الأربعاء 22/10/1445 هـ الموافق 01/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ذكرى أسطورة من أساطير الثورة الفلسطينية الشهيد كمال مدحت/بقلم سامي إبراهيم فودة

   كم هو صعب وقاسي على المرء فينا أن يفارق أعز الناس على قلبه ويستسلم لقضاء الله وقدره رغم الحسرة والحزن في نفسه .. وكم هو صعب على المرء فينا أن يقبل لذاته بأن يتجرع مذاق مرارة العلقم في فمه رغم أنفة .. وكم هو صعب على المرء فينا أن يتقبل شكل وجه الحقيقة وهي عارية أمامه .. وكم هو سهل وسلس على المرء فينا أن يخط بمداد قلمه عن معاني ألم الفراق ورحيل الحبيب عن وطنه .. ولكن كم هو صعب ومؤلم على المرء فينا أن لا يتحمل الألم وآلامه التي تحملها تلك الكلمات بباطنها ومدلولاتها ومعانيها على سطور مقالي هذا لحبيبها الغالي .. انه ألم الفراق والرحيل أيها الغوالي ..

لهذا كم يشرفني أن أقف اليوم منحنى الرأس إجلالاً وإكباراً أمام ذكرى حزينة وأليمة وموجعة في نفوسنا جميعاً نحن أبناء الشعب الفلسطيني العظيم في كافة أصقاع الأرض . إنها الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت" رجل من رجال فلسطين والثورة الفلسطينية وفارس من فرسانها المغاوير في زمن عز فيه الرجال من أمثالة فقد ظل يقاوم حتى الرمق الأخير من أنفاسه من أجل قضيته الوطنية الفلسطينية العادلة. فترجل عن صهوة جواده هذا القائد الفارس الفتحاوي الشجاع ولم يفر من أداء واجبة النضالي والأخلاقي والوطني من أرض المعركة ولم يخشى تآمر المتآمرين المأجورين الجبناء المتربصين لاغتياله عبر زرع الألغام على الطرقات وأزقة الشوارع في المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان .. فسقط شهيداً في أرض المعركة ونال الشهادة التي قد تمناها وانتظرها بشوق وبفارق الصبر وعلى أحرمن الجمر ليلتحق بركب الشهداء من رفاقه الأوفياء الذين سبقوه على درب الشهادة في معاركة طويلة مع أعداء الأمة.. رجلاً ذو شخصية هامة وشأن عظيم ومقام عالي وسامي وعلم رفيع وأخلاق حميدة وثقافة واسعة عميقة ووعي سياسي مخضرم وأمني من الدرجة الأولى .. فقد نشأ في بيت متواضع في مخيم جباليا الثورة لأسرة ميسورة الحال معروفة بالفضل والفضيلة وتربي مع أخوانه على موائد العلم والمعرفة وحب الدين والوطن وقراءة القران الكريم ..فقد اتسمت شخصيته بالسمعة الطيبة وحسن السير والسلوك والشعبية العارمة والذاكرة الفياضة والنبل والطهارة والوفاء والإخلاص والإيثار والكياسة والرصانة والحنكة والدهاء والهدوء والسكينة والخبرة والفطنة وبرودة الأعصاب واحترام الرأي العام الرسمي والشعبي له من قبل الجميع.. رجلاً جريء صلب عنيد جسور شجاع وطني بامتياز صاحب الأدوار الصعبة والمهمات الأمنية المتعددة بالغة التعقيد والخطورة فيما كان البعض من رفاقه يشبهه بالشهيد أبو حسن سلامة لطريقة أداءه والمهمات الأمنية والسياسية التي توكل على كاهله والتي تؤهله أن يكون دائماً قائداً بالقيادة وفي الصفوف الأمامية .. فقد جمع من خلال تجربته الحياتية وخبرته الأمنية وحنكته السياسية وكفاءته العالية ما بين يقظة الحواس والحس الأمني وما بين الفطنة والحذر والشعور الداخلي فمجرد ذكر اسمه على ألسنة عامة الناس في الأوساط الاجتماعية المحيطة به تنجذب إليه العقول بفضل الله ورضى الوالدين وعائلته الكريمة المصونة وتنشد له الوجدان وتتراقص له القلوب وتطرب الآذان الصاغية سمعاً له ويثير في النفس الكبرياء والشموخ والعزة بين الشباب والرجال والشيوخ والنساء انه صاحب السلوك الرفيع حتى مع خصومة السياسيين فله مكانة فخمة في قلوب من كان يحمل هم الوطن المعذب وهموم المواطن المشرد .. رجلاً من الطراز الأول ذو شخصية قوية أسطورة من أساطير الثورة الفلسطينية الخالدة وعلم من رموز الثورة الفلسطينية الباسلة وحكاية من قصص وروايات الأبطال العملاقة التي حفرت اسمها على الصخر في سجل الثورة الخالدة من خلال مشوارها النضالي الكفاحي الطويل ودون اسمه وتاريخه بدمائه الطاهرة الزكية في سجلات الشرف والمجد والخلود .