الأحد 19/10/1445 هـ الموافق 28/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في الحب و الحرب !! /عبد الهادي شلا

 وصور الدمار التي خلفتها الصراعات الدموية في كثير من بلاد العالم تحيط بنا فهل مازال في جعبة الشعراء ما يكتبونه في الحب أو عن معناه الإنسان وسط كل هذا الخراب؟!

قد يكون هذا ممكنا إن سلمنا بأن الحب هو حس إنساني متنوع ومتعدد يصاحب الإنسان في كل مواقف حياته. ولكل حب معنى وموقع ،فكل حب له مقوماته وله مكانه الذي يستقر فيه وينطلق منه الشعراء. فحب الأرض يستدعي الحرب للدفاع عنها وفي هذه فقط يتساوى عند أبناء الأرض الحب لها والحرب من أجلها ،أما في غيرها فهما نقيضين وقطبين متنافرين . ولعلنا نسأل، لو كان بيننا "نزار قباني" الذي قال: (الحب في الأرض بعض من تخيلنا : لو لم نجده عليها لإخترعناه) ؟

هل سيعيد هذا بنفس الحالة التي كان عليها ويعظ به القلوب وسط هذا الكم الرهيب من الخوف والحروب والنزاعات العالمية؟ وهل القلوب ومشاعر الناس مازالت تحمل نفس المعنى الصافي للحب ومدلولاته وهي تكابد من أجل عيش كريم وتقاوم شرور الحروب وتبعاتها؟ لا أظن أن المشاعر تتساوى في ردات فعلها وخاصة في الحب،وذلك أن مقومات الحياة تتغيير وتتبدل مع الزمن وبالتالي فإن مفهوم حالة ما يتأثر بهذا التغيير ولو كان بسيطا وغير ملحوظ في حينه .

إلا أن إستمرار هذه التغيرات الحياتيه وما يواكبها من أحداث و من أكبرها ما تخلفه الحروب والأزمات الإقتصادية التي تترتب عليها فإنها ستصنع تغييرات ولاشك أنها ستصيب مضمون هذا الشعور الجميل الذي لا يخلو منه قلب وفي كل المستويات الإجتماعية. من اللافت للنظر وفيه غرابة، هؤلاء الذين يتغنون بالحب مع أن بلادنا العربية ومنذ سنين طويلة وهي مسرح للحروب والنكسات والثورات التي أتت على الكثير من المنجزات الهامة التي كادت بوادرها تثمر خيرا. وفد يرى البعض أن الحياة يجب أن تسير بهذا أو بدونه وليكن الحب عنوانا لفنوننا العربية في هذه المعمعة!؟ لا نختلف.. بل نتساءل عن وقع أثر العمل الفني إن كان صوتا أو لحنا أو كلمة بـُنيَ عليها الأولان في نفس أمة مرهقة تحاول النهوض وتستعيد أنفاسها وقوتها ،إلا إذا إنطبق عليه قول ابو الطيب المتنبي : " لا تحسبوا رقصي بينكم طربا : فالطير يرقص مذبوحا من الألم" أو أنها أمة ما عادت تفرق بين معاني الحياة السامية وتشابكت القيم الرفيعة مع الوضيعة أو مسها شطط أخرجها عن كل القيم النبيلة التي تميزها؟ ولا نقبل هنا من يقول: إن طول المعاناة والتعايش مع الحروب والأزمات قد جعلها فريسة ليأس لا نعرف متى يمكنها التخلص منه. المتفائلون هم الأكثر قدرة على التعايش مع أي صورة من الحب وسط هذه االحروب التي تتناحر فيها الأمم في صراع محموم بلا حساب لمشاعر الإنسان النبيلة. فالحب والحرب نقيضان لا يلتقيان إلا أن يتغلب أحدهما على الآخر..فإما محبة في الأرض ويتفشى السلام، وإما خراب تخلفه الحرب ويعم الدمار !

11 مارس 2015


2015-03-12