الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
طــلاق مصـــر وســـوريا ... باطــل؟!/عبد الهادي شلا

 لا يمكن أن يكون خطاب الرئيس مرسي بالأمس وسط أنصاره الذين احتشدوا لسماعه و ( تأييده ) يعبر عن رأيه الشخصي بأي حال من الأحوال. ولو كان كذلك لكان الخطاب مختلف المضمون واللهجة ، ولكنه وبكل (أســـف) كان ينطق بلسان الحزب - الإخوان - الذي حاول إقناعنا بأنه لا سيطرة له عليه ولا على حكومته. اللهجة المتشددة التي استخدمها وهو يعلن قطع علاقة مصر مع ( النظام في سوريا ) والإبقاء على العلاقة مع ( الشعب السوري) تحمل تناقضا في عصب القضية ولا يمكن فصل شعب عن نظامه وكلا الإثنين - المعارضة والنظام - في سوريا يتبادلان حوارا قاسيا حتى ولو كان بالسلاح المدمر .

الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن هناك نظام سوري مازال يمارس كل سلطاته وبعنف وجد نفسه يستخدمه أمام موقف عالمي ينتظر سقوطه بترقب شديد وحذر ودعم خفي وظاهر أحيانا لجماعات كانت توصف بالإرهابية ،وأن هناك شعب يعاني من ويلات جاءت من الخارج بمسميات لم يقبلها الشعب كله حتى الآن. لم يكن الشعب وهو صاحب القضية والقرار يتصور أنه سيتم تشريده وتحويله إلى لاجئين لا يعرف إلا الله متى تنتهي معاناته، ولكنه أي الشعب أراد من النظام أن يكون أكثر قربا منه ومن مشاكله وأن يكون بينه وبين النظام حوار يتسم بأخلاق يفرضها واقع مؤلم ،لا أن يكون حوار بنادق ظهرت فجأة بعيدا عن المعارضة الحقيقية التي أفرزتها حالة تدهور كبير للوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدولة السورية.

إذا أين يقف ( مرسي ) ؟

هل في ظل الإخوان - الحزب الخاضن - له ؟

أم في صف الشعب المصري الذي ينادي ليل نهار بمغادرته لعدم قدرته على إدارة دفة القيادة والنجاة بمصر من أتون الإضطرابات والفتنة المتربصة بها؟

هل سيكرر موقف مبارك في حرب الخليج؟ وهل سيرسل جيشا مصريا لدعم المجموعات التي يتم تصفيتها من قبل القوات السورية النظامية على عجل وبكل الوسائل التقليدية وغير التقليدية كما تحمل الأخبار؟

وهل سيرسل الجنود كما حصل في أوائل الستينيات إلى اليمن ويعرض الأمن المصري وشعبه إلى المزيد من الضغط بينما حدوده مع العدوالحقيقي مكشوفة ومازالت مسرحا للخارجين عن القانون والجماعات الإرهابية؟

وهل مصر في استجمام وراحة بينما معركة ( مياه نهر النيل) تدق طبولها من بعيد مما يهدد مصر كلها بالموت والمجاعة لو نقصت كميتها المقررة من مياه نهر النيل؟

في ظرف كهذا فيه مصر أكبر دولة عربية وكل الأنظار تتجه إليها لأخذ مبادرة حقيقية (بحيادية تامة ) لحل الأزمة السورية إن صح تسميتها فإن المنطق يقول: ما كان للرئيس ( مرسي ) أن يتخذ قرار المقاطعة السياسية بهذه السرعة واللهجة العنيفة لأنه سيترتب عليه مقاطعة من كل نوع بين الدولتين الأكبر والأهم عربيا، والتي يتحمل تبعاتها هو الشعب المصري.. الشعب الشقيق للشعب السوري.!

أم هو قرار في صورة ( مـَخــرَج ) يجعل القيادة المصرية في حل و ( تتملص ) من الحوار مع النظام في سوريا بحجة قطع العلاقات خاصة وأن الكثير من دول العالم تقف موقفا مشابها دون قطع العلاقات مع سوريا. وقد تساءل البعض ..لماذا لم يتخذ الرئيس مرسي مثل هذا الموقف مع إسرائيل وتم قطع العلاقات معها والتي استخدمت مع شعب فلسطين في غزة أكثرالأسلحة فتكا ودمارا وهو شعب أعزل و..محصار.؟!

وفي نفس الوقت لماذا لم تظهر القوة السورية النظامية بهذا العنف وردة الفعل أمام جيش دولة تحتل بقعة غالية من أرض سوريا وهي ( الجولان) ؟ أو حين اخترقت طائرات العدو الأراضي السورية التي كلما فعلت هذا سمعنا النظام السوري يردد أنه سيرد في الوقت والمكان المناسب.!!

المواقف متشابكة والصور متداخلة حتى بات من الصعب الوصول إلى نتائج مرضية في وقت قصير ولكن هذا لا يمنع استمرار المحاولات لأن ما يجري على الأراضي السورية يجب أن يتوقف بشكل ما وفي أسرع وقت وإلا سيترتب عليه وضع جديد من المعاناة والقطيعة. لعلنا نذكر أن الشعب العربي كله ما أن يـُذكر شعب مصر إلا وذُكــِر شعب سوريا،ولعلنا نذكر أيضا أن الظاهرة القومية العربية الوحيدة في العصر الحديث كانت تلك الوحدة المصرية السورية التي مازلات الأجيال تذكرها وتحتفل بذكراها. المطلوب.. قيادة مصرية تحاور قيادة سوريا بعقل وتوازن يخرج سوريا وشعبها والمنطقة كلها من جحيم يتربصها،وأن هذا الوضع العربي العام إن طال واستمر فإن قضايا جوهرية وكبيرة وهامة قدم الشعب العربي من أجلها أرواح أبنائه،هذه القضايا وعلى رأسها قضية فلسطين ستكون في مهب الريح التي لا يمكن تصور نتائجها. فهل من عاقل في مصر يدق جرسا يعلن فيه أن قرار الرئيس بطلاق سوريا... قرار باطـــل؟!

2013-06-17