الأربعاء 5/4/1446 هـ الموافق 09/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قرار اممي جديد 'غير قابل للتنفيذ' بشأن حق السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية...إعداد المهندس فضل كعوش

  المهندس فضل كعوش

الرئيس الأسبق لسلطة المياه الفلسطينية

الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 23 الأربعاء  الفائت الموافق في 23-12-2015 مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية" ويعيد هذا القرار التأكيد ألأممي على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية، بما فيها الأرض والمياه ويعترف بحقه في المطالبة بالتعويض نتيجة لإستغلال موارده الطبيعية وإتلافها أو ضياعها أو إستنفاذها أو تعريضها للخطر بأي شكل من الأشكال بسبب التدابير غير المشروعة التي اتخذتها او ما زالت تتخذها إسرائيل بشان المصادر المائية الفلسطينية الجوفية والسطخية الذاتية والمشتركة والتي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والقرارات الصادرة عن مجلس ألأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحد ذات الصلة. ويطالب القرار إسرائيل أن تتقيد تقيدا دقيقا بإلتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الانساني الدولي، وألا تستغل الموارد المائية الفلسطينية كموارد طبيعية أوإتلافها أو التسبب في ضياعها أو إستنفاذها والحاق الضرر بها  كما يطالب القرار إسرائيل بالكف عن اتخاذ أي اجراءات تضر بالبيئة ، بما في ذلك إلقاء النفايات بجميع أنواعها في الأرض الفلسطينية المحتلة وإعادة بناء وتطوير الهياكل الأساسية للمياه، ومنها  مشروع محطة تحلية المياه في قطاع غزة.

ما جاء في هذا القرار يستند الى القانون الدولي ومرجعياته ،وخاصة قانون المياه وقانون حماية البيئة، وبموجب هذه القوانين على اسرائيل ان تلتزم  وتتقيد بما ورد في هذا القرار وان تقوم بواجباتها في كافة الجوانب القانونية وألأدبية تجاه تمكين الفلسطينيين من ممارسة حق السيادة الدائمة على مواردهم الطبيعية ..... ومن ضمنها الأنتفاع الكامل بحقوقهم في مواردهم المائية وترجمة ذلك على ارض الواقع وفق التدابير التي تضمنها القرار . فهل ستستجيب اسرائيل وتنصاع وتقوم عمليا وفعليا بما ورد في هذا الشأن، بالتأكيد لن يحصل ذلك ولن تعترف اسرائيل بهذا القرار ولا بما سبقه ولن تنصاع ولن تفعل اي شيء ولهذا فأن مصير هذا القرار سيكون كسابقه من القرارات ألأممية ذات الصلة  "قرارا غير قبل للتنفيذ" لأن ألأسرائيليين لا يعترفون بألأساس باية حقوق مشروعة للشعب الفلسطيني ، وما قامت به اسرائيل من اجراءات وانتهاكات تجاه  الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة في موارده الطبيعية والمائية وأهمها بل وأخطرها تحويل مياه نهر ألأردن الى مناطق السهل الساحلي وشمال صحراء النقب ، والقيام بأغلاق منافذ الجزء الجنوبي لنهر ألأردن وتحويل هذا الجزء الى جدول صغير ملوث وبالتالي حرمان الفلسطينيين من حق الأنتفاع بمياه الحوض كطرف مشاطيء وشريك كامل مثله مثل اسرائيل وغيرها من ألأطراف المشاطئة ألأخرى للحوض، وكذلك قيام الأسرائيليين بنهب وإستغلال شبه كامل لمياه ألأحواض الجوفية الذاتية والمشتركة وتعريض تلك ألأحواض لحالات الأستنزاف المدمر ، هذه ألأجراءات والممارسات وغيرها تترجم بوضوح طبيعة النوايا ألأسرائيلية وسياستها العدائية تجاه الفلسطينيين وحقوقهم المائية المشروعة والثابتة في تلك الأحواض ، ويترجم ايضا المخاوف الدائمة لدى الفلسطينيين ان تبقى القرارات الأممية ومن ضمنها مشروع هذا القرار مجرد حبر على ورق لا تفيد الفلسطينيين في شيء .

