميكيافليّة نتنياهو تجعله غير آبه من التصريحات سواء الفلسطينية أو الإقليمية والدولية ما دام لا تتخطى حدّ الأقوال والوصف بالألوان، فهو لا يجد رادعًا ليوقف ممارساته القمعيّة تجاه المقدسات الإسلاميّة في القدس وانتهاك حرمتها الدينيّة وكذلك الأعراف الدوليّة، إشباعًا لغرائزه الساديّة، وإرضاءً لجوقته من قطعان المستوطنين الإرهابيين وتكريسًا للتقسيم المكاني للمسجد الأقصى ليعطي للمستوطنين حيزًا لإقامة طقوسهم الدينيّة المزعومة كخطوة على طريق الضمّ والتهويد، ومحاولة لنقل المسؤوليّة الإداريّة من الأوقاف إلى الشرطة الإسرائيلية يُعد تحديًا صارخًا لكافة الاتفاقيات الدوليّة والاقليميّة والتفاهمات الأمنية التي تم آخرها في لِقائي العقبة وشرم الشيخ التي أكّدت على ما نصّت عليه اتفاقية وادي عربة بين اسرائيل والأردن بشأن الوصاية الأردنيّة على المسجد الأقصى واستمرارًا للنهج الثيوقراطي لتحويل الصراع من وجودي سياسي إلى ديني، حيث أشار الإرهابي سموتريتش إلى اعتبار ما جرى في باحات المسجد الأقصى مقدّمة لعملية السور الواقي الثانية، لتثبيت وقائع جديدة لحسم الصراع. ‏من نافلة القول أن التصعيد الاسرائيلي الحالي يأتي في أطار تصدير الأزمة العميقة للحالة الاسرائيلية الداخلية التي تتمحور حول النزاع على هوية الدولة التي تدفع الصهيونية الدينيّة بكل ثِقلها إلى صبغ الدولة بصِبغتها الدينية، والأمر الآخر قانون الإصلاح القضائي الذي يُمثّل طوْق النجاة لنتنياهو، وتثبيت حكم اليمين، لذا يعمد نتنياهو إلى التحرش في إيران وحزب الله في سوريا، وكذلك تسخين وتوتير الأوضاع في القدس. ‏الجهوزيّة الشعبية الفلسطينية الدائمة واليقِظة في التصدّي لجرائم الاحتلال ومخططاته بحاجة إلى تطوير وتواتر مستمر وإسناد سياسي فاعل من القيادة الفلسطينية رسميّة وفصائليّة يتخطّى البيانات التوصيفيّة الإنشائيّة والانفعالات العاطفيّة الجياشة، والمناشدات إلى موقف سياسي فارق وكسر حالة السكون والركود، وهي تستطيع فرض ذلك لو توفرت الإرادة الحقيقية. ‏قلت سابقًا وأكرر أنّ الانقسام السياسي والاختلاف حول إبراز الهويّة الوطنية، والهوية الأيدلوجية يُعد أكبر خطيئة سياسيّة وأخلاقيّة بحقّ القضيّة الفلسطينيّة، والذي انعكس سلبًا على خطط مواجهة الاحتلال، فحين يهبّ الشعب لمواجهة الاحتلال للرّد على تدنيس المقدسات ينصرف كلّ فصيل نحو أجنداته، وتنصرف دول الإقليم نحو مصالحها وحساباتها الخاصة، ويحرر كلٌّ منهم نفسه من تحملّ المسؤولية. ‏من اللافت تحذير بيانات الشَّجْب من تجاوز اسرائيل الخطوط الحُمر، والنتائج المترتبة عليها، في حين أن اسرائيل لم تتجاوز الخطوط الحُمر فقط بل تخطت الخطوط الخُضر والصُفر حتى البنفسجي ولم يفرض أحد خطوطه الحمراء، فإرهاصات المشهد الفلسطيني والعربي لا ينبّئان عن قرب اللحظة الفارقة . ‏

تنبيه : إن لم يعد بالإمكان أن يتوصل المنقسمون إلى حلّ ينهي الحقبة السوداء سواء بالتوافق أو بإجراء الانتخابات ليعيد العربة إلى مسارها الصحيح، فالدعوة مفتوحة أمام إجراء استفتاء شعبي حر وآمن ينهي حالة النزاع بين الهوية الوطنية والأيدلوجية . ‏ ‏ ‏

2023-04-06