الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'القبيسيات' و'الفريق الديني الشبابي' و'فقه الأزمة'و'لاتعارض بين النقل والعقل إلا عندما يكون هناك نقص في العقل' أمور استثارت غضبة شعبية سورية

خاص- الوسط اليوم:

  كثرت في الآونة الأخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المواقع الإلكترونية تلك المنشورات والمقالات التي تشير إلى تنظيم (القبيسيات) النسائي الديني، ومن هذه المنشورات ما كتبها باحثون ومختصون بالتيارات الدينية، وجاءت أولى هذه المقالات بعنوان (القبيسيات - الماسونية الحديثة!!) للباحثة الدكتورة ونسة سليمان الأسعد، لتثير سخطاً جماهيرياً تجاه هذا التنظيم المشبوه.. إذ أشارت في المقالة إلى أن القبيسيات جماعة تقول عن نفسها أنها دعوية، بدأت في سورية، ونشطت خارجها، أسستها سيدة تدعى: منيرة القبيسي، ثم انتشرت لتصل بفكرها إلى دول مثل الخليج واليمن، وأوربا، وأميركا، وأستراليا... وأنها جماعة تقتصر على النساء، ولهن معتقدات، وأفكار، وسلوكيات، وتصورات في غاية السرية.. ثم تشير في موضع آخر من المقالة إلى أن الطريقة المتبعة للقبيسيات من خلال طقوسهم، ومن خلال حضراتهم وجلسات الذكر التي عرفوا بها، من خلال بعض ممن حضر في جلساتهن لمعرفتهم المعرفة الدقيقة، إذ وجدتهن شديدي التعلّق بالمربية، والدعية، والآنسة كما يسمونها، وأنها المرجع في معرفة الغيب، والخبايا والأسرار والذنوب!! ثم القيام بدور المحاسب والمطلع في عالم الأسرار وذلك للتمكن من السيطرة على عقول النساء والفتيات المنتسبات، وترويعهن نفسياً وتقييم مكانتهنَّ عند الله! وأنه من خلال الاطلاع تم معرفة أن القبيسيات قد ألغين العقل من رؤوس النساء حتى لا يفكرن إلا بما يملين عليهن، لا بل رحن يعلمن الأطفال في مدارسهن المنتشرة في دمشق على نطاق واسع، والتي تقدر بعض الإحصاءات إلى ما يقارب من أربعين مدرسة تابعة لهذه الجماعة، والبعض الآخر يصل إلى القول: إن الجماعة تشرف على ما يقارب 30% من المدارس الخاصة، إن لم يكن أكثر ولاسيما في المراحل الأولى للطفل بغية القدرة في السيطرة على عقول هذا النشء منذ الصغر! ثم تتساءل في سياق المقالة ما هي القوة التي تتحلى بها القبيسيات في التبشير؟! لتجيب بأن طريقة التبشير، ومحاولة جذب الأعضاء للانضمام لهذه المجموعة، والتأثير عليها سيطرة كاملة لا مجال من التحرر والابتعاد عن هذا الفكر، إنما تأتي على نوعين: يكون موجهاً لشريحة عمرية كبيرة عن طريق التأثير العاطفي على النساء بالمديح، والترغيب من جهة، والترهيب والتخويف والتهديد من جهة أخرى، فتراهم يروّجن لفكرة أنهم الجواهر النادرة وعليهن إخفاؤها وعدم عرضها كسلعة رخيصة فتكون المرأة بمعزل عن المجتمع، وتبقى تحت سلطتهن، وأعينهن، وتارة بترهيبهن من عذاب النار والفضيحة والإثم. وتشير د. ونسة إلى أن الجدير بالاهتمام هو ما تقوم به هذه الجماعات من مراحل لتعذيب الذات إذ أنهن ينظرن للعذاب الجسدي على أنه نوع من التكفير عن الذات، وعن الخطايا، وبالتالي مقايضتها بالرحمة والمغفرة. وأنه مما يثير الانتباه والنظر والتمحيص الكبير أنه لا توجد لهذه المنظمة أي توثيق مكتوب عن الخطط التي سيقمن بها وماهية أعمالهن، أو الثروات التي يدِرنها من خلال منظمتهن، ولا حتى أسماء المنتسبات، أو درجتهن في العمل التنظيمي، حيث تمنع كتابة أو توثيق أية معلومات داخلية عن التنظيم، فكل أعمال القبيسيات، أو نشر الأوامر والخطط لا تتم إلا شفاهاً أو باللقاء المباشر بينهنّ إذ أن المؤسّسة الكبرى لهذه المنظمة لا يستطيع أحد من الوصول إليها، إلا المقربون منها في الدرجة الدينية، وما تقربهن منها إلا لأغراض شخصية بحتة، بمعنى لخدمتها، ورعايتها، أما الآخرون فلا يصلن إليها، وهذا قانون من قوانينهن المبهمة والغامضة وغير المعروف سببها.. وتختتم مقالها بالسؤال: ماذا نقول عن مثل منظمة كهذه تسري بهذا الغموض وهذه السرية، ولماذا كل هذه السرية وهذا الغموض مادامت تأخذ الدين الأساس والقدوة في أفكارها ومسيرتها؟!

وبعد انتشار مقالات تبحث في هذا العمل التنظيمي الديني، وبعد إعلان وزارة الأوقاف السورية عما يسمى الفريق الديني الشبابي، انطلقت الجملة التي تفوّه بها الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف في إحدى جلسات مجلس الشعب حين قدّم خطة عمل وزارته بكلمة كانت  حسب رأي عضو مجلس الشعب الأستاذ نبيل صالح (أقرب إلى محاضرة دينية متنوعة الأفكار منها إلى خطة استراتيجية)، شارحاً فيها مقاصد الشريعة وأهمية الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر، ومتحدثاً عن اللجنة المشتركة التي شكلتها وزارة الأوقاف لتطوير المناهج، مؤكداً أن لا قبيسيات عندنا ولا داعيات وإنما هن مدرسات قرآن كريم مختتماً كلمته (بأن لاتعارض بين النقل والعقل إلا عندما يكون هناك نقص في العقل) هذه الجملة التي انتشرت كالنار في الهشيم في صفحات التواصل الاجتماعي، وأثارت غضباً جماهيرياً؛ إذ اعتمدت على إحدى مقولات ابن تيمية الحرّاني المشهور بفتاواه التي استند إليها الفكر الوهابي التكفيري في الحرب على سورية والعراق وهي تقديم النقل على العقل..

