الأحد 26/10/1445 هـ الموافق 05/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أصابع الاتهام في هجوم سيناء تشير لتنظيم "التوحيد والجهاد" الناشط بين غزة ومصر

قالت مصادر أمنية وإسلامية مصرية أمس إن أصابع الاتهام في حادث سيناء الإرهابي تشير لتنظيم "التوحيد والجهاد" العامل بين غزة ومصر، والذي تأسس بالاندماج بين فريقين تكفيريين، ويعد من أخطر الجماعات المسلحة على جانبي الحدود. وأضافت المصادر أنه توجد عناصر متشددة بسيناء تجيز قتل رجال الشرطة والجيش المصريين، وأن هناك 25 متهما في قضايا سابقة يتم محاكمتهم الآن داخل محكمة جنايات الإسماعيلية بتهم قتل ضباط جيش وشرطة بمدينة العريش في القضية المعروفة باسم تنظيم "التوحيد والجهاد".

وتابعت المصادر، أنه من المعتقد أن الجماعة نفسها تقف وراء التفجيرات التي أودت بحياة 16 ضابطا وجنديا مصريا قرب الحدود المصرية مع إسرائيل يوم الأحد الماضي، مشيرة إلى أن جماعة "التوحيد والجهاد" تعرف أيضاً باسم تنظيم "القاعدة والجهاد" ويتخذ من قطاع غزة وبعض جبال سيناء مقرا له.

وقالت المصادر الأمنية إن معظم أعضاء هذه الجماعات التكفيرية التي تكفر الحاكم والمجتمع، كانوا معتقلين في حكم النظام السابق، وتمكنوا من الفرار من المعتقلات والسجون المصرية خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير، مضيفة أن هذه العناصر تم تدريبها على يد جماعات أخرى متشددة داخل قطاع غزة خاصة جماعه "جند الله" أو "جلجة"، وتابعت، إن هذه العناصر لديها خبرة كبيرة في تصنيع العبوات والأحزمة الناسفة باستخدام خامات بدائية إضافة إلى خبرة كبيرة في عمل الدوائر الكهربائية والتي يتم استخدامها في عمليات التفجير عن بعد.

ومن جانبها، قالت مصادر الجهاديين إن جماعة التوحيد والجهاد التي أصبحت تطلق على نفسها منذ عام 2005 تقريبا اسم "القاعدة والجهاد" ربما كانت هي من يقف وراء العملية التي جرت في سيناء، وهي العملية الأكبر من نوعها ضد عناصر من الجيش والشرطة منذ انتهاء الحرب المصرية الإسرائيلية في سيناء عام 1979.

وأضافت مصادر محلية في سيناء أن عدد الجماعات التكفيرية ليس كبيرا داخل سيناء، وأنها تستخدم جبل الحلال بالقطاع الأوسط من سيناء للاختباء والاحتماء به، نظرا لصعوبة اقتحامه من جانب قوات الأمن المصرية، مشيرة إلى أن هناك معلومات لم يتم التأكد منها حتى الآن بأن هذه العناصر قامت بزرع ألغام لمنع اقتحام الجبل من قبل قوات الأمن، كما فعل أعضاء تنظيم التوحيد والجهاد الذي أعلن مسؤولياته من قبل عن تفجيرات سيناء التي وقعت ما بين عامي 2004 و2006 وهو التنظيم نفسه الذي يجري حاليا إعادة محاكمته بعد صدور أحكام بالإعدام ضد ثلاثة من أعضائه قبل ثورة يناير.

وتعتبر جماعة "التوحيد والجهاد (تنظيم "القاعدة" والجهاد)"، في الأساس، نتاجا لفكر جماعتين إرهابيتين نشطتا في مصر طيلة العشرين سنة الأخيرة. واستمدت هذه الجماعة قوتها من مجاورتها في الـ10 سنوات الأخيرة للحدود المصرية مع قطاع غزة، خاصة بعد أن أصبحت تعاني من فقدان السيطرة عليها من حكومة فلسطينية مركزية بعد انقلاب حركة "حماس" "الإخوانية" على الرئيس محمود عباس وحركة فتح، والسيطرة على القطاع منفردة عام 2007.

وكانت التكهنات والتقارير المحلية في مصر تشير حتى أمس إلى أن وراء هجوم الأحد جماعة تطلق على نفسها "أكناف بيت المقدس"، باعتبار أنها جماعة ظهرت أخيرا قرب الحدود المصرية مع غزة وتضم مصريين وعرب، وزعمت تنفيذها عملية هجوم على هدف حدودي إسرائيلي انطلاقا من سيناء قبل أسابيع، إضافة لاستهداف خط تصدير الغاز لإسرائيل. ونفى مجلس شورى المجاهدين لهذه الجماعة أمس أي صلة له بالهجوم على الضباط والجنود المصريين يوم الأحد.

ويقول المراقبون إن قطاع غزة أصبح خلال السنوات الخمس الأخيرة مرتعا للحركات الجهادية السلفية التي تشبه أفكارها أفكار جماعة التوحيد والجهاد في سيناء. وبمرور الوقت أصبحت حركة "حماس" طاردة للحركات الأخرى، ودخلت في خلافات معها.

ويقول الشيخ نبيل نعيم، القيادي الجهادي المصري، إن نشاط "حماس" في الفترة الأخيرة أصبح ينصب على البحث عن المكاسب الخاصة من التجارة عبر الأنفاق ومحاربة حركة فتح، وبالتالي ضعفت قبضتها على القطاع، مما أدى إلى تنامي الحركات الإسلامية، ومنها حركة "القاعدة والجهاد" التي أصبحت هي الأخرى تعمل على جانبي الحدود مع عناصر فلسطينية تعتنق أفكارا مشابهة لها بحرية أكثر.