فترك من بعد رحيله عن أرض الوطن لهذه الأمة بصماته وذكراه العطرة التي تفوح منها شذا أريج المسك والفل والياسمين والعنبر والريحان والتي ستبقى ما حيينا عالقة في أذهان ووجدان وقلوب ونفوس معجبيه ومحبيه من أبناء الشعب الفلسطيني واللبناني وشرفاء أحرار العالم.. رجلاً فريداً من نوعه أوقفتني شخصيته البارعة الجذابة الأنيقة وإبداعه الاستثنائي والتي اتسمت شخصيته بالكاريزما الجذابة والمؤثرة التي تمتلك الإحساس الراقي المرهف والموهبة الفذة التي تكمن بداخلها المهارات والطاقات والكفاءات الإبداعية والقدرة على التأثير الايجابي في نفوس حياة الآخرين وذلك عن طريق تواصله الاجتماعي الحماسي المشتعل معهم فكرياً وسياسياً وامنياً وعاطفياً واجتماعيا وتميزت شخصيته المثيرة للجدل والغموض والمليئة بالتجارب والغنية بالأحداث ما بين الحزم والشدة والمرونة واللين والكلمة العذبة الطيبة وما بين الصراحة والعقلانية والوضوح على رؤيته الثاقبة وبصرته النافذة التي تجتمع فيها خصائل قوة الشباب العفي الثائرة وحكمة ووقار الشيوخ الرشيدة في حكمها للأمور وتأنيها في إصدار الحكام.. رجلاً عشق روح المقاومة وحضن سلاح العمر فلم يساوم على ذرة من تراب وطنه فخاض من صغره إيتون المعارك الضارية واستنشق رائحة البارود والموت والدم المسفوك ومع عشقه السرمدي لرائحة البارود وصوت أزيز الرصاص المدوي وهدير القنابل وبندقية الثائر الهادر إلا انه لم يسقط يوم ما من يده غصن الزيتون الأخضر الذي كان يلازم بندقيته طيلة مشوار حياته في المواقع القتالية والمحافل السياسية فقد كان الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت ملاذا لأهات المقاتلين وعوائل الشهداء الأرامل والثكالي والقلب الدافئ والصدر الحنون لبكاء وصراخ الأطفال وألام المقهورين من الفقر والجوع والضياع والحرمان.. كان وجوده بين رفاقه المناضلين ذاكرة الأخ القائد الشهيد شمس الشهداء وشيخهم الكبير أبو عمار وما تبقي من رائحة الختيار العطرة التي لازمته والتصقت بجسده وروح أبو عمار الأنيسة التي كان الجميع يستئنس بها في حضوره.. رجلاً أبهر الجميع بأدائه الباهر المنطقي والعقلاني في محاوراته التفاوضية والسياسية مع خصومة السياسيين فكان دائماً رجل المواقف الصعبة بقدراته الفائقة وعلمه وعملة الذؤوب على رأب الصدوع بالساحة الفلسطينية اللبنانية في مخيمات اللاجئين بتفكيك الشيفرة وإبطاء فاعلية الألغام الموقوتة والجاهزة للانفجار في أي لحظة بامتصاص التوترات والتشنجات والاحتقان وكبح جماح النعرات التنظيمية والحزبية المقيتة الموجود بين القوي السياسة والفصائل الوطنية بترطيب الأجواء العامة وتهدئة النفوس من المناكفات والمشاكسات وإزالة كل ما هو قابل للاشتعال من أجل حماية أبناء شعبنا في الساحة الفلسطينية في لبنان من فتنة الجهل وموقدها والوقوع في حبائل شر أعمالها.. رجلاً لم يخونه الحس الوطني ولم تجرفه عوامل التعرية إلى الهاوية ولم تأخذه المزالق والأحداث والمصالح والنزوات الشخصية للرذيلة على امتداد سنين حياته التي رسم لها خطوط مستقيمة لم ينحرف عن مسارها فكان يبحث بكل إخلاص وتفاني وشرف مع وزملائه ورفاقه في النضال عن قواسم مشتركة تجمعهم ولا تفرقهم للخروج من دائرة العنف والصراع