وبناء على هذه الغضبة الجماهيرية التي امتدت أسابيع في وسائل التواصل الاجتماعي، مابين منتقدين كثيرين، ومنافحين قليلين، أصدرت وزارة الأوقاف في سورية بياناً خاصاً، جاء رداً على تلك الحملة التي طرحت حول موضوع القبيسيات والفريق الديني الشبابي، واعتراض الأغلبية من الشعب السوري على هذين التنظيمين الدينيين الخاصّين بطائفة واحدة، وكذلك على الجملة التي تفوّه بها وزير الأوقاف تحت قبّة المجلس. وقد وصف البيان هذه الحملة بــ (حملة افتراءات ممنهجة، ونشر أكاذيب لتضليل الرأي العام وإلهائه بمعارك فارغة)، وقد نشر في موقع الوزارة الإلكتروني بتاريخ 21/أيار/ 2018م.... 5/رمضان/ 1439هــ ...ومضمونه الآتي:

(إن ما يتم طرحه وتداوله مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي حول بعض القضايا الدينية أو المرتبطة بعمل وزارة الأوقاف والذي تحول بمعظمه إلى حملة افتراءات ممنهجة ونشر أكاذيب لتضليل الرأي العام وإلهائه بمعارك فارغة لا جدوى منها، قد تركز بمجمله حول عدة أمور نبين أهمها:

1- القبيسيات: تؤكد وزارة الأوقاف أنه لا وجود لتنظيم اسمه القبيسيات، كما أن هذه التسمية التي كانت تعود لفترة معينة لم تعد موجودة الآن، وإنما توجد حالياً معلمات القرآن الكريم، مهمتهم تحفيظ القرآن وتفسيره، ويعملن فقط في المساجد بناءً على معايير وتراخيص ممنوحة من الوزارة ووفق منهج موحد وفي النور، والآن وفي عام 2018م وبعد وضع ضوابط وامتحانات التفسير الجامع أصبح عدد المعلمات 1200 امرأة فقط وليس كما يشاع من أرقام لا تمت للواقع بصلة مع العلم إنَّ هؤلاء المعلمات لا يتقاضين أي راتب من وزارة الأوقاف وإنما هُن متطوعات ويعملن تحت إشراف الوزارة ، كما أنهنَّ لسن بديلاً عن الاتحاد النسائي ولا علاقة لهنَّ إطلاقاً بهذا المجال، وقد كان لهنَّ دور مشهود وبارز أثناء الحرب على سورية في مواجهة التطرّف والطروحات الطائفية التقسيمية، بل وكان لهن الدور الرائد في الدفاع عّن الدولة ووحدة الوطن.

2- الفريق الديني الشبابي: ليس حزباً ولا تنظيماً وإنما هو إدارة تتبع لوزارة الأوقاف وتضم الأئمة والخطباء في سن الشباب فقط وتعمل على تدريبهم وتأهليهم ليكونوا أكثر قدرة على مواجهة التطرف والأفكار التكفيرية المسمومة، وهذا الفريق تطوعي لا يتقاضى أعضاؤه أي رواتب، وانتسابهم للفريق لا يعفي أحدهم من الخدمة الإلزامية، وعدد أعضائه لا يتجاوز المئتين من كافة المذاهب الإسلامية وبعض رجال الدين المسيحي ومجال عمل هذا الفريق هو تطوير الخطاب الديني حصراً.

3- بخصوص المدارس الشرعية والمنتسبين إليها ومناهجها: تؤكد الوزارة أنها تقوم بخطة رائدة في تطوير المناهج الشرعية وجعلها أكثر حداثة وانفتاحاً وتضمينها للأسس الفكرية والعقائدية لمواجهة التطرف والإرهاب الفكري، وقد تم تغيير العديد من الكتب وإدخال مواد جديدة تكرّس الوحدة الوطنية والانفتاح الفكري وتعتمد أسلوب الحوار وتدحض حجج المتطرفين وأدلتهم وتنشئ الطالب المعتدل صاحب الرؤية الواضحة والمنهج القويم الذي يستطيع أن يجابه بفكره ومعلوماته الوهابية والإخوان المجرمين، وللعلم فإن عدد المتقدمين للشهادة الإعدادية الشرعية في عام 2018 كان 3687، وفي عام 2009 كان 4849 على خلاف الأرقام التي يتم تداولها دون تدقيق أو دراية بالحقيقة، وأما عدد المساجد فهو 9500 وليس 25000 وتشمل الجوامع الأثرية والجديدة.

إن التهجم على الدين والمقدسات والاستهزاء بها والتجريح بالسمعة والكرامات الشخصية وتناول الأفراد بالقدح أو الذم هو فعل مخالف للدستور ويعاقب عليه القانون إضافةً لكونه تحريضاً على الفتنة وتخريباً للمجتمع وخروجا عن أصالة المجتمع السوري وأعرافه وأخلاقه.

إن وزارة الأوقاف إذ تهيب بالجميع أن يعتمدوا على الأرقام والوقائع والحقائق لا أن ينساقوا وراء حملات مضللة، ولا تفيد على الإطلاق إلا المتطرفين والتكفيريين الذين يحاربهم الجيش العربي السوري منذ ٧ سنوات ونيف، وأما الكلام الحالي المتداول بهذه المواضيع تحت مسمى الدفاع عن الوطن والحرص عليه فهو لَا يصب إلا بما يفتت الوطن ويقسمه ولا يحترم شهداءه وتضحيات جنوده وجرحاه.

