الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قراءة في السياسة السعودية ...الثورات العربية نموذجا/ عبدالرحمن صالحة

لعبت السعودية في الفترة الماضية التي واكبت أحداث الربيع العربي العديد من الادوار السياسية خاصة على الصعيد الداخلي العربي في كافة المسارات السياسية والدبلوماسية والاستخباراتية، برز بعضها عبر وسائل الاعلام وأخري في الخفاء خلف الكواليس والهدف من كل هذه الادوار من أجل المحافظة على مكانتها في المنطقة ولتبقى اليد الوحيدة للغرب وللأمريكان في الساحة العربية ولقتل أي دور عربي منافس لكسب الرضى الغربي والأمريكي.
السعودية دولة لها نفوذاً سياسياً واقتصادياً في المنطقة العربية، ويعود ذلك لأنها تعتبر من إحدى شركاء وحلفاء الولايات المتحدة الامريكية، وقد استطاعت أن تحافظ على الولاء للأمريكان ودعم قراراتهم في المنطقة من خلال تمرير سياساتهم على الدول العربية.
  يلاحظ المتابع للأحداث الأخيرة أن السعودية تعتمد في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية على مبادئ خاصة تتمثل في دعم السياسة الأمريكية والإسرائيلية بكل الوسائل لتحقيق أهدافها ومصالحها في المنطقة العربية والإسلامية. فضلاً عن سعيها الدائم من خلال قنواتها الدبلوماسية للقضاء على ثورات الربيع العربي رغم أنها تعلن العكس دائماً.
السعودية أصبحت ملتقى للقتلة والرؤساء العرب الهاربون من العدالة، ويتضح ذلك من خلال قيام السعودية باستضافة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي دمر اليمن و سفك الدماء فيها وأثار الأزمات حيث قامت السعودية بالتدخل وفرضت حلول للأزمة اليمنية ساوت بها بين الضحية والجلاد ، وحتي هذه اللحظة تعاني اليمن أثار التدخل السعودي، بالإضافة لذلك كانت السعودية أول من منح الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي حق اللجوء السياسي بعد هروبه من تونس بل وترفض تسليمه للسلطات التونسية حتى الآن رغم إصرار الأخيرة على ذلك في أكثر من طلب رسمي.
لقد استطاعت السعودية إن تجهض الثورات العربية في مصر وليبيا واليمن وتونس والبحرين منذ بدايتها سواء بالدعم المالي أو الإستخباراتى أو العسكري، في حين سعت السعودية وبمشهد مختلف وبقوة أن تدعم الثورة السورية وارتداء لباس القومية ليس حباً في حرية الشعب السوري على قدر ما هو دعم "لإسرائيل" في إسقاط نظام الأسد الديكتاتوري الذي ترى فيه إسرائيل وأمريكاً تهديداً مباشر لمصالحها في المنطقة لما له من تحالف قوى مع النظام الإيراني وحزب الله في لبنان.
لم تقتصر مساي السعودية العدائية على بلد عربي معين، فمنذ قيام ثورة 25 يناير الثوة الشعبية المصرية التي استطاعت أن تعطي الحرية والأمل للأمة العربية وأن تجد لها نموذج مختلف عن الثورات العربية الأخرى، حيث اتخذت السعودية موقفاً عدائياً منها بل وسعت سعياً حثيثاً بشكل غير مسبوق دبلوماسياً ومارست ضغوطاً إقليمية ودولية لدعم نظام مبارك من أجل الحيلولة دون إنهياره.
ويمكن ذكر وتفسير الأهداف التي دفعت السعودية أن تقابل ثورة 25 يناير المصرية بموقف معادي والتصدي لها والعمل على إفشالها، بل وتمويل الثورة المضادة بقوة خلال الفترة الإنتقالية لإحداث الإنقلات العسكري علي الرئيس محمد مرسي، إن الهدف الأول هو توصيل رسالة هامة خارجية وداخلية، مفادها أن فكرة الثورة في حد ذاتها إنما هي فكرة خاطئة تؤدى إلى الفوضى وخراب المجتمعات وعدم الإستقرار، وحتى لا يحاول الشعب السعودي الإطاحة بأمراءه كما أطاح الشعب المصري بنظام مبارك، ولعل ذلك ما يفسر مسارعة السعودية لإصدار فتوى دينية باطلة تحرم الخروج على الحاكم من خلال قنوات السلطة الحاكمة التي تسطير عليها.
أما الهدف الثاني الذي دفع السعودية إلى ذلك وهو تصميمها على خدمة مصالح الغرب و"إسرائيل" في المنطقة العربية، لأكبر فترة ممكنة، أما ثالث الأهداف ان السعودية لا ترغب في دولة مصرية ديمقراطية ناهضة مستقرة تلغى الدور السعودي بالمنطقة ينفسها كحليف أساسي للغرب في المنطقة العربية بعد انحسار الدور المصري في عهد المخلوع حسني مبارك.
فمصلحة السعودية ان يبقى الشعب المصري راضخاً تحت الفقر والجهل والأنظمة الديكتاتورية المستبدة، حتى لا تقوم لمصر قائمة ولا يؤدي ذلك لتراجع الدور السعودي في المنطقة ويعود دورها إلى وضعه الطبيعي الصغير.

2014-03-23