الثلاثاء 13/11/1445 هـ الموافق 21/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لنا مصلحة في الأنتخابات النيابية والبرلمانية المقبلة التعاون الوظيفي بين المؤسسات المعنية المتخصصة/ حماده فراعنه

أكثر من عامل ، وأوسع من سبب يجعلنا كمواطنين  نندفع نحو المشاركة في الأنتخابات النيابية المقبلة بخطواتها ومستوياتها الثلاثة تسجيلاً وترشحياً وإقتراعاً ، حيث تكمن مصلحتنا في العمل على تأدية الواجبات الثلاثة  المترتبة علينا وفق الدستور : الولاء للوطن ودفع الضريبة وخدمة العلم  ، كي نحصل على الحقوق المستحقة لنا .

كمواطنين لنا مصلحة في أن نكون في الموقع الذي يجيد الأختيار ، إختيار ممثلين أكفاء في مؤسسات صنع القرار  ، فإذا لم نوفق في دفع شخصيات وازنة ، وطنية تقدمية عصرية ، فعلى الأقل نمنع شخصيات محافظة من تولي الموقع النيابي  وهو إحدى مؤسسات صنع القرار ، والدستور يمنحنا صلاحية إختياره عبر صناديق الأقتراع .

نحن ندفع ثمن  قوة التيار المحافظ  وإندفاع قوى الشد العكسي ونفوذها في مؤسسات صنع القرار كي تمنع التقدم نحو قيم المواطنة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص  ، وهي لم تصل لهذه المواقع دفعة واحدة بل عبر سلسلة طويلة من الأحداث والوقائع والقوانين والتعليمات ، ولذلك لن ينحسر دورها ، لمجرد أمنيات ورغبات ، بل هذا يتطلب عملاً دؤوباًًَ ونضالاً مدنياً عبر توسيع قاعدة المشاركة للوصول إلى القيم الدستورية بالعدالة والمساواة بين كافة الأردنيين  ، وكي يتراجع تأثيرالتيار المحافظ وقوى الشد العكسي  بشكل تدريجي مفسحة المجال لشخصيات أكثر إنفتاحاً  وعصرية وديمقراطية ، يحتاج منا هذا الهدف  إلى صبر وطول نفس وتنظيم وإدارة ، بعد سنوات طويلة من التطاول على الدستور ، وتزيف إدارة الأردنيين ، ولنا قدوة حسنة في ممثلي دوائر البدو حيث يقدمون نواباً يتحلون بالمهنية من أطباء ومهندسين ومحامين وحتى رجال دولة رفعي المستوى ، وهذا ما يجب أن تفعل مثله مكونات المجتمع الأردني في الريف والمدن والمخيمات .

مشاركتنا كمواطنين ، يجب أن تسير بإتجاه تنفيذ المضمون الدستوري أن الشعب مصدر السلطة ، فكيف يكون ذلك حينما يتم تحريض الشعب على عدم ممارسة دوره في إستعادة حقوقه الدستورية وعدم مشاركته في إختيار ممثليه لمجلس النواب ؟ وفق سؤال أحد قادة اليسار الأردني ، الذي أكد أن تراث اليسار عدم المقاطعة حتى في ظل الأحكام العرفية ، فكيف يكون الحال اليوم ونحن في ظل وضع أفضل مما كنا فيه قبل عام 1989 ؟  ، فالتيار المحافظ كان يعمل دوما على تزيف إرادة الأردنيين بالقوانين الأستثنائية المقيدة وغير النزيهة وغير العادلة ، وها هو تيار الأخوان المسلمن ومن يساندهم ومن يقف معهم ، يعمل على تغييب إرادة الأردنيين ، بالدفع نحو مقاطعة الأنتخابات النيابية كي تكون النتائج لمصلحة التيار المحافظ ، ويتواصل بالتالي تغييب دور قوى الحداثة والعصرنة والديمقراطية وتغييب التعددية ، وقوى  اليسار والتيار القومي عن أهم مؤسسة تمثيلية للأردنيين وهي مجلس النواب .


قد يقاطع حزباً ما الأنتخابات كما فعل الأخوان المسلمين في دورتي 1997 و 2010 ، وهذا حقهم ولكن لم تخرب الدنيا بسبب مقاطعتهم ، وهي لم تعمر بشكل بائن ومميز حينما شاركوا في دورات 1989 و 1993 و 2003 و2007 ، فكانت إسهاماتهم متواضعة لأن موازين القوى لا تسمح بغير ذلك ، ولأنهم يفتقدون في نفس الوقت للتراث الديمقراطي والمهنية البرلمانية وللقيم العصرية ، ولذلك لن يكون الأخوان المسلمون المرجعية للقطاع الأوسع للأردنيين ولن يكون قرارهم بمقاطعة الأنتخابات بوصلة لباقي الأردنيين كي يحذون حذوهم  ، بدلالة ليس فقط حجم التسجيل في قوائم الناخبين ، بل بدلالة موقف أحزاب المعارضة الستة ( الحزب الشيوعي ، حزب البعث الأشتراكي ، حزب الوحدة الشعبية ، حزب البعث التقدمي ، حزب الشعب الديمقراطي ، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة ) التي دعت قواعدها ومؤيدها للمشاركة في عملية التسجيل ، وهو موقف يتعارض مع موقف حركة الأخوان المسلمين الأحادي المنفرد ، رغم أن الأحزاب الستة شركاء مع الأخوان المسلمين في الجبهة الوطنية للأصلاح أولاً  وفي لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة السبعة ثانياً  .