فكيف يمكن تنفيذ هذا القرار في ضوء ما تقدم من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي ومرجعياته بشأن الموارد والثروات الطبيعية الفلسطينية كما سبق واسلفنا ، واعتبار ألأسرائيليين لتلك ألأجراءات وألأنتهاكات وكأنها قد أصبحت امرا واقعا ومنتهيا وغير قابلة للمناقشة او التفاوض ، يضاف الى ذلك المواقف ألأسرائيلية  المتشددة والرافضة للمطالب والحقوق الفلسطينية المشروعة في الأحواض المائية السطحية منها والجوفية، الذاتية والمشتركة . والرافضة دائما لكافة القرارات ألأممية في كافة الجوانب المتعلقة بالشعب الفلسطيني وبحقه في تقرير مصيره . هذه ألأمور الخطيرة وغيرها تعيدنا الى نفس المربع الأول من المحاذير والمخاوف التي اعاقت ولا تزال تعيق تنفيذ القرارات الأممية السابقة واللاحقة ومن ضمنها هذا القرار الجديد.  

 بخلاصة شديدة ، اسرائيل لن تلتزم ولن تنصاع في تفيذ هذا القرار وستدير ظهرها له كما فعلت سابقا وكما تفعل دائما لآن اسرائيل تعتبر نفسها فوق تلك القرارات وهي غير ملزمة بتنفيذها ولا حتى بأحترام الجهة التي اصدرتها ، كما ان اسرائيل تعرف جيدا ان لا احد يستطيع ارغامها على ذلك  .

لتوضيح الجوانب المرتبطة بهذا القرار بشأن مصادر المياه الفلسطينية المنهوبة من قبل الأسرائيليين  كموارد وثروات طبيعية فلسطينية  وحجم واوجهه نهبها واستغلالها واستنزافها من قبل الأسرائيليين على مدى اكثر من ستة عقود ، نستعرض فيما يلي اهم  ألأجراءات والعراقيل والتعقيدات التي وضعها ألأسرائيليون مسبقا بهدف تعطيل اي جهود او مساعي دولية ذات صلة بمسألة حق السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية ومن ضمنها الموارد المائية وتشمل :

- قيام الأسرائيليون مبكرا بتنفيذ سلسلة من ألأجراءات على ارض الواقع لضمان السيطرة والتحكم الدائم على مصادر المياه المتجددة في الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية والتي يعرفها الأسرائيليون "بألأحواض المائية  الجبلية"  وتضم ثلاثة أحواض جوفية هي الحوضين المشتركين الغربي والشمالي الشرقي وتقدر طاقتهما المائية السنوية المتجددة بحوالي 600 مليون متر مكعب، علما بأن 95% من مساقط ومنابع المياه لهذين الحوضين تنشأ وتتكون داخل حدود الضفة الغربية، يستغل ألأسرائيليون من هذه الطاقة ما يزيد على 90% اي ما يقارب 540 مليون متر مكعب ، يجري سحب تلك الكميات من المياه من خلال شبكة ابار عميقة حفرها الأسرائيليون تدريجيا على امتداد الخط الأخضر في المناطق المحاذية لمحافظات جنين ، طولكرم وقلقييلية، ويقدر عددها بحوالي 550 بئرا ذات انتاجية عالية جدا تصل في بعضها الى حوالي 1600 متر مكعب في الساعة اي ما يعادل الأربعون ضعفا من انتاجية ألأبار الفلسطينية ، هذا بألأضافة الى مجموعة ابار اخرى عميقة ايضا يصل عددها الى 40 بئرا تم حفرها داخل مناطق الضفة الغربية ، غالبيتها في الحوض الشرقي وتحديدا في مناطق ألأغوار الفلسطينية  لتزوييد المستعمرات ألأسرائيلية بالمياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة . وفي نفس الوقت وضع الأسرائيليون قيودا صارمة على الفلسطينيين بموجب اوامر عسكرية للحيلولة دون قيام بحفر الأبار او إصلاح القديم منها في كافة مناطق الضفة الغربية وخاصة في المنطقة المصنفة "ج" وهي المنطقة الخاضعة بشكل كامل لما يسمى بألأدارة المدنية التابعة لسلطة ألأحتلال ، وقد استغل ألأسرائيليون ألأتفاقية المرحلية للعام 1995 والتي تتضمن قيودا وشروطا على المشاريع التطويرية التي تخص الفلسطينيين في مجالي المياه والمجاري وفق ما نصت عليه المادة الأربعون من الأتفاقية المشار اليها اعلاه وربط الموافقة على تلك المشاريع "بالفيتو الأسرائيلي" الممارس من خلال لجنة المياه المشتركة .

