الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عُدي التميمي درس المطارِد الجمعي....عدنان الصباح

 

 

 لم يكن عدي التميمي شهيدا عاديا ابدا بل كان الدرس الجمعي الاول لكل الفلسطينيين وتحديدا اولئك الذين يشكلون الجانب الرسمي في حياتنا بكل تلاوينهم واشكالهم من سلطة وفصائل ومنظمة تحرير الذين لا زالوا يغردون كل على هواه وبالتالي فان تغريدات الغالبية العظمى لا تأتي في داخل السرب ولا في القناة الجمعية الحقيقية.

 

شاب صغير معزولا الا من ارادته وارث شعبي حقيقي رافض للاحتلال وتواق الى الحرية استطاع وعلى مدى عشرة ايام ان يجعل جيش واجهزة امن اقوى دولة في الشرق الاوسط تقف على قدميها ولا تدري كيف تتصرف وبات اسمه هو الحاضنة لشعبه وليس العكس وراحت الفصائل جميعا تلهث من خلفه وصار نموذجا يحتذى.

لم يكتف عدي التميمي بالفعل المقاوم الاول بل اراد ان يرسل لنا درسا جديدا في المقاومة وهو ان الفعل المقاوم لا نهاية له الا الحرية فعاد هو بقدمية صانعا ولأول مرة اسما جديدا للمطارَدين ليصبحوا المطارِدين بعد ان تقدم اليهم مطارِدا لهم في مواقعهم.

عدي التميمي قال ايضا ان الرصاص لا يقتل المقاومة وان ما يقتلها هو العجز والتراجع وقد شاهده العالم يرفض الركوع ويقاتل ولو ان اعظم مخرجي الارض اراد تصوير فيلما عن البطولة لما استطاع ان يأتي بمثل ما راينا وبذا صار رغما اعن كل شيء نجما شبابيا ورمزا للبطولة سيكتشفها الجميع الى الامام بعد ان نرى كيف ان دقيقة واحدة من حياة عدي تحولت الى مدرسة كاملة ومنحت شبابنا تجربة وتدريبا عمليا ما كان ممكنا الحصول عليه الا بتجربة هذا البطل المختلف.

الدرس الاخطر الذي قاله عدي للفصائل ان الامر ممكن وان مواجهة هذا الجيش اسهل بكثير من اشعال عود ثقاب لإشعال سيجارة وان معاودة المواجهة مرة ومرات ايضا ممكنة وبالتالي فان الحرية ممكنة وكل ما هو مطلوب منكم ان تستديروا بجميع مؤشراتكم وكفاحكم ضد المحتل وجيشه ومستوطنيه على ارض فلسطين وان تتوقفوا عن المناكفات والاختلافات وتقسيم الوطن والشعب الى اقسام قد لا تنتهي.

في وصيته كتب عدي بخط يده انا لم احرر فلسطين وقد كانت اخطر كلمة في كل فعل وقول اتى من عدي فهو اراد القول ان تحرير فلسطين يستحيل ان يكون فعلا فرديا مهما كان عدد الافراد المستعدين لنفس الفعل وغيره ودون ان يصطف الشعب كل الشعب بقواه كل قواه خلف برنامج سياسي وكفاحي مقاوم فان التحرير والحرية سيبقيان امران مستحيلان وان البطل الفردي حتى ينتصر ينبغي له ان يكون جزءا من مكون جمعي هو المكون الوطني الذي اسمه الفلسطين شعبا وارضا واي ابتعاد عن بوصلة الوحدة هو ابتعاد عن درب الحرية والتحرير وبالتالي فان الوصول الى ذلك دون الوحدة امر مستحيل.

لم يكن عدي التميمي وحيدا بل سبقه الكثيرين وسياتي الاكثر من بعده وحسب تطورات فعل المقاومة فان كل خطوة الى الامام باتت تأتي ببطل فهم الدرس الذي سبقه جيدا وراكم عليه وبالتالي فان عدم التحاق القوى والفصائل واستعادة مكانتها في قيادة المقاومة والشعب قد تذهب بنا الى الكارثة.

انني ادق ناقوس الخطر اليوم فاذا اكتفت الفصائل والسلطة والمنظمة بدور المتفرج فسيجد هؤلاء الابطال انفسهم وقد اجبروا على المشاركة في الفعل السياسي دون خبرة ولكن بعد ان يكونوا قد قطعوا كل علاقة لهم بالساسة العاجزين والغائبين وما زيارة مبعوث الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط الى مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس الا بداية مشوار الكارثة اذا تطور هذا الفعل الى ما هو ابعد وبالتالي فان غياب الجمعي الفلسطيني المقاوم سيمهد الطريق الى ما هو غير ذلك وحينها لن ينفع اللطم على الخدود ندما.

2022-10-21