إن وزارة الأوقاف تذكر الجميع أن سياساتها جزء لا يتجزأ من سياسات الدولة السورية ومنبثقة عنها ومتماهية معها وبالتالي من غير المنطقي ولا العقلاني أن الدولة التي وقفت بمؤسساتها المختلفة ضد الإرهاب والتطرف يمكن أن تتبنى سياسيتين متناقضتين واحدة تحارب الإرهاب والتطرف، وأخرى تدعو إليهما!!

وتهيب الوزارة بكل من ينقل أو يكتب أن يتوخى الدقة والحذر ويتسم بالأخلاق في كتاباته وذلك حرصاً على مصداقية ومستوى المنبر الذي يُنشر فيه أي موضوع مثل هذه المواضيع.

وتؤكد وزارة الأوقاف نهايةً أنها ماضية في عملها في مجابهة التطرف والتكفير من خلال الاعتدال والوسطية وتقديم الإسلام للناس بصورته الحقيقية كما أنزله الله دون كلل أو ملل، ودون النظر إلى هذه الحملات أو غيرها المشوِّهة لجوهر سياسة الدولة السورية على أكثر من صعيد).

 

  وبعد هذا الرد من وزارة الأوقاف انطلقت حملة الانتقادات في موقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى؛ لتتناول البيان مفنّدة إياه حسب البنود التي وردت فيه، وأغلب هذه الانتقادات جاءت رداً على الرد الذي وُصف بأنه إهانة للشعب السوري ولدم الشهداء الذي أريق في الحرب على سورية.

وحول الحملة التي أقيمت ضد البيان المذكور كان لنا وقفة مع مجموعة من الكتّاب والمثقفين ورجال الدين والباحثين والإعلاميين، لمعرفة موقفهم من البيان وضمنه رأيهم بالتنظيمين الدينيين، وكان أول لقاء مع الشيخ موفق غزال الذي أكد أننا نرفض التطرف الديني مطلقا أياً كان صاحبه، فنحن من دعاة فصل الدين عن الدولة وقد يستغرب هذا لأني رجل دين، وإذ ننتقد عمل وزارة الأوقاف ودور العاملين فيها وخريجي معاهدها وجامعاتها الدينية، لأنهم هم الذين قادوا الحراك التخريبي في سورية باسم ثورة، لذا نحن مع تعليم الدين الإسلامي الحنيف جنباً إلى جنب مع تعاليم السيد المسيح، ضمن كتاب واحد اسمه الأخلاق... ويؤكد الشيخ غزال أن وزارة الأوقاف ذات لون واحد وهذا مخالف للدستور والقانون، متسائلاً: هل بالإمكان إعطائي نسبة غير إخوتنا السنّة في وزارة الأوقاف شرط استثناء المهندسين الذين يفرزون إليها؟! وفي حادثة خاصة جرت معه يشير إلى أنه حين حاول الانتقال لوزارة الأوقاف في عام 1993 رُفض طلبه بحجة أنه معين على قانون غير قانون وزارة الأوقاف، مشيراً إلى أن الحقيقة تكمن في أن رفضه بسبب اختلاف مذهبه عن مذهب وزير الأوقاف، وأن هذا ما أخبره به أحدُهم طالباً منه عدم المتابعة وعدم إخبار أحد بذلك!

أما رده على بيان وزارة الأوقاف فيقول الشيخ موفق: لنبدأ بتحليل البيان فقرة فقرة: أولاً القبيسيات موجودات منذ خمسين عاماً، وهن تلميذات الشيخ كفتارو وكنّ معتكفات عن الزواج حتى تولاهم  الشيخ البوطي رحمه الله وقال لهم (لا رهبانية في الإسلام) فأصبح زواجهن بيد منيرة القبيسية، ولا يتزوجن إلا من علية القوم أو أصحاب المناصب العليا وبموافقة منيرة نفسها.

ثانياً: الداعيات ليس عددهن 1200 كما جاء في البيان؛ لأن وزير الأوقاف تباهى في أحد اللقاءات التلفزيونية بأنهن بلغن خمساً وسبعين ألفاً، وقد صنّفهن من الدعاة وهنّ جميعاً من لون واحد.. مشيراً إلى أن الداعيات غير القبيسيات.

ثالثاً: أما الفريق الديني الشبابي فلا ندري ما هي الحاجة له في هذه الأيام بوجود هذا الكم الهائل من الدعاة والداعيات إلا إذا أريد به غطاء لهم لأن نصفه من لون، والنصف الآخر من باقي الألوان .

أما المدارس الشرعية فيؤكد أنها من لون واحد بعد أن أغلقت وزارة الأوقاف المدارس الشرعية الجعفرية كافة، كما أن المناهج التعليمية منذ الابتدائية حتى الجامعية وخاصة في المدارس الشرعية مشبعة بفكر ابن تيمية.وأن كتاب فقه الأزمة ألّف برعاية وإشراف وزير الأوقاف وهو مشبع بسموم الوهابية وفكر ابن تيمية. مشيراً إلى أن وزارة الأوقاف وزارة بلون واحد ولا يتجاوز العاملون فيها من باقي الألوان السورية نسبة 5%. ويختتم بالقول: إن التهديد المبطن عبر البيان لا يخيفنا، ولن نسكت عن كشف التطرف والأحادية الدينية في هذه الوزارة وغيرها، ولن نسمح بأخونة الدولة. إن سورية دولة علمانية، ولكل مواطن حق ممارسة شعائره الدينية وفق رؤيته شرط ألا يمس بأمن الدولة.

 

   فيما أكد الإعلامي والباحث صالح العاقل في لقائنا معه على ضـرورة الاستمـرار في هذه الحملة الوطنيّة الشعبيّة التنـويـريّة ضدّ الفكر الظلامي "النقلي" المتخلّف والإقصائي...وتصعيدهـا إلى أقصى مدى، لـلضغـط مـن أجـل تفكيك هـذه الـوزارة، التي تبـدو وكـأنهـا الحكومـة كلّهـا.حسب رأيه.