وتتبنى المجموعات الجهادية السلفية المصرية الفلسطينية، والتي يبلغ عددها نحو 10 مجموعات، على جانبي الحدود مع غزة، أفكار تنظيم "القاعدة" رغم أنها لا تتبعه تنظيميا. ومن بين عناصرها أعضاء سابقون طردوا من "حماس" ومن تنظيم الجهاد المصري.

ويقول مسؤول أمني مصري في سيناء إن العناصر الجهادية التي تنشط على الجانب الآخر من الحدود في غزة، يبلغ عددها نحو ألف وخمسمائة عنصر، وأن عدد المصريين المتعاونين معهم على الجانب المصري من الحدود، وغالبيتهم من المنتمين لجماعة "القاعدة والجهاد" يقارب الخمسمائة عنصر.

كيف ظهرت جماعة "القاعدة والجهاد"؟ يقول الشيخ نعيم ردا على أسئلة "الشرق الأوسط" إن "القاعدة والجهاد" التي أصبحت من أخطر الجماعات العاملة بين غزة وسيناء، كانت في الأساس جماعة جهادية أسسها طبيب مصري يدعى خالد مساعد سالم عام 2002 وساعده في زيادة حجم التنظيم وإقبال الشباب عليه، قيام إسرائيل بارتكاب مذبحة "جنين" في نفس السنة، ثم الحرب الدولية على العراق عام 2003، وقتل مساعد، الذي ينتمي لإحدى القبائل الكبيرة في سيناء، في الهجوم الإرهابي الذي نفذته جماعته في طابا في أغسطس عام 2005، واتضح في ذلك الوقت أن الجماعة أصبحت تضم فلسطينيين أيضاً.

ويضيف نعيم أن مجموعة مساعد كانت قد التقت مع مجموعات تتبع "جماعة الشوقيين" وهي جماعة أسسها قبل سنوات مهندس زراعي من جنوب القاهرة، يدعى شوقي الشيخ، تقوم أفكارها على تكفير المجتمع والحكام والجيش والشرطة، وفر كثير من عناصرها إلى سيناء هربا من الملاحقات الأمنية، خاصة بعد موجة للإفراج عن بعض الإسلاميين المحبوسين منذ التسعينات، وتم ذلك سنة 2006 بضغط من نواب التيار الإسلامي ممن فازوا بعشرين في المائة من المقاعد في برلمان 2005 – 2010.

وتابع نعيم، أنه بالتقاء عناصر من هاتين الجماعتين خاصة مع مطلع الألفية، حصل بينهم وحدة فكرية وأطلقوا على أنفسهم اسم "التكفير والجهاد"، ثم غيروا الاسم إلى "القاعدة والجهاد" حين وجدوا أن كلمة التكفير غير مستساغة ولا تجذب لهم أتباعا جددا. وقال نعيم إن جماعة "التوحيد والجهاد" التي تعرف أيضاً بـ"القاعدة والجهاد" يتركز وجودها في سيناء وأصبح لها علاقة قوية في غزة ويستخدمون الأنفاق في تهريب الأموال المزورة والسلاح وغيره، مشيرا إلى أن منفذي عملية سيناء يوم الأحد الماضي هم امتداد لمرتكبي تفجيرات طابا في عامي 2004 و2005، إلا أنهم أصبحوا أكثر تشددا عن ذي قبل، وأصبحوا يتحركون بحرية أكبر بعد ثورة 25 يناير 2011، حيث كان من السهل تفجير خطوط تصدير الغاز وضرب الأكمنة الأمنية.

وبعد انتهاء نظام مبارك، قالت المصادر الأمنية إن عددا من العناصر بدأت تستخدم صحراء سيناء مسرح تجارب لإطلاق صواريخ من غزة لتسقط داخل أراضي سيناء، ثم تقوم بعض العناصر الأخرى داخل الأراضي المصرية برصدها وفحص مداها بعد سقوطها في سيناء، مشيرة إلى أنه، وفي نهاية الشهر الماضي تم رصد صاروخ محلى الصنع حين سقط في منطقة صحراوية بالقرب من قرية الريسان بوسط سيناء، وأن الأمر تكرر عدة مرات منذ مطلع الشهر الماضي.

وبعد يومين من الهجوم على الضباط والجنود المصريين، تسود حالة من الهدوء الحذر مدن شمال سيناء، فيما يبدو أنه تجهيز لحملة دهم مكبرة لضبط عدد من العناصر المتشددة التي ربما تكون وراء الهجوم الأخير، الذي تضمن أيضاً اختطاف إحدى المدرعات والدخول بها إلى الأراضي الإسرائيلية بالقرب من العلامة الدولية رقم 6 والواقعة بين ميناء رفح البري ومنفذ كرم سالم.

ووصلت إلى مستشفى العريش العام عدد 6 جثث لمنفذي الهجوم على قوات الحدود المصرية. وأكد مصدر أمني أن الجثث لمن كانوا في المدرعة المصرية التي تم اختطافها والدخول بها للأراضي الإسرائيلية حيث قتلتهم القوات الإسرائيلية، وتم تسليم جثثهم إلى الجانب المصري عن طريق منفذ العوجة البرى.

وأعلن مصدر طبي أن معظم الجثث متفحمة وأنه جارى عمل الإجراءات اللازمة لتحديد شخصياتها.

عن الشرق الاوسط

2012-08-08