الأربعاء 22/10/1445 هـ الموافق 01/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لبنان النموذج / حماده فراعنه

في لبنان ، إختلف الفرقاء والأطراف وممثلو الأحزاب والطوائف ، على صيغة قانون إنتخاب جديد ، وعلى مضمونه ، حيث تسعى القوى المحافظة من كافة الطوائف إبقاء القديم على قدمه حيث يحفظ القانون لكل طرف موقعه ومكانته التقليدية وإستمراريتها ، بينما تسعى قوى التغيير والدمقرطة والعصرنة  ومن كل الطوائف ، على تغيير القانون بإتجاه إنهاء التفتت والأنقسام والبحث عن صيغ تستجيب لوحدة اللبنانيين على قاعدة القوائم الوطنية الجامعة وقانون التمثيل النسبي الأكثر تمثيلاً وعدالة ، بدلاً من الدوائر المحلية المقسمة بين الطوائف ومصالحها .

وما بين هذا وذاك ، وبمشاركة الجميع ، تم طرح الصيغ والمشاريع ، وتم تشكيل لجنة نيابية  تمثل المكونات الرئيسية : حزب الله ، وتيار المستقبل ، والتيار الحر ، والقوات اللبنانية  والحزب الإشتراكي ، بهدف التوصل إلى صيغة  قانون وحدوي ، أو مشترك ، أو توافقي ، ولكن اللجنة  لم تفلح في التوصل إلى صيغة يمكن عرضها على مجلس النواب ، لتأخذ طريقها التشريعي المعتاد ، تدفع لبنان خطوة نوعية وحدوية إلى الأمام ، يتحرر من خلاله من أسر الطائفية والتمزق الذي يطبع لبنان ، رغم تقاليده القائمة على  التعددية وإحتكامه إلى صناديق الإقتراع سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو مجلس النواب ، وهي تقاليد باتت راسخة ومتقدمة كان يفتقدها العالم العربي بأسره وحافظ عليها لبنان وحيداً ، ومع ذلك ولأن الطبع غلب التطبع ، بقي لبنان أسيراً للطائفية التي مزقت أحشائه ، وأداة لتقويض سلامته وأمنه ، مثلما شكلت أحد أسباب التدخلات العربية ، لصالح هذا الطرف والإنحياز لذاك ، مثلما سمحت للأطراف العربية المحافظة منها وغير الديمقراطية ، على تصفية خصومها عبر لبنان الذي دفع الثمن مرتين وعلى أيدي أطراف الصراع في كل قضية عربية ذات طابع خلافي وما أكثرها  .

فقد دفع ثمن الأنحياز لعبد الناصر وضده ، ودفع ثمن وقوفه  مع المقاومة الفلسطينية وضدها ، ومن الذين كانوا مع العراق وضده ، ومع الخليجيين وخصومهم ، وها هو يدفع ثمن الوقوف مع سوريا وضدها ، حيث يتمزق اللبنانيون ، ويتفرقون بقوة بين هذا الطرف وبين خصومه .

لبنان الذي شهد مرور ذكرى إستشهاد رفيق الحريري يوم 14 شباط ، يشهد تطورات سياسية تصاعدية ، يقف في طليعتها السجال بين سعد الحريري وحسن نصر الله ، وينعكس ذلك على مشروع قانون الإنتخاب ، الذي بات لا مفر من دفع إستحقاقاته بإتجاه الدمقرطة والعصرنة ، مع الحفاظ على التعددية وإفرازاتها عبر صناديق الإقتراع ، لا أن تبقى صناديق الإقتراع أسيرة لقانون يفتقد للعدالة والتوازن ، فالقانون هو سيد الموقف في التأثير على نتائج الإنتخابات ، وهي ظاهرة خلافية عاشتها الشعوب العربية بعد ثورة الربيع وتعاني من مضمون قانونها غير التوافقي ، في العراق ومصر وفلسطين ، مثلما هو في لبنان  .

[email protected]

2013-03-02