ولفت هنا إلى وجود كذبة واحدة في بيان الوزارة ــ وهي كذبة ضخمة، لا يمكن ابتـلاعهـا ــ تتعلّق بأعداد "داعيات وزارة الأوقـاف"، كما قـدّمهـا الـوزيـر نفسـه، في إحدى جلسـات مجلـس الشعـب، وهي أعـداد تتنـاقض مـع بيان الوزارة حـول "الحملة الـوطنيّة الشعبيّة التنـويرية" ضدهـا..

وعن "القبيسيات" يشير الإعلامي والباحث العاقل إلى أن هذا التنظيم تنظيـم دينيٌّ طـائفيٌّ محـضٌ (دَعـويٌّ، مـرحليّـاً)، يختصّ بــ"أهـل السّنّـة والجمـاعـة" دون سـواهـم، ويتخفّى بــ"الاعتـدال"، وهـو نسخـة مـن التنظيمـات التي "أسلمـت المجتمـع" ــ في ظـلّ النهـج الـليبـراليّ، الـذي أفقـر شعبنـا وسحـب "الـدّولـة" مـن حيـاة مـواطنيهـا ــ وخـرّجـتْ عشـرات آلاف مـن الهمـج والـزّومبي شكّلـوا جيـوشَ "الثـورة السـوريّـة ضدّ بشـار الأسـد"، والتي كـانـت تعليمـات القيـادة القطـريّـة تعمّـم، رسميّـاً على فـروع حـزب البعـث أنْ اتـركـوا تـلـك التنظيمـات وشـأنهـا، فهي لا تشكـل خطـراً على السّلْطـة(!). ويؤكد العاقل بأن هـذا التنظيـم النسـويّ يقابله تنظيـم آخـر مثلـه، تمـامـاً، دَعـويٌّ طـائفيٌّ محـضٌ، يختصّ بــ"أهـل السنّـة والجمـاعـة" دون سـواهـم، ويتخفّى بــ"الاعتـدال"، ولا يقـل خطـورةً عنـه، مختصٌّ بــ"الشبـاب" هـو "تنظيـم "الفـريـق الـدّيني الشبـابي"، الـذي أجـرى "انتخـابـات عـامـة على مستـوى البـلاد"، وشكـل "مجلسـاً مـركـزيّـاً لـه".

ويشير إلى أن هناك رجـال دولـة حـاليين وسـابقـين يحـاججـون بـأنّ الحـلَّ هـو في "حمـايـة ظـاهـرة القبيسيّـات..وتحصينهـا"، متعـاميـنَ عـن أنّ مجـرّد وجـود هـذه التنظيمـات الـدينيّـة هـو مخـالفـة دستـوريّـة جسيمـة..فمـا بـالنـا بـدعمهـا وتـرويجهـا في الإعـلام؟ مطالباً بـ"حمـايـة المجتمـع والـدولـة" مـن هـذا التنظيـم الـدّيني الطائفيّ المتخفّي بـالاعتـدال ــ وأشبـاهـه ــ، الدولة السورية التي يقـاتـلُ جيشهـا، منـذ أكثـر مـن سبـع سنـوات، جيـوشَ الإسـلام السيـاسيّ الفـاشيّ التكفيـريّ (الـذي كـانَ متخفّيـاً بـالاعتـدال).

مؤكداً بأن الحـلّ العـاجـل بيـد السّيـد رئـيـس الجمهـوريّـة/الحـامي الأول لـلـدستـور..وأن الحـلّ طـويـل الأجـل هـو بيـد الغـالبيّـة العظمى مـن شعبنـا، التي اكتـوتْ بنـارِ الإسـلام السيـاسيّ الفـاشيّ التكفيـريّ وتنظيمـاتـه الإجـراميّـة، غير مـرّة، وآخـرُهـا هـذه الحـرب المستمـرّة منـذ أكثـرَ مـن سبـعِ سنـوات.

أما عن تنظيـمِ مـا يسمى الفـريـق الشبـابي، فيتساءل الباحث العاقل: مـا ضخـامـةُ هـذا "التنظيـم" الـذي انتخـب، في انتخـابـات عـامّـة، "أعضاءَ المجلـس المـركـزيّ" لمـا يسمّى "الفـريـقِ الـدّينيّ الشبـابيّ" هـؤلاء؟ ومـن منـحَ هـذا "التنظيـم" التـرخيـص الحكـوميّ لـلنشـاط وإجـراء الانتخابات في عمـومِ سورية؟ ومـا هـو "الفكـرُ" الـذي يـرتكـزُ عليـهِ؟ مـا أهـدافُ هـذا "التنظيـم"؟ ومـا طبيعـةُ عمـلِ منتسبيـه وقيـادتـه مـن "الشيـوخ" و"الآنسـات"؟ وطـالمـا أنّ في الجمهـوريّـة العـربيّـة السـوريّـة ديانتـن معتـرف بهمـا..لماذا ليـس بيـن أعضـاء المجلس المركـزيّ لهذا "التنظيـم" شبـابٌ وصبـايـا مسيحيّون ومسيحيّـات، كـوْنَـه "فـريقـاً دينيّـاً"؟!

وقد اختتم حديثه بالقول: إن مـن يمضي بـالبلد بعكـس انتصـارات جيشنـا العظيـم وضدّ المصالح العليـا لوطننـا وشعبنـا، بـالتـواطـؤ مـع القوى الرجعيّـة والاستمـرار في سيـاسـات الفسـاد وإفقـار الشّعـب، سـوف يـدفـع الثمـن، عـاجـلاً أو آجـلاً.

