السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كيف ننتصر بلا حرب؟....ناجى شراب

كيف ننتصر بلا حرب؟ عنوان المقال مستوحاه من عنوان لكتاب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون نصر بلا حرب.فبعد هزيمة إسرائيل في حرب 1973آمن الرئيس الأمريكي بأن المواجهة العسكرية مخاطرة ، وأن التفوق في التسليح لا يعنى ضمان النصر.فالف كتابه المذكور.وقامت فكرته الرئيسةعلى التساؤل كيف ننتصر بلا حرب؟أي بلا ثمن،أحد ألأسلحة الفعالة حسب نيكسون هو إطلاق حملة إعلامية مكثفة ضد العدو،والسلاح ألأخر الذى لا يقل عن ألأول أهمية هو إمتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا ومنع ذلك عن العدو،والعدو بمفهومه من يرفض الطاعة.ويقصد بالعلم الحرب الجرثومية .ومن ناحية أخرى أجاب على هذا السؤال الكاتب الأمريكي جوزيف ناى بالقوة الناعمة والتي لم تعد حكرا على الدول الكبرى فقط، بل كل الدول والشعوب تملك هذه القوة وتتفاوات في درجاتها.هذا السؤال ينطبق على العلاقات العربية الإسرائيلية ، ويثار اليوم على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي . وهل الحرب كخيار نجحت في حسم الصراع لصالح أحد الطرفين.؟عربيا لقد تحكمت الحرب في العلاقات فشهدنا خمسة حروب لم تحقق الهدف منها كما يقال ان الحرب إمتداد للسياسة ، وقد تكون حرب 1973 ترجمة لهذه المقولة بأن إنتهت بتوقيع إتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل بعد أن نجحت مصر في إستعادة ارضها في سيناء التي أحتلتها إسرائيل في حرب 1967، ولتفتح الباب امام معاهدات السلام مع أكثر من دولة عربية. القناعة في هذه المعاهدات أن الحرب ليست الخيار الأمثل لأى طرف في إنهاء الصراع، فلا إسرائيل قادرة على هزيمة الدول العربية ولا الدول العربية قادرة على هزيمة إسرائيل بفعل التحالف وألألتزام ألأمريكى بامن وبقاء إسرائيل. ناهيك ان هذه الحروب كلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة تفسر لنا المشاكل الاقتصادية لتى تعانى منها المنطقة اليوم. هذا على الجانب العربى ، وماذا عن الجانب الفلسطينى الإسرائيلي؟أولا لا يمكن مقارنة القوة الإسرائيلية بالقوة العسكرية التى تملكها فصائل المقاومة الفلسطينية . وثانيا مفهوم الحرب لا ينطبق على الحالة الفلسطينية الإسرائيلية بمعنى أن إسرائيل وبما تملكه من قوة يمكنها تدمير كامل للآراضى الفلسطينية ، ومن جانبها المقاومة اليوم وبما تملكه من أسلحة متطورة نسبيا وبحكم التلاصق الجغرافى يمكن أن توقع خسائر كبيرة إسرائيليا، أي أننا امام نموذج وخيا رهدم المعبد على رؤوس الجميع.وثالثا أن الخيار العسكرى على المستوى الفلسطينى يستلزمه ميزانيات وإنفاقا ماليا كبيرا غيرمتاح ولو توفر بقدر محدود سيكون على حساب الإنفاق والبنية الاقتصادية مما يعنى ارتفاع الفقر والبطالة ،ومن شروط الحرب الناجحه توفير بنية إقتصادية ومجتمعية قوية قادرة على الصمود. ورابعا أن المحددات الجغرافية ووحدانية الأرض وتداخلها والتداخل السكانى يحولان الحرب إلى خيار مدمر. وما يؤكد هذه الفرضيات أن إسرائيل قد شنت أربعة حروب على غزة الحقت بها أضرارا كثيرة زادت من نسبة الفقر والبطالة لتزيد عن خمسين في المائة ولتحول الشعب الفلسطيني في غزة إلى شعب إتكالى غير منتج ينتظر المساعدات.

وأيضا إسرائيل ورغم قوتها الكبيرة التي تفوق قدرات دول أخرى لا تستطيع أن تذهب بخيار الحرب بعيدا.

السؤال ما البديل للحرب؟الإجابة نجدها في كتاب فن الحرب للإستراتيجى الصينى سون تزو الذى كتبه قبل 2500 عاماوفى الكتاب يضع مراحل زمنية لهزيمة الخصم، ويقول أفضل طريقة لهزيمة الخصم هي إبطال وإفساد كل ما يمثله من مقولات وسرديات وقيم وأخلاقيات.وأن لا يترك أن يعيش كما يريد، ويقدم نصيحة التظاهر بالضعف عندما تكون قويا، والتظاهر بالقوة عندما تكون ضعيفا.

ويقدم نصيحة للحالة الفلسطينية عندما يكون مرتاحا إبدأ بإنهاكه ولا تدعه يكون مستريحا.ومن ناحيته السوفيتى يورى بيزينوفيرى أن الصراع يمر بأربعة مراحل ألأولى إسقاط الأخلاق وهى مرحلة تحتاج من 15-20 عاما، والثانية زعزعة الإستقراروتحتاج من 2-5 عاما والمقصود هنا إذكاء النعرات الإثنية والطائفية ثم مرحلة ألأزمة والتي قد ينتج عنها حربا أهلية.بعيدا عن هذا التسلسل الزمنى وتطبيقه على الصراع الفلسطينى الإسرائيلي . فالعبرة هنا بالمدلول العام لهذه المراحل التي نراها اليوم في إسرائيل وما تعانى من أزمات داخلية تهدد بقائها ووجودها، فمفتاح هزيمة إسرائيل من الداخل وليس من الخارج، الخارج يوحد إسرائيل والداخل يبرز التناقضات في داخل إسرائيل.الفلسطينيون يملكون الكثير من عناصر القوة الناعمة والخيارات والمقاربات البديلة للحرب، أولها العنصر السكانى وكيفية الحفاظ على صموده وتجذره في أرضه .

وثانيها قوة الحقوق التاريخية والحضارية التي تؤكد الحق الفلسطينى ، ثالثها قوة الشرعية الدولية وتفعيلها ورابعها إقامة نظام سياسى ديموقراطى توافقى . وخامسها تفعيل دور الجاليات العربية والإسلامية في الكثير من الدول وخصوصا أمريكا التي نرى بعضا من إرهاصات التغيير والتأييد للجانب الفلسطيني ،ولنا مثال نواب من أصول فلسطينية في الكونجرس الأمريكي وسادسها إستعادة مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا، وسابعها توظيف السلام العربي لإنهاء الاحتلال بتخيير إسرائيل بين السلام والحرب. وثامنها تبنى خيار الدولة الواحده بكشف عنصرية السياسات الإسرائيلية ووهم الديموقراطية الإسرائيلية , ويبقى انه لو إمتلك الفلسطينيون القوة النووية لن تحقق لهم السلام ,إنما تبنى السلام بقوة المقاربات والخيارات السابقة كفيل ان يخلق قوى ضغط على إسرائيل وجعل الاحتلال مكلفا وثمنه عاليا بالمقاومة السلمية الشعبية .وأخيرا كيف نجعل قوة السلام تهزم سلام القوة.

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2023-04-14