الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
سوريا: نعم إنها حرب كونية/نضال نعيسة

يسفـّه، ويتندر كثيرون، حد السخرية والهزء، والاستخفاف، بالمزاعم التي تقول بأن هناك حرباً أممية تشن على سوريا، ولاسيما حين يعلن السوريون، بأن ما يجري على الأرض السورية، هو حرب كونية، ويحاول أولئك الهازئون إعطاء الصراع والأزمة، والحرب، القائمة بعداً محلياً، داخلياً، ذا علاقة قصوى ومباشرة بالحريات والديمقراطية وإلى آخر هذه المعزوفة والأسطوانة المشروخة، التي مل الجميع سماعها على الطالعة والنازلة، ولم تعد تقنع حتى البلهاء والأطفال الصغار.

فالقاعدة، وعبر فرعها السوري المعروف باسم “جبهة النصرة”، والتي تقوم، اليوم، بمعظم المهام الحربية والتخريبية والتدميرية الإجرامية في سوريا، يلبسها الإعلام “الثوري” لبوس البراءة والضحية الضعيفة الكربلائية المظلومة/ وينسب كل أفعالها الإجرامية إلى جيش سوريا الوطني، نقول القاعدة هي، وكما هو معلوم، تنظيم ميليشياوي عسكري الطابع، دولي، عابر للقارات، يعتمد التنظيم السري العنقودي الخليوي، وتشرف عليه الولايات المتحدة(1)، وتديره عبر بعض الوكلاء الإقليميين، يرفع شعارات دينية لإغراء السذج والحالمين بالحور العين والأطفال المرد المخلدين، وهو متعدد الجنسيات، يضم لمامات وحثالات وقذارات بشرية قاتلة وسخة ومنحطة من القاع الاجتماعي المنبوذ والرخيص المجرم ذي خلفية دينية مشوشة وضبابية، لفظته مجتمعاته نظراً لانحرافه العقلي والسلوكي، يحركه المرض والكبت الجنسي والرغبة المحمومة بالقتل وسفك الدماء، وقد اعترف معاذ الخطيب، بعد معلمته السابقة كلينتون، بوجوده في سوريا، وبأنه يشكـّل عصب الجهاز القتالي السوري، لا بل طالب مشغليه –مشغـّلي معاذ- الأمريكان برفعه عن لائحة الإرهاب العالمي كي يحظى بكل الدعم الأمريكي رغم فضيحة العشرين مليون دولار من المساعدات الأمريكية التي ذهبت لجيوب “النصراويين”، هذا إضافة لوجود التنظيم الدولي الآخر العابر للقارات والجنسيات، بكل طواقمه ورموزه البيانونية الشقفوية الطيفورية العرعورية المرزوفية والغنوشية الجليلية والعياطية والأردوغانية القرضاوية….إلخ، المعروف رسمياً بـ”جماعة” الإخوان المسلمين”، ذي الفروع المنتشرة في كل دول العالم، حتى في أمريكا عبر مجلس العلاقات الإسلامية – الأمريكية (كير ) الذي يرأسه نهاد عوض ويتلقى تمويلاً من التنظيم ودول شرق أوسطية معروفة بدعمها للإرهاب الدولي ورعايته وتصديره للخارج. ناهيك عن انخراط 140 دولة تمثل ما عرف بـ”أصدقاء سوريا”(رجاء ممنوع الضحك)، لا هم لهم سوى تزويد هذه الحثالات والشراذم بالمال والسلاح وتوريد القتلة ومختلف أنواع الأسلحة حتى الكيميائية التي قصفوا بها خان العسل مطلع هذا الشهر وكان مصدر هذا السلاح القاتل الفتاك جبهة النصرة “العالمية” وفق الاعتراف والتقرير الموجود والمسجل والمتداول للقناة الرابعة البريطانية(2)، ومن المعلوم أن بريطانيا تتزعم الحملة الدولية لإسقاط الدولة السورية، وشن حروب الوكالة عليها، وصرت ترى اليوم جهاديين أوروبيين من فنلندا وفرنسا وبريطانيا، ومن أستراليا المستعمرة البريطانية السابق في أقصى شرق الأرض، وحتى بلجيكا، التي تذمرت وزيرة خارجيتها مؤخراً من الموضوع ودعت لاتخاذ إجراءات لمنع ذهاب وتدفق الجهاديين والمرتزقة البلجيك في الحرب الكونية الدائرة في سوريا، كما لن نتطرق لتدريب أمريكا لمرتزقة آخرين في عمان على القتال في سوريا، وأما تركيا الأردوغانية الإخوانية فباتت المرجع الثوري السوري وقبلة مرتزقة الناتو ومعبرهم الوحيد وحضن الثوار الأدفأ. ولن نتحدث عن انشغال الاتحاد الأوروبي المفلس مالياً وأخلاقياً، بقضه وقضيضه، وعجائزه وشمطاواته وحيزبوناته الأشتونيات وصهاينته الفابيوسيين، وسواهم ليلاً نهاراً بـ”الهم” السوري الذي يبدو أنه لم يعد لهم من “شغلة ومشغلة” سواه، واليوم تجتمع قمة “النعاج”، والتعبير لحمد بن جاسم، وليس من عندنا، لتؤكد الطابع اللا محلي للحدث، وإظهار قمة التدخل الخارجي بشؤون دول مستقلة وذات سيادة وتوليف وفبركة وتصنيع كرازايات وحكومات دمى وألعوبات لها، وللمضي في ذات الخط وخدمة ذات الهدف، وتعزيز الحرب الكونية على سوريا.