 

   أما الكاتب والباحث يحيى زيدو فيشير إلى أن بيان وزارة الأوقاف كان بياناً غير موفق، ومع تحفظه على لغة البيان، يؤكد أن البيان يناقض نفسه. فهو يتهم الذين يتحدثون عن القبيسيات بوصفهم يطلقون افتراءات، في الوقت الذي يثبت فيه رعاية وزارة الأوقاف لهذا التنظيم الذي لم تتغير وظيفته المعلنة، بل استمر في ممارسة الأنشطة الهادفة إلى خلق الإنسان المنتمي إلى هويته الدينية أولاً قبل أن يكون منتمياً إلى هويته الوطنية. مؤكداً أن خطورة تنظيم القبيسيات ليس في ممارسة الطقوس الدينية، فالتدين حق لكل إنسان، وحرية المعتقد مقدسة وهي مصونة في الدستور، لكن الخطورة تكمن في التفكير الديني الذي يتم تكوين أجيال على أساسه، هذا الفكر الديني كان دائماً رافداً للتنظيمات الإرهابية بأجيال من الشباب الإسلامي المؤدلج الذي تم زجّه في أتون هذه التنظيمات الإرهابية نتيجة جهل ناجم عن خلفية دينية مشوهة جعلته صيداً سهلاً لهذه التنظيمات. وهنا لا بد من التفريق بين الدين كمنظومة تمثل الجانب المقدس، وبين الفكر الديني الذي أنتجه البشر على هامش فعاليتهم الدينية لخدمة أغراض ليس لها علاقة بالمقدس. فالله لا يخلق إرهابياً. بل الفكر الديني هو الذي يحوّل هذا المؤمن إلى إرهابي.. من دون أن ننسى أن هناك اتجاهات دينية ترفض العنف باسم الدين أو غير الدين.

وقد أشار إلى أن خطورة تنظيم القبيسيات تكمن أيضاً في أن أعضاءه هن النساء. وبالتالي فإن تأثيرهن ونشاطهن موجّه نحو فئتين هما: النساء والأطفال. ولأنهن نساء فإن إمكانية متابعتهن تغدو مهمة صعبة.

أما الفريق الديني الشبابي فيشير الباحث زيدو إلى أنه أكثر من مديرية، بل لعله يكاد يكون تنظيماً شبابيا إسلامياً، وإذا كان يحوي بين أعضائه شباباً من طوائف أخرى، فهذا نوع من الديكور ليس أكثر.

وقد أكد أن كثيراً من السوريين ليسوا مقتنعين بفكرة أن هذا الفريق، وكذلك القبيسيات، يعملون بشكل تطوعي لأن المنطق لا يستطيع أن يتقبل ذلك، فالساعات الطويلة، والجهود الكثيفة التي يقوم بها هذا الفريق وكذلك القبيسيات يحتاج إلى تمويل، وكثير من هؤلاء ليسوا قادرين على تمويل هذه الأنشطة، هذا فضلاً عن التسهيلات التي يتم تقديمها لهم ولهنّ من قبل وزارة الأوقاف، وهي تسهيلات ليست لوجستية فقط بل ربما كانت مادية أيضاً.

وقد طالب الباحث زيدو بأن يقوم هذا الفريق الديني بتشكيل لجان، أو إقامة ندوات ولو كانت برعاية وزارة الأوقاف؛ لتنقية كتب التراث مما علق بها من خرافات وأكاذيب تم نسبها إلى الدين.. وبمثل هذا النشاط يمكن لهذا الفريق أن يكون مشروعاً وطنياً ينضم إليه حتى غير المتدينين من موقع الانتماء للوطن.

مشيراً إلى أن ليست الغاية هي خوض معارك فارغة أو عداوات في المجتمع، بل على العكس فإن المطلوب في هذه المرحلة هو تضافر الجهود لتحصين الوطن من أزمات لاحقة قد تكون أخطر من الأزمة الحالية. فالحوار بين السوريين مطلوب، ليس على المستوى السياسي فقط، بل وأيضاً على المستوى المجتمعي.. لأن الوطن لجميع أبنائه، ولا يجوز على الإطلاق إقصاء أي عنصر من مكونات المجتمع السوري سواء اختلفنا معه دينياً أو سياسياً أو مجتمعياً، ومن غير المقبول أن يتغوّل تنظيم أو فئة أو مذهب سياسي أو اجتماعي أو ديني على باقي الفئات. مؤكداً أن على الجميع أن يعترف بالجميع، ويحترم حق الاختلاف، وينبذ ذهنية التخوين..

ويختتم بالقول: كلنا سوريون. وقد تكون لنا مقاربات مختلفة لأزماتنا، وهذا الاختلاف في تناول المشكلات لا يجب أن يحوّلنا إلى أعداء، بل يجب أن يدفعنا إلى الحوار والتفاعل بحثاً عن الحلول في إطار الانتماء المقدس للوطن.

 

   فيما يشير الباحث والشاعر خالد عيسى إلى أن الإسلام السياسي كما يبدو مرتاح هذه الأيام  والرقابة المجتمعية غافلة عنه، وعلى الرغم من أن دستور الدولة يمنع قيام تنظيمات دينية وطائفية إلا أن وزارة الأوقاف قد تغولت وزارتين هما التربية والثقافة، وتم تأسيس مجلس مركزي للشباب الديني، وتم ترخيص عمل القبيسيات. والرقم الذي تتحدث عنه الوزارة رقم متواضع، وفي المحصلة نحن أمام تنظيمين وهابيين على عينك يا تاجر، ولن تفيد عمليات تجميل هذين التنظيمين مادامت المرجعية هي ابن تيمية الأب الروحي للوهابية. وقد نتساءل: هل نشهد حروباً  يقوم بها الشباب الديني والقبيسيات يُقتل فيها أبناء شهداء اليوم؟ مؤكداً أن الخطر بات كبيراً من قبل وزارة الأوقاف، ولابد من جهد مجتمعي سواء من قبل التجمعات العلمانية أو الأحزاب الوطنية للتصدي لهذا الخطر  القادم، وإلا فالكارثة  الوهابية قادمة ولكن بثوب جديد.