الدموي الدائر من اجل إرساء قواعد دعائم الحق والفضيلة ومد أواصل جسور المحبة والتآخي بين أبناء الشعب الفلسطيني والوطن الواحد فكان دائما يعتبر بالدرجة الأولي وضمن أولوياته الاعتبار الوطني والمصلحة الوطنية العليا هي فوق التحزبات والتعصبات والحساسيات والاختلافات التنظيمية والمصالح الشخصية فإنه كان من أشد المتحمسين للحوار الفلسطيني وتفعيل اطر م- ت- ف وإنهاء الانقسام السياسي والجغرافي الذي مزق النسيج الاجتماعي ودمر كل نواحي الحياة وأعاد بالقضية الفلسطينية إلى الوراء لسنوات النكبة.. أن هذه الجريمة الإرهابية البشعة النكراء التي أحيكت وتم تنفيذها باغتيال القائد الفتحاوي الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت ورفاقه المناضلين على أيدي هؤلاء الخونة المأجورين خفافيش الظلام في الخفاء بدقة متناهية لهوا دليلاً على همجية وبربرية هؤلاء اللصوص المرتزقة الساقطين أخلاقيا وأمنياً عديمين الشرف والإنسانية للنيل من مكانته السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والوطنية. فلم تكن هذه الاغتيالات هي وليدة اللحظة الأولي ولن تكن هي نهاية مطاف حلقات مسلسل الاغتيالات باستهداف قيادات الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها فإن القائمة تطول بأسماء شهداء الثورة القادة العظام والذي طالتهم يد الغدر والخيانة فإن الثورة الفلسطينية "فتح" قدمت ومازالت تقدم أعز فلذات أكبادها فداء الوطن. فإن استهداف الشهيد كمال ناجي يأتي مخطط تصفوي للقضاء على كل الطاقات والإبداعات والقدرات والكفاءات الوطنية كما يأتي في أطار اغتيال المشروع الوطني لإرباك استقرار الواقع الفلسطيني في الساحة اللبنانية لتفتيت الجهد المضني الذي يبذله الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيزغانم ناجي الملقب "بكمال مدحت لحماية الوضع الفلسطيني اللبناني من عبث العابثين والمتربصين بأمن المخيمات. فلن تثني هذه الاغتيالات من عزيمة الرجال وإرادة أبناء شعبنا على الصمود والثبات ومواصلة كفاحه النضالي عبر مسيرته الثورية بكافة أشكال النضال حتى يتم تحقيق أهدافه الوطنية السامية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف الشهيد المناضل القائد الفتحاوي الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت" من مواليد غزة 1952مخيم جباليا وهو ابن قرية السوافير الشمالي وعائلته تسكن في مشروع عامر آخر الشارع الثالث من حي الشيخ رضوان كما تقطن عائلته وأقاربه في مخيم جباليا بلوك " 9"مسقط رأسه ولده. فقد انهي دراسته الثانوية في قطاع غزة وغادرها عام 1967 م فكان الشهيد مطارداً لقوات الاحتلال الإسرائيلي في فترة السبعينات والتحق بحركة فتح مقاتلاً بعد خروجه من غزة في وقت مبكر ولم يكن قد بلغ السابعة عشر من عمرة وكان أحد مسؤلي المرافقين والمقربين جداً من القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية الشهيد ياسر عرفات " أبو عمار" في إعداد الجهاز الأمني المكلف لحماية الختيار رحمة الله وكان الوجه الذي يظهر في معظم لقطات الفيديو خلف الأخ الشهيد ياسر عرفات وأصبح فيما بعد رجل المهمات السرية الصعبة والمعقدة منذ فترة السبعينات فهو متزوج وله ولدان عرف عنه بتدينه الشديد وأخلاقه العالية ويعتبر الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت" من ابرز الضباط الفتحاويين والوجوه المميزة على الساحة الفلسطينية واللبنانية... فقد أنهى بكل تفوق دراسة العلوم العسكرية في موسكو وحصل على شهادة دكتوراه وأنهى دراسة الدكتوراه بالقانون الدولي من الجامعة اللبنانية.. وخضع الشهيد كمال