الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
( في الحــُرية،والتغــيير )/عبد الهادي شلا


  الحرية التي أتيحت للكثيرين مع إنطلاقة التقنيات السريعة وحركات التغيير و اعتمادها منهجا للحياة العصرية، والتي أفرغها البعض من قيمتها الحقيقية والفعلية حين ظن بأنه بعيدعن سطوة "الرقيب التقليدي"، لم تعد كلها إيجابية النتائج،ولسنا في حاجة لأمثلة على ذلك ،فمجرد نظرة لما يجري حولنا في كل أنحاء العالم نجد أن كل الأفعال والغير مبررة تحتمي بستار "الحرية". ونحن نرى أن الحرية لها معنى واحد ولكنه بوجوه متعددة يطل علينا كل في موضعه الذي يتوافق معه ويحقق القيمة السامية من هذه الحرية التي ينشدها كل البشر. ونصفه : " بأن من حق كل إنسان أن يتمطى ويمد ذراعية في الفضاء إلى حيث يشاء ،ولكن دون أن يمس بأطراف أصبعه قمة أنف الآخر". لقد خلق الإنسان حرا.. ولكن هذه الحرية رسمت حدودها قوانين سماوية حملها الرسل في كتب وصلت كل الأمم بلا إستثناء،ولا نجد أمه فيما بيننا دون أن يكون لها قوانينها ودساتيرها التي تنظم حياتها وحرية الفرد فيها. ما يجري في بعض البلاد العربية..تغيير شامل ولا ننكر هذا،ولكننا نقف قليلا عند الطرق التي يتبعها هذا التغيير ومن يديره،وكيف الوصول إلى مبتغاه؟!
الطرق.. متعددة ومتشعبه أقرب إلى " الأنفاق " التي لم يظهر النور في أخر أي منها بعد مرور سنوات،وهذا أمر مقلق بينما الوقت يمضي بتضحيات أكبر مما يتحمله العربي في وضعه الضعيف بين الأمم وقد كبلته القوى الأعظم بكثير من القيود التي منها قوانين عالمية والتي أكثرها "جــُورٍا " وتسلطــٍا عليه. من يدير هذا التغيير؟


..وهذا الأمر أكثر ضبابية في أنفاق التغيير مما يجعل الرؤية متعسرة والخطوات تتخبط بين حفر وأوحال ومستنفعات ستحتاج إلى زمن كي تتطهر من كل ما علق بها. فكل التغييرات عبر التاريخ يقودها مجموعات أو افراد يضعون الخطط والأهداف فإما ينتصرون وإما توئد حركتهم في المهد. ونحن اليوم نرى تغييرات غير مبرمجه وبلا رموز تقودها إلى أهداف سامية وكل هذا حدث تحت مسمى الحرية والديمقراطية دون فهم كامل لمعنى أي منها أو التعامل ضمن حيثياتها وأساسياتها،فحملت النتائج خسارة في الوقت و الجهد. وهذا لا يعني أن أوضاع بعض البلاد العربية قبل التغيير كانت أفضل أو أنها لم تكن في حاجة إلى تغيير . بل نحن مع التغيير المبرمج والممنهج والذي يحفظ كرامة الوطن والمواطن لا يجره إلى هوة يسهل السقوط فيها ،وكلنا يعلم كم متربص بهذه الأمة لا يريد لها أن تنهض وتلحق ركب التطور. وماذا عن الذي يهاجر إلى بلاد فيها كل ما يحتاجه من الحرية التي ضبطتها قوانين هي في مصلحة الفرد؟ النتائج غير مطمئنة بين أفراد الأمة من المهاجرين حيث الإختلاف سمة فيهم على أبسط الأمور وكأنهم يريدون أن تكون الحرية التي جاءوا ينشدونها على "هــواهـُم " وتوافق ما حملوه من إرث في البلد الأم وهو الذي لا يتفق مع طبيعة بلاد المهجر إلا فيما تمنحه هذه البلاد من حرية العبادة والحديث واللقاءات والإحتجاجات دون المساس بحريات الأخرين!. نتمنى أن يدرك كل من ينشد التغيير إلى الأفضل مدى قدراته وحجمه بالضبط دون تهويل وتفخيم ودون التمجد بماض عفى عليه الزمن فيه الكثير مما لا يقبله العقل وترفضه الحياة العصرية بكل أشكالها. و "رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه ". فمن أراد لنفسه عالما خاص به فهذا أمر يخصه وعليه أن يتحمل نتائج فعله،ولكن ليس له أن يفرض تصوراته وخيالاته على الآخرين. التناحر ،والتخاصم ،والعصبية ،وتقزيم الآخــَر ،وسوء الإدارة أمور تؤسس لهلاك الشعوب التي تتطلع إلى التغيير. هذه هي الحرية،والطريق إلى الديمقراطية، و النجاة لا تكون بلا هدف وخطط مستقبلية و..قــائد!.


2015-01-25