 

  ويتساءل غسان الدهبي (فنان سوري) جواباً على سؤال الاستطلاع: وماذا عن مقاطع الفيديو المصورة؟ .ولماذا الداعيات؟! مشيراً إلى أن هذه التسمية تغلغلت قبل بداية الحرب على سورية في الكثير من الأسر السورية والعائلات المحافظة في مدينة حلب وغيرها. والسيدات المتطوعات لسنا بحاجة إليهن مادام هناك مدرسات ومدرسون للمناهج الدينية بإشراف وزارة التعليم، وفي الوقت نفسه ماهو الضامن في ألا يتسلل إلينا الكثير من الجهلة ليفرضوا علينا آراءهم في المفهوم الديني، خاصة وأن توجههم سيتم في المكان الخصب ضمن المناطق التي تسودها العشوائيات والفقر والخراب، ولايعرف سكانها ماهي الثقافة بمفهومها العام، وليس لديهم مكتبة ولا مسرح ولا مركز ثقافي، وستكون حلقات الدروس تلك هي المكان الخصب لتلك الأفكار وستكون المتنفس الوحيد لأبناء تلك المناطق. ومع الأيام سيزداد التطرف في المفهوم الديني. متسائلاً: من قال إن الدروس الدينية لاتصلح إلا في الجوامع وعلى الأرض؟! لماذا لاتكون هذه الدروس ضمن المدارس، ومن خلال رؤية شاملة لكل المناهج التعليمية، بما فيها الرسم والموسيقا المحرمة لديهم؟! وبهذا نستثمر فصل الصيف في نشر معرفة كاملة ببن أبناء أولادنا.. مختتماً بالقول: أخشى أننا سنرحل عن هذه الدنيا  ونترك لهيب النار يشتعل بسرعة بين أبنائنا وأحفادنا بعد ربع قرن أو أكثر ..فهل سينفع عندئذ بيان وزارة الأوقاف هذا؟! مازلنا لانتعلم من أخطائنا مع الأسف، ولسنا أصحاب قرار، نحن أصحاب رأي في وقت لم يعد له مكان بيننا!.

 

   هذا وقد أبدى الدكتور علي مخلوف (طبيب أسنان) ملاحظات عديدة على البيان متناولاً بداية "القبيسيات" بالقول: تقولون في بيانكم إنه ( لا وجود لتنظيم اسمه القبيسيات كما أن هذه التسمية التي كانت تعود لفترة معينة لم تعد موجودة الآن، وإنما توجد حالياً معلمات القرآن الكريم..) أليس هذا اعتراف رسمي منكم أن هناك في سورية يوجد تنظيم اسمه القبيسيات وتغير اليوم فقط اسمه وأصبح معلمات القران الكريم؟! أي لا يوجد افتراء عليكم هنا..

وحول عدد الداعيات يشير إلى أن هناك تصريحاً منسوباً للسيد وزير الأوقاف في جلسة مجلس الشعب بتاريخ 20 شباط 2017 ونشر على صفحة عضو مجلس الشعب نبيل صالح .. يقول فيه إن عدد الداعيات في سورية أصبح عدداً هائلاً وفي كل المحافظات، وقال إن العدد وصل إلى 75000 خمس وسبعين ألف داعية... ليتحول اليوم الرقم إلى 1200 داعية فقط ألف ومئتي داعية في بيانكم...ويتساءل: بما أن الداعيات يعملن مجاناً وتطوعاً، أي بدون أجر...إذاً كيف يعشن ويتدبرن أمورهن المعيشية اليومية؟!

أما عن الفريق الديني الشبابي فيتساءل أيضاً: إذا كانوا شباباً وكما تصفونهم فيفترض أنهم اليوم في الخدمة الإلزامية أو احتياط في الجيش يقاتلون في صفوف الجيش العربي السوري، فمعروف أن التكليف بالاحتياط حسب وزارة الدفاع يصل في بعض الأحيان حتى مواليد 1973 بهذا المعنى يفترض أنهم جميعاً اليوم على جبهات القتال....

أما موضوع أنهم أيضاً تطوعيون وبدون رواتب فلا شك أن هذا الكلام حوله أكثر من إشارة استفهام وإشارة تعجب أيضاً ...وليست في صالح هؤلاء الشباب ( مقابل ماذا كل هذه التضحية بالوقت والجهد والمال؟!)

وحول المدارس الشرعية وعدد الجوامع يؤكد أن سيادة المفتي أحمد بدر الدين حسون وفي لقاء مع الإعلامي غسان بن جدو على قناة الميادين قال وبالحرف: ( في عام 1970 كان في سورية سبعة آلاف مسجد ووصل في عام 2010 إلى أكثر من 27000 مسجد ..يعني (والكلام ما زال للمفتي ) منذ هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم إلى عام 1970 عدد مساجد سورية 7000 بينما منذ عام 1970 إلى عام 2010 أي خلال 40 عاماً تجاوز العدد  25000 مسجد، هذا بالنسبة للمؤسسة الدينية.

وبالنسبة للمدارس الشرعية التي تُدرّس العلوم الدينية كانت في عام 1970 ثلاث مدارس فقط بينما وصل عددها في 2010 إلى 110 مدارس شرعية 20 منها للإناث فقط). هذا الكلام ليس كلامي بل كلام سيادة المفتي.

وعن اللغة التهديدية في البيان فيخاطب الوزارة بالقول: بالرغم من اللغة التهديدية المبطّنة في هذا الكلام، فأنا أوافقكم الرأي تماماً إن التهجم على أي دين هو جريمة ولا يجوز إطلاقاً و الاستهزاء به أو التجريح أو الذم والقدح ..وأنا ضد أي شخص يقوم بذلك، وهو فعلاً يخرّب النسيج السوري الاجتماعي، لكن بالمقابل أليس تخريباً للنسيج السوري وجريمة بحق الشهداء والجرحى الذين تدعون حرصكم عليهم؟! أليس من الجريمة صرف المليارات على الجوامع والادعاء بالعجز عن تكاليف فحص الحمض النووي DNA للأجساد التي فجّرها هذا الإرهاب؟! ذلك الفحص البسيط فقط ليتعرف ذوو الشهداء على أجساد شهدائهم! أليس من الوحدة الوطنية أن يصرف جزء من هذه المليارات على ذوي الشهداء وعلى الجرحى...حتى يشعر هؤلاء أنهم فعلاً دافعوا عن وطن هو للجميع؟!

