السبت 18/10/1445 هـ الموافق 27/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...جواد لؤي العقاد

 إن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة بأسلوب أدبي شيق ممتع ، في هذي الحالة نستمتع بأسلوب الرواية التقليدي وأسسياتها الجمالية بالإضافة إلى المعرفة التاريخية. ولعل سلسلة الملهاة الفلسطينية للأديب والروائي الفلسطيني الكبير (إبراهيم نصر الله) من أهم ما قدمه الأدب الفلسطيني إن لم يكن على مستوى الأدب العربي، حيث شملت ثماني رويات: رواية قناديل ملك الجليل ودارت أحداثها في النصف الأخير من القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر كاملاً ، رواية زمن الخيول البيضاء حيث تأمل الوضع الفلسطيني والظروف القائمة من زمن العثمانين إلى النكبة الفلسطينية ١948 م ،رواية طفل الممحاة يتناول الواقع الفلسطيني خلال النصف الأول من القرن العشرين وتدور أحداث الرواية عن طفل يصبح جندياً في جيش الإنقاذ أثناء نكبة فلسطين ،رواية طيور الحذر تناولت الفترة الزمنية بعد النكبة إلى ما قبل النكسة 1967م وتركزت أحداثها في مخيمات اللجوء الفلسطينية في الأردن ،رواية زيتون الشوارع كان محور أحداثها في مخيمات اللجوء في الأردن من النكبة إلى تسعينات القرن الماضي ، رواية أعراس آمنة دارت أحداثها في قطاع غزة خلال الانتفاضة الثانية ، رواية تحت شمس الضحى أغلب أحداثها دارت في رام الله فترة ما بعد أسلو، رواية مجرد 2 تناولت الأوضاوع بعد النكبة.

ولاشك أن سلسلة الملهاة الفلسطينية حققت انتشاراً واسطعاً في أواسط الأدب الفلسطيني والعربي ؛ بما فيها من نسق روائي ملحمي مميز وموضوعات وأحداث تاريخية موثوقة. ومن هذا النسق الروائي الراقي رباعية أرض كنعان للأديب والروائي الفلسطيني الكبير (عبد الكريم السبعاوي) حيث شملت على أربع رويات، كانت مدينة غزة المحور الرئيسي والأول لأحداث الرباعية عامة ، بدأت برواية العنقاء وحدثها الأبرز دخول نابليون الشرق العربي، رواية الخل الوفي وحدثها الأبرز قيام دولة عربية موحدة وتجربة محمد علي في مصر والشام وموقف أوروبا من الوحدة العربية ، رواية الغول ومحورها أحداث الثورة العربية الكبرى وما قبل الحرب العالمية الأولى، رواية رابع المستحيل وهي ختام الرباعية ومحورها ثورة الحسيني والقسام والإضراب الفلسطيني الكبير وأثر الحرب العالمية الثانية على فلسطين.

ولاشك أن أديبنا الكبير اعتمد في روياته على مذكرات وكتب تاريخية وقدمها بأسلوب أدبي يعطي القائ جرعات المعرفة بشكل سلس بعيد عن الملل. ومؤخراً أصدرت الروائية الفلسطينية بشرى أبو شرار ثلاثية روائية مترابطة ومتكاملة ( مدن بطعم البارود، قارورة عطر، تاج الياسمين أغنية كنعانية،) حيث تحمل نسقاً ملحمياً مميزاً ، نستطيع القول أنها تؤرخ لواقع الوطن العربي المعاصر ، حيث استطاعة الكاتبة رسم مجريات الواقع بأسلوب أدبي عبقري مميز، حيث تعتبر رواية ( تاج الياسمين) مكملة لرواية ( مدن بطعم البارود) وسوريا مكان الأحداث الأبرز.

وهنا تظهر وظيفة الأدب وأهميته ، ليست الرويات مجرد كتب وأحداث خيالية وإنما التأريخ الأدبي أقدر على الاستمرار والانتشار والتأثير ، والشعب الذي لا يملك أدباً لا يملك تاريخاً ولا حضارة، ومثل هذي الرويات تضيف الكثير للأدب العربي وتجعل له رسالة قوية لا تقتصر على الجمال اللغوي. وحين نترجم أمثال هذي الرويات لا ننقل للعالم أدباً فحسب وإنما ننقل الصورة الحقيقة للتاريخ الفلسطيني لاسيما أن الروائين يعتمدون على مصادر موثوقة جداً من مذكرات وكتب تاريخية وحتى لقاءات صحفية. جواد لؤي العقاد كاتب فلسطيني

2017-07-27