الثلاثاء 21/10/1445 هـ الموافق 30/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في الصندوق ....بدوي الدقادوسي

 أخذ.تْ نفسا عميقا ، خرجت سحابة الدخان عبأت المكان ، تأملتُها كفلاح يشاهد مالم يألف ، فتاة عشرينية استعانت بكم ضخم من المساحيق و شيء هزيل من الملابس ، عيناها الزائغتان تبحثان عن فتى عله يشتري بضاعتها الراكدة ، صياد ينظر للطاولة المقابلة والتي يجلس عليها شباب يتبادلون النكات ، لعل صيد يسقط في الشرك ، تنافسها فتيات كلهن يبتهلن إلى الله ألا يعدن خاليات، تابعت شاشة العرض الضخمة ، الزعيم يقسم : أنه سيقطع يد كل من سولت له نفسه أن يسرق قوت الشعب ، يهمس أحدهم في أذن الجالس بجواره: لو قطع الزعيم يد اللصوص كيف سيصفق له أنصاره ؟ هل حقا سيجف النيل ؟ سأل أحدهم رفيقه ؟ وهل هناك فرق بين جفافه وجريانه ؟ فالسلع كلها واحد سواء من انتاجنا أو مستوردة تخضع لمعيار الدولار وشرا العبد ولا ربايته ومتحلمش حلمك القديم إن ولادك يعيشوا كويس ، كويس انكوا عايشين ، مازال الزعيم يخطب والتصفيق يدوي والهتافات تتصاعد ورجال الحزب في معركة مع خاطفي الكراتين وكل من يخرج بكرتونة يهتف بكل عزمه يعيش الزعيم ، الساعة تجاوزت الواحدة صباحا سأسمع موشح كل يوم ، أدرت المفتاح بالباب ، مشيت على أطراف أقدامي ، رفعت عيني فاصطدمت بالقابعة على الأريكة .

- مالك تتسحب كاللصوص . - خشيت ازعاجك .

- ومستعجل ليه ، كنت بات بره . جلست صامتا ، مرت دقيقة وهي تتأملني، نظرتُ للشاشة الإعصار يبتلع المدينة ، شعور بالحسد!

لماذا لم يأت إلينا هذا الإعصار ؟ هذا هو اليوم السادس الذي يأكل الاولاد فيه مكرونة بصلصة، قالتها وهي تتأملني ، أنظر نحو الأرض التي عليها قدماي، لماذا لم يأتينا الإعصار أو زلزال ؟ لماذا لا تنظر نحوي وترد ؟ أسمعك جيدا وماذا تنتظرين ؟ ظلام دامس غطى البيت ، من اخترع العدادات مسبقة الدفع يهودي مرابي ابن زنا .

- هرولت نحو البقالة بآخر مائة جنيه ، أخرجتها بحسرة ، أخرج الشاب الفاتورة ، قال العجوز الواقف بجواري وهو ينظر للمائة جنيه : الاسم مائة جنية والوظيفة جنيه ، ضحك الشاب ناولني الفاتورة ، شحنت العداد وأنا أصرخ : المرتب مش هيكفي شحن كهربا ، مازال الزعيم يخطب والتصفيق حار وحرب الكراتين تزداد اشتعالا .

2023-09-27