  إضافة الى القيود التي وضعها ألأسرائيليون على الفلسطينيين سابقا ولاحقا في مجال المياه ولكي يضمنوا استمرار نهبهم وتحكمهم وسيطرتهم الكاملة والدائمة على مصادر المياه الجوفية للحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي  ولمنع الفلسطينيين من القيام بأي نشاط من شأنه ان يلحق الضرر بأوجه النهب وألأستغلال ألأسرائيلي لمياه هذين الحوضين ، قاموا مؤخرا ببناء ما عرف بجدار الفصل العنصري داخل حدود الضفة الغربية وعلى امتداد الخط الأخضر، حيث يشكل هذا الجدار في حقيقة ألأمر احد اهم عناصر السياسة المائية ألأسرائيلية واحد جوانب ومتطلبات ألأمن المائي ألأسرائيلي .

 اما الحوض الجوفي الثالث فهو الحوض الشرقي ، وهو حوض فلسطيني مستقل تقع كافة مساقط ومنابع مياهه داخل حدود الضفة الغربية ، وتقدر طاقته المائية السنوية المتجددة بحوالي 170 مليون متر مكعب ، منها حوالي 50 مليون متر مكعب تشكل تصريف ينابيع مجموعة الفشخة وغزال التي تصب في الجانب الشمالي الغربي من البخر الميت داخل حدود الضفة الغربية ، الا ان مياه هذه الينابيع ذات ملوحة عالية ، يستغل ألأسرائيليون ما يزيد على 65 مليون متر مكعب اي حوالي 55% من طاقة هذا الحوض من المياه العذبة  وحوالي 7 مليون متر مكعب من مياه الينابع المالحة .    

نتيجة لعمليات السحب الزائد والمتعمد من قبل ألأسرائيليين لمياه الأحواض الجوفية الثلاثة اعلاه ، فقد ابتدأت تظهر مؤشرات خطيرة تدل على تعرض تلك ألأحواض الى حالات استنزاف مفرط ومدمر ، من تلك المؤشرات الهبوط السنوي المتزايد  لمستوى سطح المياه في ابار مياه الشرب العميقة الخاصة بالفلسطينيين ، واتساع معدل الملوحة في العديد من الطبقات الحاملة للمياه الجوفية في تلك الأحواض ، مما اصبح يشكل تهديدا حقيقيا لسلامة وأمان النظام المائي الجوفي في الضفة الغربية واحتمال تعرض هذا النظام الى دمار شامل في المستقبل غير البعيد ، وبالتالي سيفقد الفلسطينيون خلال سنوات قليلة المصدر الوحيد للمياه العذبة المتاحة لديهم  حاليا ، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا وخطيرا لحياة الفلسطينيين ولدولتهم القادمة ، هذا إن قامت تلك الدولة ورأت النور ، وبالتالي لن تكون هناك اية فائدة للفلسطينيين من هذا القرار في حالة عدم استعادتهم لتلك الأحواض مبكرا وقبل فوات الأوان ، لأن وضع تلك ألأحواض وصل كما اشرنا الى حالات استنزاف قصوي واصبحت طبقاتها الصخرية الحاملة للمياه الجوفية مهددة فعليا بالدمار البيئي وخاصة مخاطر انساع الملوحة العالية .

ألأجراءات الأسرائيلية في حوض نهر ألأردن والتي ابتدأت مع بداية الخمسينات من القرن الماضي ، وانتهت بعد حرب عام 1967 وهي الحرب التي عرفت بحرب المياه ، وقد انتهت هذه الحرب بسيطرة ألأسرائيليين على اكثر من 80% من موارد مياه هذا الحوض .

وقد شهدت الفترة اعلاه وهي الفترة الواقعة من بداية الخمسينات وحتى نهاية حرب عام 1967  اجراءات وانتهاكات واسعة وخطيرة  في مناطق حوض نهر ألأردن من قبل الأسرائيليين،كان اكبرها ضررا على الفلسطينيين قيام اسرائيل بأغلاق منافذ الجزء السفلي من النهر عند الساحل الجنوبي لبحيرة طبريا بهدف وقف تدفق المياه بشكل نهائي عبر هذا الجزء المحاذي للضفة الغربية والذي حولته اسرائيل الى جدول صغير ملوث بالنفايات السائلة ومياه الينابيع شديدة الملوحة ، كما تم اغلاق مناطق الأغوار الفلسطينية بشكل كامل واعتبارها مناطق عسكرية، بعد ان تم طرد المزارعين الفلسطينيين من نلك المناطق وتدمير كافة منشأءتهم التي كانت مقامة على ضفة النهر وبالتالي تحويل اهم وأكبر المناطق الزراعية الفلسطينية وهي منطقة ألأغوار الى مناطق جرداء ، وبالتوازي مع ذلك شرع الأسرائيليون في تنفيذ اكبر عملية انتهاك للقانون الدولي والمتمثلة بتحويل مياه نهر الأردن عبر بحيرة طبريا الى خارج مناطق الحوض بأتجاه مناطق السهل الساحلي وحتى شمالي صحراء النقب وضخ اكثر من 550 مليون متر مكعب لري ألأراضي الزراعية في تلك المناطق .

