على الرغم من أن التوقيت هو كانون الثاني إلا أن السماء أنذرت بولادة الربيع من خاصرة الشتاء، وابل من المطر اجتاح نافذة سلمى العتيقة، كانت تراقب المشهد وهي تمشي في صالون البيت، حانية الظهر تلملم ذكريات عمرها المتطايرة سدىً بأنامل بترتها سكين الحياة، جلست على أريكتها قرب سعيد بعد أن أحضرت كوبين من مشروبها المفضل الشاي بالنعناع، قل لي يا سعيد كيف تبدو الحياة معك؟
سعيد: لا أعرف لكنني لم أستطع أن أمنحك عطراً لضحكاتك فقررت أن أترك لك الخيارات في هذه الحياة أمسكت سلمى هاتفها تصفحت الفيسبوك قليلاً، طلب صداقة جديد، انظر يا سعيد إلى طلب الصداقة هذا سعيد: أعتقد أن هذا ما كنت تبحثين عنه طوال حياتك سلمى: يبدو أن الله أراد أن يغير حياتي ضغطت زر التأكيد وتابعت تصفحها... شيء ما دبّ في أوصالها لحظة وصول طلب الصداقة من ماجد، وكأنه وصل في توقيت الكآبة المتمكنة من تلافيف دماغها، مع مرور الوقت أحست أنه تساقط في قلبها كندف الثلج، لكن النقطة الخضراء شكلت قلقاً أرهقها، حاولت عدم الانجراف خلف مشاعرها، تمنعت عن الاعتراف بالحب لرجل شرقي قد لا ببادلها نفس الشعور وقد لا يفهمها فتلقى منه الصد، تريثت قليلاً إلى أن أزيل الستار العالق بينهما ربما تتضح الرؤية أكثر... لطالما انتظر ماجد حلماً أسماه عتيقاً ولم يتمنى أن يصحو منه، لطالما بحثت سلمى عن بضعة قطرات حب تلمع في عينيها مثلما تلمع قطرات الندى على أوراق النرجس، كل منهما أراد أن يطلق الرصاص على رأس الخطيئة ولكن بدا لهما الهدف بعيداً.. قريباً حسناً لابد من محاولة لوضع الكحل في عيني الزمن لتجميله قليلاً( هكذا نطق لسان قلبه) هدأ بأصابعه ضجيج روحها، قبض بكفيه على أضلع المشتهى، لملم أسئلتها المتكسرة على سطح الأمنيات، ارتشف هدهدات صوتها التي عزفت على أوتار عمره لحناً بطعم القهوة، أربعة أحرف باح بها فأعادت تجميع بقايا صورتها المتناثرة على رخام الصدف..
تحررت سلمى من عقدة البوح لرجل شرقي،وُلِدَت في داخله كالفكر، ربتت على كتف صباحاته بأناملها العاشقة، زودته بجرعات لابأس بها من أوكسجين الحياة، أعلنت بضحكاتها المدوية في زوايا روحه انهزام المستحيل وأن بعض الممكن آت لا محالة .. كلاهما خال أن الشمس غرزت مخالبها في حشرجات أمنياتهما، كلاهما بحث عن الآخر في متاهة الحياة، كلاهما تناول الآخر مادة دسمة على موائد قصائده الشهية. القاصة
هند يوسف خضر ..سوريا