الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خالد محمود يكتب: "حدود العقل: كيف يؤثر التربية والتقاليد على تطوير الفكر"

خالد محمود

في عمق الجبال الشاهقة وبين أودية الأنهار الجارية، كانت تسكن قرية صغيرة محاطة بأشجار الصنوبر الضاربة في السماء، وكانت هذه القرية محاطة بقصص وتقاليد قديمة عرفتها الأجيال السابقة وورثتها الأجيال الحالية.

في هذه القرية، عاش شاب يُدعى خالد. كان خالد شابًا طموحًا، يتوق دائمًا لمعرفة المزيد، واكتشاف ما وراء حدود القرية التي عاش فيها. لكنه وجد نفسه محاصرًا بالتقاليد والعادات التي غمرت عقله منذ الصغر.

كانت عائلة خالد تلعب دورًا كبيرًا في بناء تصوّراته ومعتقداته. كل ما قالته الأسرة كان يعتبر حقيقة مقدسة بالنسبة له. ومع مرور الوقت، تعلّقت بذاكرته وعقله قناعاتهم واعتقاداتهم، محددة مسار حياته وتوجّهاته.

في المدرسة، تم تعليم خالد بنفس القوانين والمعتقدات التي تعلمها في البيت. كانت المدرسة تعتبر مدرسة الحياة الثانية، حيث كان يتعلم ليس فقط المعرفة الأكاديمية ولكن أيضًا القيم والعادات التي يجب عليه اتباعها.

 

وفي الشارع، كانت القصص تتناقل والتقاليد تتجذر بقوة. كل شيء كان محكومًا بقوانين غير مكتوبة، وكان من الصعب على خالد أن يخرج عن هذا الإطار المفروض.

 

لكن، رغم كل هذا، كان هناك شيء داخل خالد يناديه لاستكشاف المجهول وتحدي حدود العلم المألوفة. بدأ يشعر بتوتر داخلي، كما لو أن هناك شيئًا في داخله ينتظر الانطلاق.

في أحد الأيام، تمرد الفتي علي كل هذه العادات والأفكار والتقاليد وقرر خالد أن يُسمح له لنفسه بالتفكير خارج الصندوق، والتحدث إلى أشخاص غير مألوفين، واستكشاف ما وراء حدود القرية المألوفة. وبدأ في رحلة استكشافية مليئة بالمخاطر والتحديات.

خلال رحلته، التقى بأشخاص من ثقافات مختلفة وتعلم من خلال تجاربهم الحياتية. بدأ يدرك أن هناك الكثير من الأشياء التي لم يتمكن من التعرف عليها من قبل، وأن هناك آفاقًا جديدة للفهم والاستكشاف.

مع مرور الوقت، بدأ خالد يستوعب الفكرة الأساسية: أن الحقيقة ليست دائمًا ما يتم تعليمه لنا، وأن هناك قيمًا وثقافات متعددة يجب أن نكتشفها بأنفسنا. لم يكن بالإمكان أن يغير تمامًا ما ورثه من عائلته ومجتمعه، لكنه بدأ يفهم أن لديه القدرة على تحدي قوانين العادة والتقاليد، وأن يصقل فكره ويطوّره بناء على تجاربه الخاصة وتعلمه المستمر.

وبهذا، أصبحت رحلة خالد ليست فقط رحلة جسدية، بل كانت رحلة فلسفية عميقة تعكس تطور الإنسان وقدرته على التحول والنمو، رغم التحديات والقيود التي يواجهها من حوله.

وبينما انتهت رحلة خالد، وجد نفسه وسط ذات القرية التي نشأ فيها، لكن بعيون جديدة وفهم أعمق. فهم أن الحكمة لا تكمن في تقبل الأفكار الجاهزة دون تحدي، بل في قدرتنا على التفكير بشكل مستقل وتشكيل طريقنا بناءً على تجاربنا الشخصية. وهكذا، يتجلى النضج في قدرتنا على استيعاب التنوع والتعامل مع التحديات بحكمة وشجاعة، محافظين في الوقت ذاته على جذورنا وقيمنا الأساسية، لتكون رحلتنا إلى النضوج والتطور مصدر إلهام ونجاح لنا وللآخرين.
وهنا ادرك ان البحث والقراءة هما سر الحياة .

2024-03-30