وفي اتجاه موازي للأنتهاكات المتخذة في حوض نهر ألأردن بقسميه الشمالي والجنوبي ، شرع ألأسرائيليون مع مطلع الثمانينات من القرن الماضي في التخطيط وألأعداد لتنفيذ مشروع قناة البحرين بمساره ألأول من البحر ألأبيض المتوسط الى البحر الميت وهو الحلم الصهيوني القديم ، ورغم انهم عدلوا  عن هذا المسار لاحقا لأسباب مالية نظرا للتكلفة العالية للمشروع ، الا انهم عادوا ودعموا بعد ذلك المقترح ألأردني لأنشاء القناة من البحر ألأحمر الى البحر الميت ، وقد تبنى البنك الدولي هذا المقترح وسعى الى الحصول على تمويل دولي لتنفيذه ، حيث انتهت تلك المساعي كما هو معروف بالتوقيع على اتفاقية نهائية من قبل اسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية ، وبذلك حقق ألأسرائيليون بموجب هذه ألأتفاقية عدة مكاسب جوهرية كبرى من اهمها : شرعنة عملية تحويل مياه نهر الأردن الى مناطق تقع خارج حوضه وكذلك شرعنة اجراءاتهم في تدمير الجزء الجنوبي من الحوض بشكل كامل ونهائي والى ألأبد وبالتالي شطب المطالب الفلسطينية المتعلقة بحقوق المشاطئة والأنتفاع بمياه هذا الحوض، اي حرمان الفلسطينيين من اعادة الحياة الى مناطق ألأغوار الفلسطينية، هذه المناطق التي كانت تعرف  تاريخيا بسلة غذاء فلسطين، بألأضافة الى ذلك فقد حقق ألأسرائيليون كما اشرنا حلمهم في تنفيذ مشروع قناة البحرين بمسارها الجديد، لأنقاذ البحر الميت من الزوال من خلال نقل المياه من البحر الأحمر الى البحر الميت ولضمان الأستمرار في تطوير الأنشطة السياحية والصناعية الأسرائيلية المقامة على شواطيء البحر الميت . لهذا يمكن القول بأن الفلسطينيين هم الخاسر ألأكبر وفق هذه المعطيات القائمة على ارض الواقع وبالتالي لم تعد هناك اي فائدة للفلسطينيين في استعادة السيادة على جدول صغير وملوث بعد ان تم اقرار تنفيذ مشروع قناة البحرين كبديل لمياه نهر ألأردن . 

القرارات ألأممية الصادرة تباعا منذ عقود طويلة بشان دعم المطالب والحقوق الفلسطينية المشروع بشأن الموارد الطبيعية ومن ضمنها وعلى رأسها الموارد المائية ، تلك القرارات بجديدها وبما سبق لم يستفد منها الفلسطينيون بشيء يذكر ، بل ازدادت ازمات العطش الفلسطيني حدة سنة بعد سنة بالتوازي مع ازدياد تلك القرارات ، فقد وصل الوضع المائي في ألأراضي الفلسطينية، الى حالة حرجة للغاية بسبب النقص المتزايد في امدادات المياه التي اصبحت تسود معظم مناطق الضفة الغربية ، كذلك الأمر في قطاع غزة حيث نسبة 90% من مصادر المياه الجوفية في القطاع لم تعد صالحة للأستخدام ، بسبب اتساع مناطق التلوث والملوحة العالية  داخل الطبقات الصخرية الحاملة للمياه الجوفية ، وألأسرائيليون يعرفون جيدا طبيعة ومخاطر الأوضاع المائية في ألأراضي الفلسطينية الا انهم غير معنيين بمعاناة الفلسطينيين وما يواجهونه من معاناة معيشية قاسية سببها ألأحتلال ألأسرائيلي وممارساته ولنتهاكاته وتنكره للحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها الحقوق المائية الثابتة .

ملف المياه وقضايا المياه ضمن ملفات الوضع الدائم  المعلقة والمجمدة ، لذلك لا زال هذا الملف ينتظر نتائج علم الغيب على طاولة المفاوضات المجهولة . الموقف ألأسرائيلي تجاه الحقوق المائية الفلسطينية موقفا معروفا ً بالتشدد والعنصرية والرفض والتنكر لتلك الحقوق ، وقد تنصل ألأسرائيليون من إلتزاماتتهم التي وقعوا عليها ، وفق المادة ألأربعون من إتفاقية اوسلو2 لعام 1995 بشأن المياه .

