الجمعة 24/10/1445 هـ الموافق 03/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قصة " وداع تحت القصف ../ عبد الهادي شلا

  والقصف على أشده ما توقف منذ عشرة أيام ،صرخ الطبيب في الممرضة بأن تستدعي على عجل زميله الطبيب "أحمد" وهو يتلقف من يد المرأة الشابة طفلتها وقد إختلطت دمائها بدماء أمها التي بالكاد وصلت إلى غرفة العمليات وسط هذا العدد الكبير من الجرحى والمصابين الذين ضاقت بهم المستشفى.

لحظات وكان الطبيب"احمد" في غرفة العلميات بصحبة الممرضة التي أصابها الذعر مما رأت وقد وضع الطبيب الطفلة على السرير بجوار أمها الشابة لعدم وجود أســِرة تكفي هذا العدد الكبير من المصابين. لحظة صمت رهيب تماسك فيها الطبيب "احمد" وهو يرى..طفلته الوحيدة "بسمة" التي أنتظرها خمسة عشر عاما مضرجة بدمائها وقد لفظت أخر أنفاسها بين يديه بللها دمعه الغزيز وهو يقبل وجهها ويستودعها الله. -أسميتها "بسمة" لأن قدومها ملأ حياتنا بالفرح بعد انتظار طويل!

وضعها من بين يديه بجوار أمها الشابة فكانت الصاعقة التي عصفت فيما تبقى من عقله ..إنها " سعاد" ..زوجته..حبيبته..رفيقة عمره .! كان الطبيب في غرفة العمليات والممرضات في حالة إستنفار واستقبال المزيد من المصابين والحرجى بينما القصف لم يتوقف ولكنهم للحظة رأوا الطبيب"احمد" وهو بالكاد يتماسك ويقف على رجلية من أثر الصدمة. ثلاثة أيام قبلها لم ترى عيونه النوم وهو يتنقل بين المصابين رأى الكثير ممن يعرفهم ومن الأصدقاء والجيران فمنهم المصاب ومنهم من استشهد .

- أخر مرة كلمتها كانت بالأمس،وسمعت صوت طفلتي الوحيدة "بسمة"..هذه التي أغمَضْتُ عينيها بيدي قبل لحظة،و زوجتي "سعاد" التي ابتسمت لي وما أسعفها الوقت إلا بكلمات قليلة: الحمد لله أنني رأيتك قبل أن أفارق الحياة ، لا تتوقف عن معالجة أهلنا فهم يحتاجون لك ولزملائك من الأطباء..قالتها و...صمتت إلى ألأبد . - حبس الجميع دموعهم في مآقيها وانعقد لسانهم عن الكلام.! - هيا بنا نكمل عملنا الجرحى والمصابين ينتظروننا فالجميع لهم أبناء وآباء وأمهات..قال الطبيب "أحمد" لزملائه ونهض مسرعا إلى غرفة العمليات التي أتي منها.

8 أغسطس/آب 2014

2014-08-09