الأربعاء 22/10/1445 هـ الموافق 01/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
دفاعا عن سوريا الشعب والوطن وليس سواهما/ د.حسن عبد الله

حينما يكتب كاتبا عربيا مقالا يطلق فيه صرخة مفادها ان هناك خطة لاعادة سوريا الى مرحلة ما قبل الدولة، يتهم بانه يدافع عن النظام، حتى لو كان هذا الكاتب لديه مئات الملاحظات على الانظمة غير الديمقراطية ليس في الوطن العربي وانما في العالم باسره.

وانا هنا اكتب مدافعا عن سوريا الوطن، سوريا القطر العربي، سوريا التي نحن الفلسطينيين نجد قواسم مشتركة ثقافية ونفسية واخلاقية مع مواطنيها المستهدفين، فلا اجد نفسي بأي حال من الاحوال في موقع الدفاع عن البيروقراطية والظلم والفساد الذي عانى منه المواطن السوري على مدى عقود من الزمن . اما حين تصبح المؤامرة تتجاوز النظام الحاكم لتطال سورية كبلد ووجود ودور وبنية اقتصادية وثقافية ومستقبل، فان الامر يصبح مختلفا تماما.

فما تتعرض له سوريا الان يتجاوز نطاق تغيير نظام او استبدال رأس، وانما يستهدف سوريا الوطن من الالف الى الياء، ويستهدف بالدرجة الاولى المواطن كانسان عربي، يراد له ان ينكسر ويتشظى ويعيش على هامش الحياة يقتات على صدقات الدول وعطاياها.

والا ففي اي سياق يمكن لنا ان نفهم تدمير الجيش السوري وتدمير طائراته، وتفكيك المصانع وبيعها، وتخريب الزراعة والجامعات، والانقضاض على الفن ومسح المؤسسات الخدماتية عن الوجود.

في اي سياق يمكن ان نفهم اعادة سورية الى مرحلة ما قبل الدولة او تفكيكها الى كيانات طائفية وعشائرية تتصارع وتتقاتل الى الابد.

ان الاستعمار باختصار شديد بعد ان كان فكك الوطن العربي وحوله الى دويلات تحبو اقتصاديا، وصل مرحلة لا يريد فيها دولا مركزية حتى لو كانت ضعيفة، بحيث يعمل حاليا على تحويل الدولة الواحدة الى دويلات صغيرة او الى "لا دولة" انطلاقا من حسابات استعمارية جديدة تضمن السيطرة التامة على موارد العرب مع بقاء اسرائيل القوية المسيطرة القادرة سائدة في محيط ضعيف مفكك متصارع .

وفي تقديري ان الفلسطينيين هم الخاسر الاكبر مما يحدث الان في مصر من صراع وتشظي ومن تدمير ممنهج لسورية ومن اشاعة فوضى لا تنتهي في الدول العربية. صحيح ان الدول العربية لم تحرك جيوشها واساطيلها من اجل القضية الفلسطينية، لكن الفوضى التي تسود الوطن العربي، جعلت القضية الفلسطينية في قاع سلم الاهتمام. ومن يتابع وسائل الاعلام العربية، يجد ان قضية المعتقلين المضربين لانشأن للعرب ولا اعلامهم بها، وان القدس لا تذكر في هذا الاعلام الا بالصدفة وفي مؤخرات نشرات الاخبار، وان الاستيطان اصبح قضية غير قابلة حتى لتناولها هذا الاعلام.

لقد انكفأ الاعلام العربي في قضايا داخلية، وانشغل المواطن في الحديث عن رغيف الخبز ولتر البنزين، بمعنى ان القضية الفلسطينية هي المتضرر الاكبر من تفكيك العالم العربي وادخاله في دوامة صراعات طائفية.

ان النظام السوري يتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية، فيما القوى الرجعية التي تقتل وتدمر في غياب المشروع القومي التقدمي تتحمل جانبا اخر من التخريب والتدمير، والا ما شأن اولئك المقاتلين المستجلبين من الشيشان وباكستان وافغانستان بالوضغ في سوريا؟! هل تهمهم الديمقراطية وحقوق الانسان؟! اذا كان الامر كذلك فلماذا تركوا بلادهم تعيش في ظلام دامس وجاءوا الى بلد اخر؟!

ان حل القضية السورية يتمثل في الاساس في وقف اطلاق النار من الاطراف كافة وعودة المقاتلين الاجانب الى بلادهم، وترك امور سوريا للسوريين وحدهم، لكي يتم التحضير لانتخابات باشراف عربي ودولي لضمان نزاهتها ، وحتى يقرر السوريون طبيعة نظام الحكم واختيار ممثليهم.

فصندوق الاقتراع يجب ان يكون الحكم، ومن خلاله يستطيع المواطن السوري ان يعاقب الفاسد والمستبد من جهة، والرجعي والظلامي من جهة اخرى.

لانه اذا استمر القتال والتدمير فان النار ستحرق البلاد، وسيكون الجميع مهزومين بلا استثناء حينما تشطب وتمسح سوريا .

2013-02-24