الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أنفاق غزة الجحيم الذي ينتظر جنود الاحتلال الصهيوني ....نضال العضايلة

تبدأ الحكاية عندما يسخر الناطق العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام "أبو عبيدة" من تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول اقتحام الخطوط الدفاعي لغزة قائلا: " في حقيقة الأمر تكون قد اخترقت شارعا أو زقاقا في غزة، كانت قد أسقطت عليه أطنانا من المتفجرات أو دخلت في مناطق مفتوحة حرقتها بالطائرات ومع ذلك يخرج لها مقاتلونا من حيث لا تحتسب، ويقصد بذلك " الأنفاق".

وبعد نحو اربع وثلاثين يومًا من بدء عملية طوفان الأقصى، وفي ظل اعتماد الاحتلال الإسرائيلي كعادته في عملياته العسكرية بقطاع غزة، على الغارات الجوية والقصف المدفعي، إلّا أنّه خلال أيام قليلة مضت، بدأت عمليات توغل بري بعدة مناطق شمال القطاع، كمحاولة منه للدخول إلى المدينة التي فشل في اقتحامها بريّا في حروب سابقة، لكن تلك الحرب كان الأمر مختلفًا لدى الاحتلال من جانب، والمقاومة الفلسطينية من جانب آخر يبدو أن الجانب الأكثر تحدياً للجيش الإسرائيلي في الهجوم البري على غزة، هو الأنفاق الواسعة لحركة حماس، هذه الشبكة تثير الرعب لدى الجنود الإسرائيليين، خصوصاً وانها توفر لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" ميزة استراتيجية لحماية، ونصب كمائن للقوات البرية الإسرائيلية، فضلاً عن نقل وتخزين الأسلحة والمتفجرات.

وقد باتت الأنفاق التي حفرتها حركة حماس أسفل قطاع غزة، والتي توصف بـ"مدينة كاملة تحت الأرض"، كابوسا أمام الاجتياح البري الذي ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقطاع، مما يضطر الجنود الإسرائيليون لخوض حرب مزدوجة، فوق وتحت الأرض، وهي تتمثل بحرب شوارع ومعارك بالأنفاق. ومع وصف تلك الأنفاق بـ"متاهة واسعة" تمتد عبر أحياء مكتظة بمدينة غزة، فهي تهدف لإخفاء عناصر حماس وترسانتهم الصاروخية، مما يجعل القتال تحت الأرض من شأنه أن يجرد الإسرائيليين من المزايا التكنولوجية، بينما يعطي ميزة لحماس فوق الأرض وتحتها. وبينما تعتقد دولة الكيان الصهيوني أن لديها خرائط مفصلة للأنفاق، وتعد خططا ملائمة لجعلها مقبرة لمقاتلي حماس، تؤكد الأخيرة أن الأنفاق شهدت تطوراً تكنولوجيا عاليا سيصدم إسرائيل، ويجعلها مصيدة ضخمة لجنودها.

إذا، إسرائيل تواجه تحديا كبيرا لم تواجهه أي قوة عسكرية عانت من مشكلة الأنفاق وهو احتجاز حماس أكثر من 200 رهينة، في أنفاق هي المخبأ الأمثل لحماس ونقطة قوة للفصائل الفلسطينية. جيش الاحتلال الإسرائيلي سيفقد العديد من المزايا التكنولوجية التي يتمتع بها داخل الأنفاق مما يمنح مسلحي حماس خاصية التفوق، مما قد يؤدي إلى انفجار الأفخاخ المتفجرة داخل الأنفاق، وبالتالي دفن الجنود والرهائن أحياء. ووفق بعض الخبراء، فإن الأنفاق ستزيد تعقيدات سيناريو الحرب خلال الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع، إذ يقول الخبير العسكري جون سبنسر، إن الأنفاق تسمح لمقاتلي حماس بالتنقل بين مختلف مواقع القتال بأمان وحرية بعيدا عن عيون الجيش الإسرائيلي، وفتح جبهات حرب متعددة.

فيما يذهب الخبير العسكري البريطاني مايكل كلارك، للقول إن هذه الأنفاق تحدث توازنا في الحرب، لأنها تحيّد مزايا إسرائيل التسليحية والتكنولوجية، وأن الجيش الإسرائيلي ونظرا لذلك سيواجه مشاكل داخل المناطق المدنية فهو قتال سيكون متعددا، فهناك جهات تطلق النار من فوق أبراج سكنية وأخرى تطلق النار من تحت الأرض. إذا، فإن القوات الإسرائيلية لن تكون في نزهة في غزة لأن شبكة الأنفاق التي وُصفت بـ"العنكبوتية" مترامية الأطراف وتمتد مئات الكيلومترات، هناك من يقدرها بأنها أكبر بعشرة أمثال من أنفاق الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام. ورغم التفاوت الكبير في التسليح ما بين جنود الاحتلال وعناصر المقاومة، والذي من المفترض أن يصب في صالح الإسرائيليين، فإن "المسافة صفر" التي أتاحتها شبكة الأنفاق للفلسطينيين في غزة حالت دون تحقيق النتائج التي يصبو إليها الجيش الاسرائيلي، إذ استهدف المقاومون مئات الآليات والأفراد خلال عمليات اقتحام لأحياء مختلفة، في شمال غزة، بصواريخ "كورنيت" المضادة للدروع وقذائف "الياسين" من خلال فتحات للأنفاق. قطاع غزة الذي تبلغ مساحته نحو 360 كم مربع، يطفو فوق شبكة من الأنفاق يبلغ عددها 1300 نفق، يصل طولها إلى قرابة 500 كم، ويقع بعضها على أعماق تصل إلى 70 مترا، بينما تشير تقارير إلى أن أغلبها يبلغ ارتفاعه مترين بعرض مترين. وأخيراً، قامت حركة حماس ببناء شبكة متطورةٍ من الأنفاق العسكرية منذُ سيطرتها على القطاع في عام 2007. ويتفرعُ نظام الأنفاق أسفل العديد من المدن الفلسطينيّة بما في ذلك خان يونس و‌جباليا و‌مخيم الشاطئ، حيث نجحت الحركة في صُنع نوعينِ من الأنفاق: داخلية وخارجيّة، أما الأولى فهي تلك التي تمتد على طول عشرات الكيلومترات داخل قطاع غزة، وتُستخدم لأغراض عدة بما في ذلك إخفاء ترسانة حماس من الصواريخ تحت الأرض، وتسهيل الاتصالات، والسماح بإخفاء مخزونات الذخيرة وإخفاء النشطاء مما يصعب على الاحتلال الإسرائيلي كشفهم عبر طائراته المُسيرة.

2023-11-09