مدحت لدورات قتالية ولدورات ضباط وأركان في معاهد عسكرية في العديد من دول أوروبا الشرقية. كما خضع لدورات تخصصية في العمل الأمني والاستخباري وتدرج بالدورات العسكرية حتى وصل لرتبة لواء وعاد من تونس للبنان عن طريق قبرص عام 1985بعد خروجه من بيروت مع القيادة الفلسطينية بعد اجتياح إسرائيلي لبنان عام 1982 م تقلد منصب قائد جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية وقائد المنطقة الوسطى بين عام 1987 لغاية 1992 عندما دخل الجيش اللبناني إلى منطقة صيدا.. وشغل منصب مسؤول اللجنة الأمنية بمخيمات لبنان وشارك بكل المعارك التي شهدها الرئيس ياسر عرفات من اجتياح لبنان إلى طرابلس .. وتعرض لمحاولة اغتيال آثمة من قبل صبري البنا أبو نضال عام 1992 وقد نجا من عدة محاولات اغتيال وشغل قبل استشهاده منصب مساعد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان.. بكل الآسي والحزن العميق والألم الشديد يستقبل أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد كوكبة من شهداء الفتح العملاقة والثورة الفلسطينية الأبية ذكرى استشهاد القائد البطل الفتحاوي الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز غانم ناجي الملقب "بكمال مدحت " وثلاثة من رفاقه الأبطال الصناديد وهم اللواء الحاج أكرم ظاهر. والعقيد حسني شحادة. الملازم أول خالد ظاهر والذي تم استهداف موكبهم بعبوة ناسفة شديدة الانفجار ظهر يوم الاثنين الموافق 23/3/2009 وفي حوالي الساعة الثانية وعشر دقائق في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة صيدا جنوب لبنان وذلك بعد أن قام اللواء كمال مدحت بتقديم واجب عزاء في المخيم بسبب خلاف أدي إلي مقتل اثنين من عناصر حركة فتح وكان برفقته عدد من مسؤولي منظمة التحرير وفتح بينهم سلطان أبو العينين أمين سر حركة فتح في لبنان الذي لم يكن ضمن الموكب لحظة استهدافه.وعند مغادرة المخيم المية مية من المدخل الرئيسي ولحظة صول موكبه إلى المكان الذي زرعت فيه العبوة الناسفة في قناة مياه إلى جانب الطريق في منطقة فاصلة تبعد 350 مترا عن حاجز الجيش اللبناني و15 مترا عن حاجز الكفاح المسلح مما يسهل على القتلة المأجورين اغتيال القائد البطل الفتحاوي الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيزغانم ناجي الملقب "بكمال مدحت ورفاقه بطريقة محكمة التنفيذ حيث تم تفجيرها لاسلكياً وحسب المعلومات التي نشرت على لسان المحللين والخبراء العسكريين أن العبوة الناسفة زنتها حوالي 52 كلغ من المواد الشديدة الانفجار ومتقنة التصنيع فقد أصيبت السيارة بشكل مباشر وأحدثت قوة الانفجار حفرة عمقها نحو مترين، كما قذف الانفجار سيارة مدحت في الوادي على بعد أكثر من 20 متراً، مما وأدى إلى انشطارها إلى أجزاء صغيرة وهي «جيب مرسيدس»، في حين هوت السيارة الثانية التي كانت تواكب مدحت في الحفرة.وحوّلت قوة الانفجار معظمهم إلى أشلاء ...هذه المعلومات التي تدوينها عن عملية استهداف موكب الشهيد كمال مدحت ورفاقه بتفاصيل حسب شهود أعيان وخبراء كانوا في مسرح الجريمة بعد وقوعها المجد كل المجد لشهدائنا الأبرار. والخزي والعار للخونة العملاء المأجورين. فالي جنات الخلد أيها الشهيد الفريق الركن الدكتور/كمال عبد العزيز ناجي الملقب "بكمال مدحت " ورفاقه الشهداء الثلاثة الرحمة والمغفرة لجميع شهدائنا الأبرار الأكرم منا جميعا. أهدي مقالي هذا إلي زوجة الشهيد وأبناءه الأفاضل المبجلين وعموم أهله في الوطن والشتات وأصدقاءه أجمعين ..في يوم ذكرى رحيل الشهيد كمال مدحت "أبو بلال" أخوكم ابن الفتح البار

[email protected]

2013-02-23