الخميس 23/10/1445 هـ الموافق 02/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خطوات تعزيز الثقة/ حماده فراعنه

لم يكن قرار الإدارة الأميركية الإفراج عن الأموال المستحقة والمجمدة للسلطة الفلسطينية، من قبل الكونغرس، قراراً إدارياً من قبل البيت الأبيض، بل هو قرار سياسي بامتياز توصلت إليه إدارة الرئيس أوباما، وعملت على تنفيذه لأهداف ودوافع سياسية فاقعة، وهو القرار نفسه ولنفس الدوافع فرضته واشنطن على حكومة نتنياهو ودفعته كي يُفرج عن الأموال الفلسطينية المجباة لصالح الخزينة.

قرار واشنطن وتل أبيب، بتجميد الأموال عن فلسطين، كان قراراً سياسياً يهدف إلى تجويع الشعب الفلسطيني وشل قدرته على الصمود وثنيه عن مواصلة خيار وضع فلسطين في موقعها ومكانتها، كمشروع وطني لشعب يتطلع لاستعادة كامل حقوقه غير المنقوصة، ومنها وفي مقدمتها حقه في الدولة المنشودة المستقلة وفق قرار الأمم المتحدة قرار التقسيم 181 وما تبعه من قرارات منصفة ولا أصفها إطلاقاً بالعادلة ولكنها منصفة تعكس موازين القوى السائدة، ورغبة المجتمع الدولي في التوصل إلى حلول واقعية للصراع، بين المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وبين المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني.

قرار وتوجهات واشنطن وتل أبيب بتجويع الشعب الفلسطيني والتضييق المالي والمعيشي عليه، ومعاقبة القيادة الفلسطينية على خيارها بالذهاب إلى الجمعية العامة رغم إخفاقها في التوصل إلى قرار من قبل مجلس الأمن، بسبب الضغوط الأميركية، غدا فاشلاً بلا معنى، رغم تبعاته القاسية على الفلسطينيين وإرباك قيادتهم وسلطتهم وحكومتهم، ومع ذلك صمد الشعب الفلسطيني وقيادته أمام الضغوط الأميركية الإسرائيلية ولم تنل من عزيمتهم تجميد المستحقات المالية من قبل واشنطن وتل أبيب، وواصلوا طريقهم وحددوا خطواتهم بنجاح عبر انحياز أغلبية بلدان العالم وتصويتها لصالح فلسطين في الجمعية العامة ونيلها الدولة المراقب.

حكومتا واشنطن وتل أبيب، أعادتا الأموال المجمدة وفكتا الحصار المالي عن منظمة التحرير وسلطتها الوطنية فلماذا تم ذلك ؟؟ هل تم ذلك بسبب حُسن الأخلاق نتيجة شعورهم التضامني مع الموظفين الذين ينتظرون رواتبهم أخر الشهر؟ أم تم ذلك لدعم صمودهم في وجه الاستيطان غير القانوني وغير الشرعي؟ أم تم ذلك إقراراً بفشل خيارهم بممارسة الضغط المالي على منظمة التحرير، وأن ثمة خيارات أخرى أكثر جدوى من التجويع وشح الموارد وتجميد المستحقات؟؟.
نعم فشلت السياسة الأميركية الإسرائيلية المشتركة لممارسة الضغط على منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ورئيسها محمود عباس، الهادفة إلى عدم مواصلة طريق انتزاع تراكمات سياسية ودبلوماسية وقرارات دولية لصالح فلسطين وتعزيز مكانتها وشرعيتها، ورفضهم لسياسة منظمة التحرير المتمسكة بطريق المفاوضات المرتبطة بوقف الاستيطان، وأن لا مفاوضات مع الاستيطان، ولذلك يبدو واضحاً أن الإدارة الأميركية وحليفتها الإستراتيجية تل أبيب غيروا من تكتيكاتهم بالعمل على ضخ المال مصحوباً بالمال الخليجي، الذي انقطع طوال الفترة الماضية لنفس السبب، وعاد الآن برضى وقرار أميركي.

التوجه، بفتح قنوات التفاوض بشكل أو بآخر، وتوفير فرص أفضل لحياة الفلسطينيين، تعبيراً عن حُسن النوايا الأميركية الإسرائيلية، مصحوبة ببعض الإجراءات التنفسية، لن تصل إلى الإقرار بزوال الاحتلال ومظاهره ومؤسساته عن أرض فلسطين.

حسن النية الوحيدة المقبولة هي وقف كامل الاستيطان في القدس والضفة الفلسطينية، واستعادة الفلسطينيين لحقهم في الحياة والأمن والاستقلال، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي وخطوات متلاحقة تصب في الوصول إلى الهدف، وهو زوال الاحتلال الحقيقي والملموس عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإقرار أميركي بذلك، وإقرار إسرائيلي مصحوب، لتكون خطوات الثقة تصب في الهدف المرجو، لدولتين وشعبين يتقاسمان الأرض والحياة والكرامة والأمن على الأرض الواحدة التي تُسمى فلسطين.

[email protected]

2013-03-31