الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مقاومة الإحتلال المشروعة بين قوة القانون وقانون القوة....أحمد رمضان لافى

 بتاريخ 13 نوفمبر عام 1974شهد العالم كلمة القائد الفلسطيني التاريخى"ياسر عرفات" عندما ألقى خطابه باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة ممتشياً سلاحه المقاوم والشرعى ومخاطباً العالم أنه جاء بغصن الزيتون بيد وببندقية الثائر باليد الأخرى, وقد لقى هذا الخطاب التاريخى تعاطفًاً وصدى واسع في أروقة السياسة العالمية والدولية عندما كان الشعب الفلسطيني طوابير مسلحة ومقاومة للإحتلال وليس طوابير كابونات غذائية وإنسانية, عندما كانت القضية الفلسطينية قضية وطنية وليست إنسانية كما يعد الآن, وفى10 نوفمبر 1975 اعتمدت الجمعية العامة القرار(3379) بتصويت(72) بنعم مقابل (35) بلا وامتناع (32) يحدد أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى وطالب دول العالم بمقاومة الأيدولوجية الصهيونية التي تشكل على حسب القرار خطراً على السلم والأمن الدوليين, ما دفع مندوب حكومة إسرائيل المحتلة "إسحاق هرتسوغ" بتمزيق القرار وهاجم المنظمة الدولية ونعتها بأقبح الألفاظ .

وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974 في قرارها رقم (3214) حق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية والإستقلال وحق تقرير المصير، وبالتالي أجازت الشرعية الدولية حق الشعوب في المقاومة المسلحة في سبيل الحرية، ولم يكتفى القرار بهذا النص بل ذهب إلى " ..

أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الإستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة". فما الذى جرى منذ ذلك التاريخ حتى تاريخ 6/12/2018 عندما صوت 78 دولة لصالح مشروع القرار الأمريكي الذى يدين ""المقاومة الفلسطينية" بالأمس ؟

لعل الإجابة على هذا التساؤل يحتاج إلى الكثير من الصفحات والتحليلات إلا أننا نستطيع القول بأن مرحلة "ياسر عرفات" في سبعينيات القرن الماضى كانت تحظى بالكثير من عوامل النجاح, حيث كان تأثير دول عدم الإنحياز حاضرة, والتوازن الدولى في حينه لعب دوراً هاماً. أما الحالة الفلسطينية فكانت موحدة تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطيني أمام العالم كله, وكانت البوصلة فلسطين, ولم تكن بطاقة VIP أو استثمار مشترك لقيادات فلسطينية مع إسرائيل, أو شعار للمقاومة مرفوع للمتاجرة فقط بالقضية من أجل سلطة تافهة يتم تمويلها من عملاء وعن طريق إسرائيل الدولة المحتلة التي من الواجب مقاومتها, ومكاتب بريد قطاع غزة دليلاً واضحاً, فالأموال القطرية وكشوفات أسماء موظفين  حماس " المقاومة" يجب أن تمر على الأمن الإسرائيلي, فعن أي  نصر نتحدث ؟

ألا نخجل من عدد المصوتين مع مشروع القرار الأمريكي؟

وهل تصويت 78 دولة ضد أحقية نضال الفلسطيني نصراً؟

إن قوى الشر والاستعمار التي تحتل الشعوب لا يمكن أن تنتصر إلا إذا إنهزمت هذه الشعوب من داخلها, وبالتالى فإن تصويت الجمعية العامة بالأمس على مشروع القرار الأمريكي وإن اعتبره البعض نصراً مبيناً فإن يسلط الضوءعلى ما آلت إليه الظروف أولاً الفلسطينية من حجم التراجع الخطير للقضية الفلسطينية ومدى التعاطف الدولى معها, ثانياً المتغيرات الدولية, فعدم تمرير القرار لم يكن نصراً لأى جهة, بل إلى الطريقة والكيفية لتلك الإجراءات المتبعة للتصويت في الجمعية العامة, نعم كان هذا إقتراح من مندوب الكويت مشكوراً, إلا أننا نشعر بأن هناك خطراً محدقاً إذا ما أصر من يدعون أنهم قيادات فلسطينية بالتناحر والتنافس على سلطة حقيرة تتحكم بها قوة الإحتلال, فالشمس لا تتغطى بغربال والجميع شاهد بأن نكبة الإنقسام كانت ألعن من نكبة عام 1948, وقد كتبنا مرات عديدة عن هذا الموضوع وبنفس العنوان لعل النائمون يصحون من غفلتهم وأن استمرارهم تلك المهزلة يكون بمثابة المشاركة في صناعة مواقف الاستعمار ليس في الأمم المتحدة فقط بل في جميع المحافل, ولم يكن بمقدور الرئيس الأمريكي " ترامب" أن ينقل سفارة بلاده إلى القدس, كما لم يكن أن تعمل إدارته على شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين كأبرز قضية تمثل النكبة وعنوان القضية, إن استمرار هؤلاء ممن يسمون أنفسهم قيادات فلسطينية بهذها الأسلوب إنما تعمل على ضياع ما تبقى من أمل أمام مستقبل أجيال كاملة, صحيح القرار لم يمرر ولكن هناك الكثير مما يستدعى الوقوف أمامه.  

[email protected]

 

 

2018-12-07