أما عن قول البيان في نهايته بأن وزارة الأوقاف ماضية في عملها في مجابهة التطرف والتكفير من خلال الاعتدال والوسطية وتقديم الإسلام للناس بصورته الحقيقية كما أنزله الله دون كلل أو ملل، فيتساءل د. مخلوف: هل الوسطية والاعتدال تجعلكم حتى الآن لا ترفضون فتاوى ابن تيمية التي طالبناكم مراراً بأخذ موقف واضح منها والتبرؤ منها؟! أليست تلك الفتاوى تدميريّة للمجتمع السوري؟! أليست جريمة بحق كل سوري؟! بالرغم من كل الدماء التي أريقت لم نسمع أي رد أو أي تبرؤ منها أو إنكارها وما زلتم عندما تذكرون اسم ابن تيميه تصفونه بشيخ الإسلام...أليس موقفكم هذا فيه الكثير من إشارات الاستفهام؟! هل تريدوننا أن نذكركم بنص تلك الفتاوى والتي أربأ بنفسي عن نشرها وأنتم تعرفونها جيداً، ولكن لكي تعرفوا من يريد تفتيت الوحدة الوطنية في سورية؟!....

ويختتم قائلاً: يجب أن تعلموا ويعلم الجميع أن سورية لا يمكن أن تتطور وتنطلق لا بالجوامع ولا بالداعيات ولا بالشباب الديني...ولا يمكن محاربة الإرهاب أو محاربة التطرف إلا بشيء واحد فقط هو تبني المشروع الوطني السوري العابر للطوائف والعابر للأحزاب...المشروع الوطني السوري الذي يكون فيه المواطن السوري هو المرجعية، وليأخذ كل حجمه الطبيعي، المشروع الوطني السوري الذي سيعيد إنتاج الوعي عند السوريين من جديد...وإلا فلا قيامة لنا بعد الآن.

 

    فيما كان رأي الدكتور الياس حلياني ببيان وزارة الأوقاف رأياً يخاطب فيه الوزارة مباشرة، قائلاً: مع احترامنا الكبير لمقامكم، نصدقكم عندما قلتم ليس هناك قبيسيات في سورية،كما نصدق حزب البعث عندما يقول لا وجود لإخوان مسلمين داخل قياداته. وكما صرحتم هم معلمات تحفيظ وتفسير القرآن، وبما أن القرآن هو من صلب الديانة الإسلامية نسأل ما مبرر دروس الديانة الإسلامية في المدارس إذا كانت معلمات وزارة الأوقاف يقمن بالواجب؟! والعكس الصحيح فإن وجود دروس دينية ومدربين ينفي الحاجة إلى وجود معلمات ما دامت وزارة الأوقاف تقوم بالواجب. ويتساءل: ماذا لو فكر الأخوة الشيعة في (تجييش) معلمات لكي يدرّسن ويحفظن القرآن وفق تفسيرهن؟! أو الأخوة الموحدون، أو الأخوة الإسماعيليون، أو أو...إن الجميع يحق له مثل سيادتكم أن يكون لديه معلمات يشرحن ويفسرن كما يرين ذلك مناسباً.

 ثم يشير إلى ما أكده بيان الوزارة في أن الفريق الشبابي الإسلامي  ليس حزباً ولا تنظيماً بل إدارة تابعة لوزارة الأوقاف، ساخراً بقوله: كلام جميل جداً، وماذا لو فكرت الأديان والطوائف الأخرى بتشكيل مثل هذا الفريق، كل طائفة على حدة؟!...

 

  أما الباحث في التاريخ الإسلامي، والإعلامي وضاح محيي الدين فيقول إن ماجاء عبر بيان وزارة الأوقاف السورية مؤخراً حول دور القبيسيات والمدارس الشرعية وطلبتها وحيثيات ماتناقله السوريون حول امتيازاتهم ودورهم في المجتمع السوري في قادم الأيام، فأخال ومن مشاهداتي ومعرفتي خلال أربعين عاماً أن المؤسسة الوقفية المسؤولة عن المؤسسة الدينية السورية عاجزة عن أي تطور قادم. مؤكداً أن ما أفرزته الحرب في سورية دليل واضح، فمعظم السلفيين السوريين كانوا بيننا نسيجاً معاشاً يومياً، ولم نشعر بهم!

مؤكداً أنهم خريجو منابر جوامعنا ومدارس الشريعة الدينية التي هي تحت إشراف وزارة الأوقاف في دولة يحكمها حزب قومي علماني، والمثير للتساؤل: أكان للمدارس الشرعية الدينية مايوازيها من مدارس شرعية خاصة تؤتمر برجال دين لهم مكانة كبيرة في أوساطنا، وكانت تأخذ معونات من دول الخليج ومن التجار والصناعيين والخزينة السورية؟

كما يتساءل: كم خرجت مراكز تحفيظ القران منذ عام 1983 وحتى الآن؟! ولاننسى أن الداعيات والدعاة في المدن والأرياف كانوا جميعهم تحت رعاية ومراقبة وزارة الاوقاف!

مؤكداً أنه لابد من هيكلة عمل الوزارة والانتباه للمناهج الشرعية، وعودة الوسطية في الفقه الديني، ومنع أي استثناءات لرجال الدين، طلبة ومناصب، حتى لايتحول الهدف النبيل إلى هدف وصولي، وأن تكون نسبة الانتساب لهذه المدارس مدروسة بشكل جيد، وأن تكون في المناهج الدينية مناهج تربوية ولغات أجنبية وأدب وفن وأصناف العلوم الراقية كلها.

مختتماً بأن الإسلام دين علم وحياة، ودين تطور، لم يُحصر بالفقه والحديث والنص (وعلم الإنسان مالم يعلم) صدق الله تعالى. واطلبوا العلم ولو في الصين، ولم يحدد النبي الكريم نوع العلم. إن هناك تجارب مهمة للتدريس الشرعي عبر تاريخنا العريق خرجت أطباء ومهندسين ومؤرخين وعلماء فيزياء وغيرهم، وقد درسوا في مدارس شرعية حتماً لها خصوصياتها الفقهية، ولكنهم تخصصوا ببقية علوم المعرفة والرقي العلمي, وأخيراً لابد من منهجية جديدة للتعليم الديني ومناهجه في سورية.

