الثلاثاء 21/10/1445 هـ الموافق 30/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الحكم الثييوقراطي حكما فرديا وان تغلف بصفات اخرى /بقلم يونس الرجوب

كان لحضارة الاغريق شرف الدعوة الى تأسيس نوع فريد من الحكم في التاريخ الا وهو الحكم الديمقراطي الذي يعني حكم الشعب من الشعب بحيث يكون على اساسه كل مواطن عضوا في مجلس الحكم عند بلوغه سن العشرين من عمره ودون تمييز بين الرجل والمرأة وكان عدد سكان اثينا في هذه المرحلة هو 400 الف نسمه وبالتالي وضعوا القاعدة العمرية المذكورة اعلاه اساسا لانشاء هذا الحكم الفريد الا انهم وبعد اتساع الرقعة الجغرافية لدولتهم وزيادة اعداد سكانها لم يتمكنوا من حمايةهذا النوع من حكمهم فحل مكانه حكم الفرد الذي احذ فيه الحاكم الفرد يسند شرعية حكمه الى الاله او الى الدين او الى السلطه الوراثية واستمر ذلك النموذج منذ العصور الموغلة في القدم من التاريخ وحتى حدوث الثورة الامريكية ضد الاستعمار البريطاني عام 1777 التي انهت حكم الفرد واسست الى حكم الديمقراطية التمثيلية التي يختار على اساسها الشعب ممثليه الى مجالس الحكم وليس الديمقراطية الاثينية التي تم ذكرها سابقا
و بالعودة الى دور الدين في الحكم او اسناد شرعية الحاكم الى دينه فلم يقدم اصحاب هذه الدعوة برهانا واحدا على نموذجا محددا حدث في التاريخ ولا زال صالحا للاستخدام في الحاضر ولم يفصحوا حتى اليوم عن قواعد دولة الدين التي يسعون الى استردادها او الكيفيات الدينية التي على اساسها يتم بناء هذه الدوله كي نقف معهم ونقول اننا نريد هذه الدولة التي نشأت على الهيكليات والقواعد الدينية الفلانية في التاريخ الفلاني وعبر الكيفيات والشرعيات الدينية الفلانية والاسس والقواعد الفلانية التي على اساسها يتم تجديد هذه الشرعيات
لقد اوضحنا في هذا الجدل من الفهم والتصور لدولة الدين المزعومة ان الدولة لا يمكن ان تكون دينية وانها كائن اجتماعي مدني لا يؤسلم ولا ينصر ولا يهود وان لا كيفية دينية لبناء هذه الدولة مثل كيفيات الوضوء او الفرائض او اقامة العبادات والشعائر الدينية التي يفرضها الدين على المؤمنين بما في ذلك الدولة الاسلامية الاولى التي اسسها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فالدولة ببساطة ليست كائن بشري بالقدر الذي تكون فيه كائن موضوعي في الحياة والمجتمع لحماية الاثنين معا بصورة متساوية امام قانون الدولة بما فيهم المختلفين دينيا من مواطنيها او غير المؤمنين بالاديان من اصلها وبالتالي لم يذكر التاريخ في هذا الشأن ان الدولة الاسلامية الاولى على سبيل المثال اقامت قي بنيتها الدستورية سلطات حكم غير سلطات الحاكم الفرد التي تميز فيها هذا الحاكم بعدله خلال الثلاثين عاما الاولى من وجودها وبعد ذلك انتهى هذا الامر واصبحت الدولة دولة فرد او دولة عائله وحكم وراثي ليس للشعب فيها علاقه او رأي ولم تخضع لمحاسة الشعب عن تصرفاتها او تجدد شرعياتها عبر قواعد نظامية يصونها قانون الدولة ذاته مع التأكيد ايضا على ان التاريخ لم يذكر لنا اسماء نواب شغلوا مناصب شورى الدولة حتى في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وطرق انابتهم عن الشعب والسلطات التي يتمتعون بها ومدة خدمتهم في هذه المجالس ان وجدت واين وجدت؟؟وفي ايها مرحلة من تاريخ هذه الدولة؟؟لكي تكون الدعوة لاستردادها دعوة منطقية ومنسجمة مع منطق التاريخ اما دولة الحاكم الفرد التي جاأت بعد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فقد كان بعض حكامها عادلين وبعضهم مزق القرآن الكريم وهو على سدة الحكم ولم يحاسبه احد لذلك نتسائل اي دولة هذه التي يسعى الى استردادها من التاريخ هؤلاء المسكونين بهذا التاريخ؟ واين هو النموذج الذي علينا التمسك به او التشبث بالدعوة الى استرداده؟ اما والدعوة هي الى دولة الحاكم الفرد فان التاريخ قد تجاوز عنها ولا يمكن ان تكون صالحه في عصر الالكترون وبالتالي فان الاجدر بنا ان نقلع عن هذا التفكير العقيم وان نعيد دراسة تجربتنا الحضارية من جديد بعقول علمية مستنيره تمكن من التجاوز عن عثراتنا في التاريخ وتعطينا القدرة على مواكبة العصر وبناء الدول والنظم والعادله المستنده الى شرعية الجماهير واختيارها الحر فيما تراه مناسبا لادارة حقوقها في دولة حكم الشعب من الشعب وليس دولة الحاكم الفرد الذي ينادون به لقمعهم والاستبداد بهم من جديد

2013-09-16