الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خارطة حياة ...ألاء معالي

 -ثمة شيءٌ خفيٌ يدفعني للتخلي ، شيءٌ خفيٌ لا أدري مُسمّاه ، لا أدري منتهاه ، أهو الملل؟ اللامبالاة؟
أو أنه شيءٌ أعلى منزلة يسمى "الكرامة" ؟ ، التخلي بعد الإدراك ، التخلي من بعد مواقف مُكدسة تشير إلى جوهر الأشياء او على الأرجح جوهر العلاقات .
أين أنت بالنسبة لهذا العالم ؟ ماذا تعني لشخص هنا أو هناك ، قريبٌ أو بعيد ، أين تقف قدماك على خارطة عوالمهم ؟
قد تكون بعيدًا بعدما كنت تظن نفسك القريب -أو قد يحصل العكس- . لا أعتبر معرفتي لأبعادي الروحية تقليلا لشأني أو كشفي للحيز الذي أملؤه في خيال أحدٍ ما هزة لروحي ، لكنّ مُبتغاي هو فقط "الادراك" لهذا البعد والحيز كي ألزمهما ، أُقرّب نفسي أو أُبعدها. أحب الوضوح في العلاقات ، أُفضلُ الصادق منها ، لا مجاملات لا منافقات، لا مزايدات ولا غباء في التعبير ،ونعم للاحترام الدائم ، مهما اختلفت العواطف ومهما تباعدت المسافات المعنوية بين الاشخاص يبقى الاحترام هو الخط الثابت الذي ينظم دوامة الحوار و هيئة التصرفات ، لا ينبغي أن ينقطع هذا الخط أبدًا حتى لو أُجبرت على لقاء شخصٍ لم تكن تعي أنه موجود على خارطة عالمك الخاص أو أنه ضمن التعداد السكاني لمملكة حياتك و تتفاجأ بأن القدر أدخله كضيفِ شرفٍ على سير حلقات حياتك المتتالية. عليك أن تدرك أنك شخصٌ غير موجود بالنسبة لعجوزٍ يقطن وحيداً في طابقٍ أرضيٍ في حارة هادئة بأحد أرياف بيروت ، وعليك أن تدرك أنك لن تخطر على بال فتاة فاتنةٍ في ريعان شبابها تدرس الموسيقى في جامعة مرموقة في برطانيا، وعليك أن تدرك أنك لست على خارطة أربعينيٍ متزوجٍ لحُبّ حياته وأبٍ لثلاثة أطفال يبيع الحلوى في أحد شوارع باريس .
تبدو أشياء بديهية لكنّ قولها يعيد "الادراك " لعقلك ثانيةً.
كي تسير الامور على ما يرام ولا تهتز ثقتكَ بقيمة وجودك، اعلم أنك موجود بالنسبة لك أولاً ، ثم لمن تتقاطع خارطتك مع خوارطهم الزمانية والمكانية ، واعلم انه مثلما خارطتك تتضمن كَمّاً محدداً من الأماكن والاشخاص و مثلما لا يؤثر على حياتك فلانٌ هنا أو هناك ، كذلك تسير الأمور للبقية، قد تضع شخصاً على خارطتك ولكن هو ذاته لا يعتبرك جزءاً منها -وقد يحدث العكس أيضا- وهنا تكمن المسألة.. والمواقف هي من تكشف لُبس الأمور، قد تأخذ دور البطولة مرةً ، ومشاركاً مرة ، وضيفَ شرفٍ مرةً أخرى وقد تكون كومبرساً لا قيمة له أو حتى قد تكون خارج حدود الكواليس ، وهذا أمر طبيعي وَجُبَّ تقبله .
لكلٍ قصةُ حياةٍ مُنشغلٌ بها و يظن أنها هي تعريف الحياة لكنّما هي ليست "الحياة" .
لا أحد ينظر بالصورة الأوسع ، الأشمل ، لا أحد ينظر للخطوط المتشابكة بين الحياوات.
وجودك هو أمرٌ نسبي ، والعلاقات قائمة على أساس الوجود والإدراك، من أنت في عيون الأخرين !.

 

2019-05-02