ولن نعرج، احتراماً للكم المعرفي والمعلوماتي الهائل الذي يتوفر للقارئ الحيف والمتابع، عن العامل الإسرائيلي ومشاركة واشتراك وتحمس زعماء الدولة الصهيونية التاريخية من نتنياهو، وبيريز، وباراك، وآفي ديختر، وليبرمان لـ”الثورة السورية” (رجاء ممنوع الضحك مرة أخرى)، وتحول المستشفيات الإسرائيلية “الحنونة”، إلى مقر دائم لجرحى جبهة النصرة، وكيبوتسات ومستوطنات الجولان إلى ملاذ آمن لمجاهديها، الذي يطلق عليه إعلام أبي جهل المتصهين اسم “أطفال” سوريا، الذين يقوم الجيش “الأسدي”، و”قوات الأسد” (هكذا)، بقتلهم ويا حرام، ولأول مرة في تاريخ البشرية والتطور الجيني الذي أربك داروين، وتنحنحت عظامه، في قبره وسفـّه كل نظرياته، سترى “أطفالاً” صغاراً، مسلحين بالستينغر والهاون وبلحى كثة وطويلة وشوارب محفوفة، ما يستوجب إعادة النظر بمجمل مزاعم داروين الفارغة والتافهة.

كما أننا سنتجاوز استنفار أكثر من 600 محطة وقناة فضائية عربية وإسلامية وأطلسية وإسرائيلية وتركية وأوروبية وما بينها، وآلاف المطبوعات والمواقع الإليكترونية المتعددة الجنسيات، المتفرغة ليلاً نهاراً، وبكرة وأصيلاً، لتغطية الحدث السوري، الذي “يؤرق”، ويا للمصادفة كل هؤلاء، ويتخلى عن مهنيته وموضوعيته، ليظهر ومن منظور ووجهة نظر “جبهة النصرة”، ورؤية الولايات المتحدة وحلفائها، لما يحدث في سوريا، وتضخ على مدار الساعة، وهكذا لوجهه تعالى، و”الثورة”، بذات الاتجاه، والمضمون.

وآخر ما حرر اليوم، ورد في الأخبار، التقرير الذي وضع أمام الرئيس اليمني عبد ربه منصور، حول تجنيد 5000 من رعايا اليمن للقتال في سوريا، فـ”المزبلة” القاعدية “النصراوية”، بأعضائها ومرتزقتها وهياكلها السعودية والكويتية والليبية والتونسية والأردنية والحمساوية والإماراتية والعراقية والمصرية والمعاربية والإفريقية والشيشانية، والتركية، والأفغانية، والباكستانية وحتى الصينية (3) والألمانية …إلخ إضافة لتلك الأوروبية والأسترالية التي تحارب اليوم في سوريا لم تكن لتكتمل حتى ينضم لها”حهاديو” الفرع اليمني لمرتزقة الـC.I.A، والموساد.

والسؤال من تبقى من دول العالم لم تتلطخ يداه، بعد، بدماء أبرياء سوريا، وألا تستأهل كل هذه التوليفة والتشكيلة و”الأرطة” الأممية أن نطلق عليها حرباً كونية، أم أن هناك اسماً آخر يمكن أن نطلقه عليها؟

تلفزيون ليفانت

2013-03-26