وللقوى السياسية مصلحة أكيدة بالمشاركة بالأنتخابات وعلينا أن نلاحظ أنها المرة الأولى التي يتم فيها تشريع قانون للإنتخابات ، حيث كانت تجري الأنتخابات تحت مظلة القوانين المؤقتة ، في كافة الدورات السابقة منذ عام 1989 ، عام إستعادة شعبنا حقوقه الدستورية المعلقة حتى الدورة الأخيرة عام 2010 .

وفي نفس الوقت علينا أن نلحظ بشدة أن المناخ السائد لدى الحكومة ومجلس النواب هو مناخ محافظ وبذلك إنعكس على صياغة ومضمون القانون الذي وصفه جلالة الملك على أنه ليس مثالياً ، ووصفه رئيس الوزراء على أنه قانون خلافي .

لقد قطع القانون خطوة جوهرية نوعية إلى الأمام ، من خلال تضمين القانون القائمة الوطنية المغلقة على قاعدة التمثل النسبي  ، وتتسع دائرتها الوطنية حتى مساحة الأردن ، وبذلك أعطت المجال لكافة الأردنيين كي يتحدوا لأول مرة كناخبين في شريحة واحدة وينتخبوا قائمة واحدة على مستوى الأردن ، وهذا يعني بالضرورة توحيد أبناء الريف والبادية والمخيمات والمدن ، من المسلمين والمسيحيين ، ومن العرب والشركس والشيشان والأكراد كي ينتخبوا قائمة واحدة ، وهذا يدفع بالتأكيد  كي تكون عضويتها جامعة  للرجال وللنساء من كافة الشرائح والمكونات موحدين في قائمة واحدة ، وهذه خطوة نوعية وحدوية لأعادة صهر الناخبين بعيداً عن الجهوية والفئوية ، وإعادة توحيدهم في التصويت الموحد لقائمة موحدة .

مصلحة الأحزاب تكمن في القائمة الوطنية ، لأنها تعطيهم المجال كي يقدموا قوائمهم الحزبية والأئتلافية ، على مستوى الأردن ، وهذا بالتأكيد يكشف مدى نفوذهم  ومدى إستعداد أبناء المدن والريف والبادية والمخيمات للإنخراط في صفوفهم والأنحياز لبرامجهم .

المؤسف حقاً أن القائمة الوطنية لها 27 مقعداً من أصل 150 مقعداً في مجلس النواب القادم المقترح وفق القانون ، وهي لا تتعدى نسبة 18 بالمائة من مجموع مقاعد البرلمان ، وهي نسبة ضئيلة متواضعة لا تلبي غرض الأصلاح في الوصول إلى حكومات برنامجية حزبية ، ومع ذلك هي قفزة نوعية على الطريق ، حققها المشاركون من القوى اليسارية والقومية في لجنة الحوار الوطني التي أوصت على تضمين القانون القائمة الوطنية المغلقة على أساس قاعدة التمثيل النسبي ، وتواضع العدد يعود إلى قوة التيار المحافظ ، وقوى الشد العكسي التي  تسعى إلى تأخير التقدم نحو قيم العصر والعدالة والديمقراطية وتتشبث في تمسكها " بالأمتيازات المكتسبة " التي حصلت عليها وراكمتها بفعل عوامل الزمن التقليدية وغياب المعايير الديمقراطية طوال مرحلة الفترة العرفية .

أما مؤسسات المجتمع المدني لا بد ولها مصلحة في متابعة الحدث ومراقبته ، والدفع نحو إرساء مفاهيم الشفافية وسلوكها ، بهدف أن تكون الأنتخابات نزيهة خالية ما أمكن من العيوب والسقطات ، ولا تؤدي إلى نتائج لا تعكس إفرازات صناديق الأقتراع .

مؤسسات المجتمع قادرة عبر تدريب كوادرها ، وتحصين مهنيتهم وبالأعتماد على قوة الأعلام ، ونفوذه وسرعة إنتشاره من ممثلي الصحف ومحطات التلفزيون والأذاعات المختلفة والمواقع الألكترونية ، كي يكون الدور الرائد لمؤسسات المجتمع وتشكيل مظلة حماية لعملها الهادف إلى تحقيق إنتخابات شفافة نزيهة تعكس إفرازات صناديق الأقتراع .

التناغم بين الهيئة المستقلة للإنتخابات ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والأعلام ، يشكل ضمانة أكيدة في مواجهة محاولات القوى النافذة للتأثير على الأنتخابات بما لا يتوافق مع نتائج صناديق الأقتراع ، وليس هذا وحسب ، بل إن عملية المراقبة والتدقيق بين الهيئة والمجتمع المدني والأعلام ، سيقدم الطمأنينة للناخبين وللمرشحين على السواء إن حصيلة جهدهم وأصواتهم ، ستكون مضمونة في إطار من الشفافية والمصداقية وفق ما ستفرزه صناديق الأقتراع .

[email protected]

2012-09-20