 

  وعن البيان يؤكد الأستاذ محمد سميّة (رئيس مركز ثقافي في مديرية ثقافة حلب) أن هذا البيان وقائي ومرحلي، وعلى الجهات المختصة في وزارة الأوقاف التنبه واليقظة والحذر، فالحليفان (العثماني الإخواني والخليجي الممول) يبحثان عن نافذة للدخول بعد الهزيمة المدوية لأدواتهم المتأسلمة ..والخشية مما "وراء الأكمة". أما موضوع ما تعج به صفحات التواصل الاجتماعي بما اشتهر بالقبيسيات فهو موضوع جدلي يستحق التأمل وإعادة النظر بما تقوم به الداعيات من تحفيظ و تفسير حسب البيان الوزاري. وحبذا لو اكتفينا بالمدارس الشرعية المنتشرة على أوسع نطاق في جميع المحافظات والأرياف، متسائلاً: هل ترغب وزارة الأوقاف باستبدال علماء الدين الذكور بالداعيات (القبيسيات) ؟!

أما ما سمي بالفريق الشبابي، فيشير إلى أنه هو "بالون" ملون لا وزن ولا قيمة له"، مؤكداً أنه "نريد العنب و لا حاجة لنا بمقارعة الناطور" وما يهمنا أن يكون الخطاب الديني خطاباً توعوياً يليق بالشباب وبالمجتمع الموجّه إليه، ولا ضير إن كان الخطيب أو المحدث شيخاً أو شاباً..فما يهمنا هو دينامية وشبابية الخطاب لا الخطيب.

 

  فيما أشار الكاتب نادر الأعمى إلى أنه يوجد قاعدة شرعية تقول باتقاء المفاسد، وهناك مثل شعبي يقول (يلي حارقو الحليب بينفخ اللبن) نحن لانثق بأية منظمة دينية تنتمي لأية طائفة. ليؤكد أن هناك المرسوم رقم ١٠٠ لعام ٢٠١١ في الفقرة الخامسة وتقول: يمنع قيام الأحزاب والمنظمات الدينية والطائفية، وأن هاتين المنظمتين لم تحصلا على أي ترخيص يخولها ممارسة  نشاطها ولاسيما أنهما منظمتان سريتان، وقد انشق قسم كبير من القبيسيات وخرجن بمظاهرات تحرض على قتل السوريين وتدمير البلد، مشيراً إلى أنه ضحينا بأغلى مانملك في سبيل حماية سورية.

أما عن رأيه بالتنظيمين فيؤكد أنهما تنظيمان سريان يعتبران فرعاً من فروع الإخوان المسلمين ويهدفان في جوهرهما إلى قيام دولة إسلامية، وهذا مانرفضه كعلمانيين نريد أن يكون جميع المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن أي انتماء ديني أو طائفي أو مذهبي.

 

  ويعتقد السيد نذير الحسن (الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش) أن البيان التفاف لامتصاص  غضبة  الشعب، إذ لايمكن أن نثق بوزير مازال يروّج لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان الراعي النظري والعقائدي للوهابية. كما أن الفريق الشبابي الديني هو إسلامي وليس من الشباب  الواعي  المنفتح  الديمقراطي. ويتساءل: لم لايكون هناك فريق شبابي يهتم بمساعدة الطلاب المعوزين مادياً؟ ولماذا لايكون هناك فرص  عمل  وتشجيع عودة من هاجر من الكفاءات؟!

فيما يؤكد د. سلمان محمد (طبيب اختصاصي جراحة عظام ومفاصل) أن في بيان وزارة الأوقاف ما يشبه التهديد والوعيد, وأن فيه تجنّياً على الناس واستهتاراً بعقولهم وفهمهم .وبدا الأمر وكأنّ على الشعب السوري الاعتذار من وزارة الأوقاف. ثم إنه ليس من المعقول إن انتقدنا وزارة الأوقاف وخطواتها المشبوهة في تسويق "شيخ الفتنة" ابن تيمية من خلال كتابها المثير للريبة "فقه الأزمة" وكذلك في تشكيل فرق وتيارات دينية بين الشباب والنساء بحجة مكافحة الإرهاب نتهم بأننا نمسّ بالمقدسات الإسلامية, ليس كل ماتقوم به وزارة الأوقاف "مقدساً إسلامياً", وأخشى بالفعل أن تصبح هذه التهمة "المسّ بالمقدسات الإسلامية" كتهمة "خدش الشعور القومي ووهن نفسية الأمة" .

ويتساءل: الآن تريد وزارة الأوقاف محاربة الفكر الوهابي التكفيري؟! أين كانت من كل هذا التطرف الوهابي التكفيري الذي اجتاح سورية والذي خرج من مساجدها بزعامة أئمة هي من تعينهم وتشرف عليهم، وهم معروفون للجميع بوهابيتهم وتطرفهم وتحريضهم على الفتنة؟! أين كانت من كتب الوهابية التي تدرس في جامعة دمشق والمنتشرة في كل الجوامع والمكتبات منذ عقود طويلة؟! كم جريح عولج على نفقة وزارة الأوقاف؟ وماذا قدمت من مشاريع لأبناء الشهداء, وهي من أغنى الوزارات في الدولة وصناديق الزكاة والهبات والأوقاف فيها معفية من الضرائب والرسوم وكل شيء؟! .

  هذا وقد تناولت وسائل الاتصال منشوراً لحفيدة مفتي سورية السابق أسماء كفتارو تطالب فيه بإلغاء وزارة الأوقاف وضم شؤون وقف مال الشام إلى وزارة المالية خارج سلطة رجال الدين. وتفصل موقفها السياسي عن موقف زوجها المعارض محمد حبش.. وتهاجم القبيسيات المسيطرات على العمل الديني في سورية. قائلة "الآن أفهم لماذا وضع جدي يده في يد حافظ الأسد"

 

2018-05-25