الأربعاء 2/6/1446 هـ الموافق 04/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الكتابة في زمن الحرب....جبر جميل شعث

عن الكتابة في زمن الحرب لا يستهدف العدوان الحالي المستمر غزة وحدها، بل يستهدف الكل الفلسطيني والإنسان الفلسطيني بما يشكل من فعل مقاوم بكل أشكال المقاومة ومنها النضال بالكلمة. ونحن في ذلك لسنا استثناءً؛ إذ إن الكلمة والفعل الثقافي الرافد كانا حاضرين لدى كل الشعوب التي ناضلت من أجل حريتها وانتزاع حقوقها وكان مثقفوها يشكلون جبهة أخرى للقتال عبر الكلمة وعلى سبيل المثال نذكر هنا الحركة الثقافية التي رافقت الثورة الجزائرية والتي حاربت المستعمر الفرنسي بلغته وكذلك حدث مع الفيتناميين في ثورتهم ضد أميركا ومع الفرنسيين أنفسهم ابان الاحتلال النازي لباريس.

ولكن يبقى النضال بالكلمة والفكر وبالثقافة عمومًا بمفهومها التوعوي العميق هو ما يميز النضال الفلسطيني الذي اتخذ منذ البدء شعاره الدال: “بالدم نكتب لفلسطين”، وظل هذا الشعار واقعًا مؤثرًا عبر كل محطات وجولات النضال الوطني الفلسطيني ومنها العدوان الحالي على فلسطين عامة وعلى غزة خاصة. والمبدع في زمن الحرب يتخلى مؤقتاً عن صفته، ويلتحم مع الجماهير المعتدى عليها والتي هو واحد منها ومعرض مثلها للقصف والموت في أية لحظة.

في زمن الحرب يكف المبدع عن اصطناع المجاز، فالوقت وقت حقيقة واللحظة لحظة إنسانية بامتياز تثير تساؤلات حول قيمة حياة الإنسان وتغول العدو الذي يتصرف بكل وحشية وهمجية وبربرية وكأنه خارج مدار الإنسانية كلها وهو في ذلك يمتلك تفويضاً مفتوحاً للإمعان في القتل والتدمير من العالم الذي يدعي الذود عن حقوق الإنسان ويتمسح بالتحضر المنزوع من الأخلاق. في وقت الحرب أنا إنسان عادي مثل كل الناس، أخاف وأبكي وأنتظر لحظة الحقيقة، لحظة الموت المحيط بنا من الجهات الأربع… في هذا الوقت أنسى الشعر والنثر والنقد وحتى مجرد القراءة وأهجس فقط بسؤال: هل سأكون حياً بعد دقيقة، ساعة، يوم؟ والكتابة في وقت الحرب والعدوان؛ الكتابة من قلب الحدث فضلاً عن أنها قد تكون ,غالبا ,غير ذي قيمة فنية، فإنها أيضاً قد تعدّ ترفاً ليس في موضعه.

2024-03-03