الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جنيف 2 مراوحة غربية ونقطة للأمام لروسيا/د. سلمان محمد سلمان

لم يتغير الكثير منذ إعلان تفاهم لافروف وكيري بشأن سوريا. ونقطة المفصل الأساس ليست التحول وقبول الغرب للحل السياسي في سوريا ولكنها الضربة الإسرائيلية التي أريد بها ترجيح كفة الخيار العسكري الغربي الذي تتبناه الصهيونية وبريطانيا وفرنسا وحلفاؤهم في المنطقة مقابل الخيار السياسي الذي يتبناه تيار وازن في الغرب ويشمل العسكر الأميركي ومعظم أوروبا. وإدارة أوباما مترددة وتتناوب المواقف حسبما يمليه موقفا التحليل الغربي وواقع الحال السوري والنفوذ الروسي المتزايد. لمزيد من التفصيل انظر الرابط
http://www.grenc.com/a/smsalman/show_Myarticle.cfm?id=28055

أرادت إسرائيل اختبار القوة من خلال ضربة مؤلمة فان أنتجت ردا ضعيفا تكون مقدمة لغزو جزئي ومساعدة للمسلحين لتحقيق تخفيف الضغط العسكري عليهم وربما تنتج خوفا يؤدي إلى ارتباك في الرؤية السورية وتكرار لمقولة الضعف السوري أمام العربدة الإسرائيلية.

الرد السوري الفعال لم يحصل عسكريا: في اللحظة المفصلية أعلنت روسيا تزويد سوريا بأسلحة دفاع جوي متطورة وهي إشارة أنها لن تسمح لإسرائيل بمزيد من القصف دون عقاب. وأعلنت سوريا أنها ستزود حزب الله بالسلاح وتفتح الجولان. ومع أن خيار فتح جبهة الجولان الأخير لا يعني كثيرا في الواقع حيث لن يكون هناك تصعيد مثير لفترة من الزمن على الأقل إلا أن الرسالة وصلت لإسرائيل: سيكون الرد صعبا وستدعم روسيا موقف سوريا وتغطيها دوليا.

حاولت إسرائيل من خلال زيارة نتنياهو لروسيا مفاوضة القيصر الروسي تخفيف حدة التهديد وطلبت ترضيات روسية مقابل عدم الهجوم. وأهم الترضيات ضمانات سورية بعدم دعم المقاومة وحزب الله وتمرير أي حلول سياسية لقضية فلسطين دون معارضة. وفي هذا لا تستطيع روسيا تقديم أي ضمان. وتمسكت روسيا بموقفها من حماية أجواء سوريا مع ضرورة البحث جديا عن حل سياسي للأزمة السورية وطالبت من إسرائيل وحلفائها تخفيف الضغط على إدارة أوباما التي ترغب بحل سياسي.

فشلت الزيارة فعادت إسرائيل تهدد سوريا وعاد أوباما يشترط تنحي الأسد واختفى معنى التوجه للحل السياسي وضاع بين التصريحات المتناقضة.

في الجبهة العسكرية هناك تقدم معقول لكنه غير كاف على بعض الجبهات السورية ويقال أن درعا وحدود الأردن تم ضبطها والقصير وحدود لبنان على الطريق وبقيت جبهة تركيا الجرح الكبير المفتوح. هل للتباطؤ السوري علاقة بانتظار حل سياسي أم أنه مجرد تكتيك عسكري.  أرجح السبب الثاني فحسم المعركة الداخلية حتى الآن يمثل الحل الوحيد المتوفر وليس هناك جدية لحل سياسي من القوى الفاعلة في المنطقة أو للدور الصهيوني عالميا بالإضافة إلى فوضى السلاح الداخلية وصعوبة تغير جوهري بالموقف التركي لحكومة أردوغان.

ليس هناك استعداد لحل سياسي من قبل الخصوم بأقل من تنحي الرئيس الأسد لأنهم يفهمون أن أقل من ذلك يعني الهزيمة لهم. وحتى لو لم يترشح الأسد إلا أن الوريث الطبيعي سيكون من نفس النوع ولا تكون هناك فرصة لتغيير المزاج الشعبي نحو الاستسلام لإرادة موجهي المسلحين لفرض حكام جدد على سوريا. وعليه يفهم الطرف الآخر ذلك بالهزيمة الكاملة.

ستكون مراوحات ويستمر الجيش السوري بالحسم بطيئا أو سريعا وربما تحاول إسرائيل اختبار الميزان بضربات سريعة مرة أخرى من خلال تصيد فرص ونوافذ زمنية مناسبة تحقق إذلالا دون ردة فعل قوية.

ما يحدد الرد السوري سيكون ما يفرضه ميزان القوى الميداني لحظة الاعتداء. وكلما حسمت سوريا أمرها بسرعة كلما تراجع التهديد الإسرائيلي. من الأفضل لسوريا عدم الرهان كثيرا على ثمار حل سياسي لا يحدد مخرجاته الميدان.

أستاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية – قلقيلية – فلسطين

2013-05-17