عناوين اللاءات الأسرائيلية بشأن قضايا المياه معروفة ومكررة في كل مناسبة ،  كما صرح بذلك أكثر من مسؤول إسرائيلي سياسي ومهني وكما سمعها المفاوض الفلسطيني مرارا وتكرارا ، إما مباشرة من على طاولة  المفاوضات خلال اللقاءات التي عقدت في كافة مراحلها ألأنتقالية والنهائية ، او من خلال اللقاءات ألأخرى وخاصة  ألأجتماعات الدورية للجنة المياه المشتركة ، وايضا من خلال اجتماعات مجموعة العمل حول المياه المنبثقة عن المسار متعدد ألأطراف لعملية السلام  وغيرها . يقول الأسرائيليون ويعيدون القول بما يخص ملف وقضايا المياه ، وبلغة أللاءات والتشدد ، وهي اللغة الوحيدة التي يجيدها مفاوضيهم  :

• لم تعد توجد مياه عذبة في ألأحواض المائية المشتركة ، للتفاوض حولها مع الفلسطينيين ، كافة مصادر المياه العذبة مستخدمة فوق طاقتها  وبالتالي لم تعد توجد مياه قابلة للتفاوض مع الفلسطينيين وغيرهم  ، ولن تعيد اسرائيل ليترا واحدا من مياه مستخدمة من قبل مواطنيها ، وهذا ألأمر منتهي بالنسبة لهم ،كما يقول مفاوضيهم دائما .  

 • يقول المفاوضون ألسرائيليون بأن المفاوضات بشأن قضايا المياه ستكون فقط حول مصادر مياه إضافية غير تقليدية ، من ضمنها مشاريع مركزية مشتركة لتحلية مياه البحر ، بما في ذلك المياه المحلاة التي سيتم انتاجها من مشروع قناة البحرين ومن مصادر بديلة اخرى مثل إستيراد المياه من دول أخرى وتطوير إعادة إستخدام مياه المجاري المعالجة لأغراض الري ، وتوسيع وسائل إستخدام تقنيات الري ، وغير ذلك .

• يشدد المسؤولون ألأسرائيليون على ان الحقوق المائية التي يطالب بها الفلسطينيون لن تكون بأي شكل من ألأشكال حقوق سيادية، لا سيادة لأحد على أحواض مائية مستخدمة من قبل ألأسرائيليين،  للفلسطينيين الحق في الحصول على ما يحتاجونه من المياه  للأغراض المنزلية فقط ولبعض الصناعات إن توفرت ، وبأسعار مماثلة لما يدفعه ألأسرائيليون ، ولن يسمح للفلسطينيين بتبذير مصادر المياه العذبة لأغراض الزراعة .

 • يرفض المفاوضون ألأسرائيليون ادراج حوض نهر ألأردن ضمن اجندة التفاوض مع الفلسطينيين ويقولون بأنه لا توجد للفلسطينيين ما يدعونه ويسمونه بحقوق مياه في حوض نهر ألأردن ، ما يمكن مناقشته والحديث عنه في هذا الصدد ،قد يتعلق بحقوقهم في مياه ألأودية الجانبية المشتركة بيننا وبينهم ، ليس الا ، ولن تعيد اسرائيل للفلسطينيين مترا واحدا من منابع المياه لنهر ألأردن العلوي ، لأن الفلسطينيين ليسوا شركاء في هذا الحوض .

بناء على ما تقدم عن اية سيادة فلسطينية يتحدث هذا القرار وعلى اية موارد مائية ستكون تلك السيادة ، فكما اشرنا اعلاه بأن الأحواض الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء قد صلت الى حالات استنزاف قصوي بل وكارثي كما ونوعا ، والجزء الجنوبي من نهر ألردن قد تحول الى جدول صغير ملوث..... ولم يعد لدى الفلسطينيين اي امل في استعادة حقوقهم المائية من خلال المسارات التفاوضية الثنائية او المتعددة ألأطراف بسبب المواقف الأسرائيلية المتشددة ، ولم يعد من الممكن انتظار ألأسوأ ، فالتحديات اصبحت بحجم البقاء او الفناء ، فبدون ألأرض والمياه لا يمكن ان تكون هناك حياة ، وقد بات التغيير لنهج المعالجات والبحث عن الحلول لضمان البقاء والبناء عليه لمستقبل آمن للأجيال القادمة مطلبا لا خيار غيره ، وفي اطار هذه القناعة انهي هنا ما جاء في قوله تعالى في سورة الرعد /11 { ان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } صدق الله العظيم  .

2015-12-27