الإثنين 20/10/1445 هـ الموافق 29/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عباس.. هل هي الثورة الجديدة؟ محمد جلال عناية

لم تكن صياغة الاهداف تشكل عائقا عند القادة السياسيين الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم واتجاهاتهم، حيث يتم انتقاؤها من بين الشعارات والهتافات الغوغائية، ولكن العائق كان في آن أيا من هذه الاهداف لا تتوفر له وسائل التحقيق، لأننا تصدينا لمشاكل عصرية بعقلية قبلية.

على العكس منا كانت الحركة الصهيونية، حيث توفرت لديها كل الوسائل التنفيذية، الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، ولكنها كانت تجهد نفسها في قولبة اهداف كل مرحلة، لتسويقها على المجتمع الدولي، والرأي العام العالمي، في صياغة مراوغة تناسب المرحلة، وتشكل قاعدة للبناء عليها في مرحلة قادمة.

ونحن تجاهلنا حقيقة الشعب الفلسطيني، وتجاهلنا احواله والظروف المحيطة به، واكثرنا من الحديث عنه، وكأنه بكافة افراده، جيش على درجة عالية من التسليح والتدريب، وان لم يكن كذلك، فعليه ان يتخيل نفسه انه كذلك، فهكذا تقتضي الاهداف التي نحددها، والشعارات التي نرفعها بطريقة عشوائية، لا تلتزم بالشروط الموضوعية لبلورة القرار السياسي، فابتلينا بنتائجها، فلم تكن لدينا فكرة ولو تقريبية عن التوقعات.

خلال 94 عاماً، منذ الهجوم الذي قام به متطرفون عرب من اهالي القدس في عيد النبي موسى 4/ 4/ 1920 على الحي اليهودي في المدينة، وحتى حرب الشتاء «2008-2009» على غزة، خسر عرب فلسطين كل المعارك العسكرية في مواجهة اليهود، قبل قيام (اسرائيل) وبعد قيامها، وسقط منهم عشرات الآلاف من القتلى، ان لم يكن اكثر، في حروب انتحارية، خلفت كوارث وطنية، ومآسي انسانية موجعة، لأن موازين القوى لم تؤخذ بعين الاعتبار.

حفلت الحياة السياسية العربية بالزعماء والقادة من الملوك ورؤساء الجمهورية، ومن هم في مواقع مماثلة، ولكنها افتقرت الى رجل الدولة الشجاع، الذي يبادر او يستجيب للحلول الدبلوماسية.

ان العنف المسلح، الذي اختاره الفلسطينيون بقصر نظر، كان يواجه من قبل القوات البريطانية والمنظمات الصهيونية بردود اشد عنفا منه، وانه لم يطرد بريطانيا، ولم يعطل مشروع الاستيطان الصهيوني والاستيلاء على فلسطين.

ان الاستمرار في العنف المسلح، الذي لم يكن في صالحنا في يوم من الايام، وضع الفلسطينيين، في الحل والترحال، في حالة مواجهة، صعبة وغير معلنة مع الانظمة العربية، لأن هذه الانظمة تتحاشى الاشتباك مع (اسرائيل)، ولا تريد لشعوبها ان تصاب بعدوى العنف المسلح.

الدهاء الاسرائيلي، استطاع ان يصور الكفاح الفلسطيني المسلح على انه ارهاب. ويحجب المطالب الفلسطينية العادلة في تقرير المصير وانهاء الاحتلال، بسحب كثيفة من الدخان الاسود لما يدعي انها الحرب بين الارهاب الفلسطيني ومكافحة الارهاب الاسرائيلية.

على الصعيد الفلسطيني الذاتي، الا نخجل ونحن نراقب عاجزين ما فعله السلاح في ايدي الجماعات السياسية المختلفة، حيث حول الخلافات السياسية الى تصدع الجبهة الوطنية وحروب دموية بين الاطراف في سباق على الفوز بغنائم رخيصة.

وهكذا تحولنا الى اضحوكة في المجتمع الدولي الذي عجزنا عن ان نثبت له بأننا شعب فلسطيني واحد.

الا نخجل من انفسنا ونحن نرى اشتات اليهود من اصقاع الارض، تلتقي وتتلاحم لتصبح شعبا اسرائيليا واحدا، ونحن الشعب الاصيل نتحول الى اشتات مرتزقة تعرض نفسها للبيع لمن يدفع الثمن؟.

عندما يقول عباس بأن صواريخ القسام عبثيه، كان عليه ان يتبع قوله بأنها عبثية ليس لأنها صادرة عن حماس، بل بسبب البلاء، الذي انزلته بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة في حرب الشتاء (2008 -2009) حتى لا يظن احد بأن قضية وطنية تتعلق بسلامة الشعب الفلسطيني، هي مجرد مماحكة مع حركة حماس.

والآن جاءت الساعة التي نقول فيها لعباس إياك والهرب، الهرب من الاسرائيليين لشراستهم، والهرب من الفلسطينيين لعجزهم على الرغم من كل هذه الاجواء المكفهرة من حولنا، فالامر يبدأ بإطلاق نداء بالثورة السياسية، في حرب تضج بها ارجاء العالم ضد (اسرائيل).

وعلى الأقربين من منتسبي فتح إن تطلعوا الى الريادة والقيادة، ان يطهروا انفسهم من ادران الثقافة الرديئة التي تسعى الى الاخذ، وان يحصنوا انفسهم بالثقافة العفيفة التي تحفزهم على العطاء . عباس .. ان الحاضر قد لا يستوعب دورك ولكن التاريخ سينصفك.

يا رجل، انظر الى الامام ولا تلتفت الى الخلف، ان شرعيتك تتقمصها رسالتك. فإن الريادة ابداع لا حاجة به الى حسب او نسب.

2014-04-07